اندفاعات شمسية فائقة من مستويات تسبب الفناء تضرب الكوكب الصالح لنشوء الحياة بروكسيما بي

رسم تخيلي يظهر كيف يمكن أن يبدو بروكسيما بي، وهو كوكب يدور حول النجم الأقرب إلى شمسنا.


مصدر الصورة : ESO.


أدى اكتشاف كوكب حول النجم الأقرب إلى شمسنا إلى زيادة الآمال باحتمال وجود حياة حول جار الشمس الأقرب، إلا أن الباحثين وجدوا الآن أن هذا العالم قد يتعرض إلى اندفاعات أو توهجات كبيرة ناتجة عن نجمه، وهي هائلة لدرجة قد تسبب انقراض أي حياة قد توجد على الكوكب.

وفي آب/أغسطس، اكتشف العلماء وجود عالم غريب حول نجم بروكسيما سنتوري (القنطور القريب) Proxima Centauri، وهو نجم قزم أحمر أقل لمعانًا من الشمس بـ 600 مرة تقريبًا ويقع على بعد 4.2 سنة ضوئية من نظامنا الشمسي الذي تقع به الأرض، وأُطلق على الكوكب اسم بروكسيما بي Proxima B، الذي قد يكون صخريًا وبحجم يماثل حجم الأرض، وكذلك يقع في المنطقة الصالحة لنشوء الحياة حول نجمه، وهي منطقة حول النجم تكون ذات حرارة كافية بحيث يمكن أن يتواجد الماء السائل على سطح الكوكب.

 

ومادام وجود الحياة عمليًا على الأرض هو حيث يوجد الماء، فإن موقع هذا الكوكب في المنطقة الصالحة لنشوء الحياة، يزيد من فرصة كون بروكسيما بي، هو موطن للحياة كما هي معروفة على الأرض.

ومع ذلك، من المحتمل أن يتطلب استمرار الحياة أكثر من الدفء والمياه، فقد اكتشف بحث سابق أن العديد من الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية معرضة لاندفاعات (انفجارات أو توهجات) شديدة من نجومها المضيفة، والتي يمكن أن تفوق تلك المُشاهدة من الشمس حتى الآن بآلاف الأضعاف، ويمكن لهذه الاندفاعات النجمية الكبيرة أن تزيل الحياة عن الكواكب، وبخاصة تلك القريبة من شموسها كبروكسيما بي الذي يدور حول نجم القنطور الأقرب على بعدٍ يشكل عُشر المسافة بين عطارد والشمس.

ولمعرفة ماهي تأثيرات الاندفاعات النجمية أو التوهجات على الكواكب خارج مجموعتنا الشمسية، أجرت ديميترا آتري Dimitra Atri عالمة أبحاث في معهد بلو ماربل لعلوم الفضاء في سياتل، عمليات محاكاة حاسوبية لتحدد نماذج تفاعلات أغلفة الكواكب الجوية مع البروتونات المنطلقة أثناء الاندفاعات.

 

وتضمنت عمليات المحاكاة تلك مجالًا واسعًا من شدات الاندفاعات، وسماكات الأغلفة الجوية للكواكب، وبعد المدارات عن النجوم، وقوة الحقول المغناطيسية للكواكب، وهي كل العوامل التي يمكن أن تؤثر على مقدار الإشعاع الذي يمكن أن يتلقاه سطح الكوكب.

ووجدت آتري أنه في حال كان الغلاف الجوي لبروكسيما بي ومجاله المغناطيسي كمثيليهما للأرض، فلن يكون لهذه الاندفاعات تأثير ملحوظ على المحيط الحيوي للكوكب. إلا أنه في حال كان الغلاف الجوي لبروكسيما بي أقل سماكة بقليل، او مجاله المغناطيسي أضعف بكثير، فإن هذا العالم الغريب من المحتمل أن يتلقى جرعات إشعاعية ذات (مستويات مسببة للفناء) من الاندفاعات كما اكتشفت آتري.

وتقول آتري لموقع space.com: "سأقول إنه من السابق لأوانه أن ندعو بروكسيما بي مكانًا صالحًا لنشوء الحياة، فهناك العديد من العوامل التي ستحدد فيما إذا كان بإمكان كوكب كهذا أن يدعم وجود محيط حيوي، وستساعد المزيد من البيانات على توضيح الوضع".

واكتشف بحث آخر أن النجوم القزمة الحمراء كنجم القنطور الأقرب، والتي تدعى أيضًا بالنجوم M، تشكل نسبة تصل حتى 70% من نسبة النجوم في الكون، الأمر الذي يجعل منها أماكن أساسية محتملة للبحث عن الحياة. ولأن النجوم M نجوم خافتة، فإن المناطق الصالحة لنشوء الحياة حول النجوم القزمة الحمراء تقع على مقربة من هذه النجوم الباردة، وغالبًا هي مسافة أقل من تلك التي بين الشمس وعطارد، وتشير هذه النتائج إلى أن الاندفاعات الفائقة من الممكن أن تشكل تهديدًا للحياة ضمن العوالم الواقعة في مناطق القزم الأحمر الصالحة لنشوء الحياة.

وتضيف آتري: "إليكم كيف أفكر بالأمر، الطقس في فوكوشيما (اليابان) الآن ذو درجة حرارة بحدود الخمسين فهرنهايت (ما يقارب 13 درجة سيلزيوس)، وهو بارد قليلًا إلا أنها درجة حرارة جيدة لقضاء الوقت هناك".

 

وهي تشير بذلك إلى موقع كارثة معمل الطاقة النووية في عام 2011، وتضيف: "ومع ذلك، فإن الجرعة الإشعاعية هناك مرتفعة جدًا، الأمر الذي يجعل من العيش هناك أمرًا خطيرًا جدًا، ويصح الأمر ذاته بالنسبة للكواكب الصالحة لنشوء الحياة حول النجوم فقد تكون ذات درجة حرارة مثالية، إلا أن الاندفاعات النجمية ستؤدي إلى جرعات إشعاعية عالية على فترات منتظمة".

وتتابع: "أحد الجوانب الهامة لهذا العمل هو إلقاء الضوء على الأهمية الكبيرة لوجود مجال مغناطيسي كبير للكوكب وغلاف جوي حاجب بشكل جيد، فبوجود هذين العاملين لن يكون لأشد الاندفاعات النجمية تأثير كبير على المحيط الحيوي البدائي".

إلا أن آتري أشارت إلى اكتشاف الأبحاث السابقة أن بعض الكائنات الدقيقة على الأرضية يمكنها مقاومة الجرعات الإشعاعية العالية جدًا، وبأن الحياة في عوالم أخرى قد تكون مقاومة للإشعاعات.

وتقول: "أعمل مع بعض الخبراء لإعادة إنتاج مثل هذه الجرعات الإشعاعية العالية في المختبر لنرى كيفية استجابة كائنات دقيقة مختلفة لهذه المقادير، أعتقد أن ذلك سيخبرنا المزيد عن إمكانية الحياة على كواكب كبروكسيما بي".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات