يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
نظام ينتج الطاقة من تقلبات درجات الحرارة

جهاز اختبار الفريق، والذي نُصِّب على سقف مبنى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا لعدة أشهر، لإثبات المبدأ الكامن وراء مفهومهم الجديد لجمع الطاقة. جهاز الاختبار هو الصندوق الأسود إلى يمين الصورة، وراء نظام مراقبة الطقس (الأبيض)، ومجموعة من معدات الاختبار لمراقبة أداء الجهاز (الحقيبة البلاستيكية السوداء إلى اليسار). حقوق الصورة: Justin Raymond 

جهاز جديد يستطيع امتصاص الطاقة من الدورة اليومية لتغيرات الحرارة، لتشغيل أنظمة الاتصال والمستشعرات المتحكَّم بها عن بعد.

كانت الأجهزة الإلكتروحرارية، وهي الأجهزة التي بإمكانها توليد الطاقة عندما تكون درجة حرارة أحد جانبي الجهاز مختلفةً عنها بالجانب الآخر، موضوع الكثير من البحوث في السنوات الأخيرة. الآن، ابتكر فريقٌ من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT طريقةً جديدةً لتحويل تقلبات درجات الحرارة إلى طاقةٍ كهربائيةٍ. وبدلًا من الحاجة إلى مدخلين (منبعين) مختلفين لدرجة الحرارة في نفس الوقت، يستفيد النظام الجديد من التقلبات في درجة الحرارة المحيطية التي تحدث أثناء دورة النهار والليل.
 

يقول الباحثون بأنه بإمكان النظام الجديد، الذي يُطلَق عليه اسم المرنان الحراري (كاشف الموجات) Thermal resonator، إتاحة التشغيل المستمر لسنواتٍ طويلةٍ لأنظمة الاستشعار عن بُعد على سبيل المثال، دون الحاجة إلى مصادر طاقة أو بطاريات أخرى.
 

نُشرت النتائج في مجلة نايتشر كميونيكايشنز Nature Communications، في ورقةٍ بحثيةٍ من قبل بحث لـ طالب الدراسات العليا أنطون كوتريل Anton Cottrill، و أستاذ الطالب كاربون بي دوبس Carbon P. Dubbs في مادة الهندسة الكيميائية الأستاذ مايكل سترانو Michael Strano، وسبعةٍ آخرين في قسم الهندسة الكيميائية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
 

يقول سترانو: "اخترعنا هذا المفهوم من العدم (دون أيّ أساسٍ أو واقعةٍ ملاحَظةٍ مسبقًا)". ويضيف: "قد قمنا ببناء أول مرنان حراريٍّ. إنه شيءٌ يمكنه توليد الطاقة عند وضعه على المكتب لا غير، نحن محاطون بتقلبات درجات الحرارة ذات تردداتٍ مختلفةٍ طوال الوقت، وهذا مصدرٌ غير مستغَلٍ للطاقة". وحيث إن مستويات الطاقة التي يولدها النظام الجديد (المرنان الحراري) متواضعةٌ حتى الآن، لكن ميزته إنه لا يحتاج إلى أشعة الشمس المباشرة. فهو يولد الطاقة من التغيرات في درجات الحرارة المحيطة، حتى لو كان في الظل.
 

وهذا يعني أنه لا يتأثر بالتغيرات على المدى القصير في الغطاء السحابي أو ظروف الرياح أو الظروف البيئية الأخرى، ويمكنه التواجد في أيّ مكانِ ملائمٍ، حتى لو كان تحت لوحةٍ شمسيةٍ أو في ظلٍ دائمٍ، حيث يمكن أن تصبح الألواح الشمسية أكثر كفاءةً من خلال استغلال الحرارة المحيطة بها، كما يقول الباحثون.
 

وفقًا لكوتريل، فقد تبين أن المرنان الحراري يتفوق على أقرانه من المعدات الكهرو حرارية التجارية ذات الحجم المماثل، طريقة مستخدمة لتحويل تقلبات درجات الحرارة إلى الكهرباء، بمعامل أكثر من ثلاثة بناءً على الطاقة الناتجة لكلّ وحدة مساحة. وقد أدرك الباحثون بأنه لإنتاج الطاقة من دورات درجة الحرارة، فإنهم بحاجة إلى مواد قابلةٍ للتوافق مع خاصيةٍ ليست معروفةً على نطاقٍ واسعٍ ألا وهي خاصية معامل اختراق الحرارة (الانبجاسية الحرارية ؟؟) Effusivity، وهي خاصية تصف مدى قابلية المواد لاكتساب الحرارة من محيطها أو إطلاقها.
 

تجمع هاته الأخيرة بين خصائص التوصيل الحراري (مدى سرعة انتشار الحرارة خلال المواد)، والقدرة الحرارية (مقدار الحرارة التي يمكن تخزينها في حجم معين من المواد)، والعلاقة بينهما عكسيةٌ في معظم المواد، فإذا كانت واحدةٌ من هذه الخصائص عاليةً، فالأخرى تميل إلى أن تكون منخفضةً، فللخزف، على سبيل المثال، قدرةٌ حراريةٌ عاليةٌ ولكن خاصية التوصيل لديه منخفضةٌ.
 

أنشأ الفريق مجموعةً مصممةً بعنايةٍ من المواد للتغلب على هذه المشكلة. البنية الأساسية عبارةٌ عن رغوةٍ معدنيةٍ مصنوعةٍ من النحاس أو النيكل، مغلفةٍ بطبقةٍ من الجرافين لتوفير توصيلٍ حراريٍّ أكبر. بعدها، تُنقَع الرغوة مع نوعٍ من الشمع يُسمّى أوكتاديكين Octadicane، وهو مادةٌ لتغيير المرحلة بحيث تغير بين الحالة الصلبة والسائلة ضمن نطاقٍ معينٍ من درجات الحرارة المختارة لتطبيقٍ معينٍ.
 

أظهرت عينةٌ من المواد التي شُكِّلت لاختبار هذا المفهوم أنّ عينةً صغيرةً من هذه المواد تنتج 350 ميلي فولت من الجهد و1.3 ميلي واط من القدرة كاستجابةٍ لفارق 10 درجاتٍ مئويةٍ في درجة الحرارة بين الليل والنهار، وهذا كافٍ لتغذية أجهزة استشعارٍ بيئيةٍ صغيرةٍ أو أنظمة اتصالاتٍ صغيرةٍ. ويقول كوتريل، الباحث الرئيسي للدراسة في هذا الصدد: "تُخزَّن الحرارةُ من طرف مواد تغيير المرحلة، ويتيح الجرافين توصيلًا سريعًا جدًّا عندما يحين الوقت لاستخدام تلك الحرارة لإنتاج تيار كهربائي".

يشرح سترانو بشكلٍ أساسيٍّ بأن جانبًا من الجهاز يلتقط الحرارة، ثم يشعّها (يحولها إلى إشعاع يمر) ببطءٍ عبر الجانب الآخر. يبقى جانبٌ دائمًا متخلفًا عن الجانب الآخر خلال سعي النظام الوصول إلى التوازن. بعدها، يمكن جمع هذا الفرق الدائم بين الجانبين من خلال الأنظمة الإلكتروحرارية التقليدية. ويضيف سترانو: إن المزيج من المواد الثلاث، الرغوة المعدنية، والجرافين، والأوكتاديكين، يجعله "أعلى مواد " الانبجاسية الحرارية" في التاريخ البحثي حتى الآن".

في حين أن الاختبار الأولي قد أُجري باستخدام دورةٍ يوميةٍ على مدار 24 ساعةً من درجة حرارة الهواء المحيط، فإن تعزيز خصائص المادة (خليط المواد تلك) قد يمكّننا من حصاد أنواعٍ أخرى من دورات درجة الحرارة، مثل الحرارة الناتجة عن تشغيل وإطفاء المحركات في الثلاجات، أو الآلات في المنشآت الصناعية. يقول سترانو: "نحن محاطون بالتغيرات والتقلبات في درجة الحرارة، ولكن لم تُميَّز جيّدًا في البيئة. ويرجع ذلك جزئيًا إلى عدم وجود طريقةٍ معروفةٍ لتسخيرها.

وقد استُخدمت مقارباتٌ أخرى في محاولةٍ لإنتاج الطاقة من الدورات الحرارية، كأجهزة الشحن الكهرو حرارية على سبيل المثال، ولكن النظام الجديد، بحسب الباحثين، هو الأول الذي يمكن ضبطه للاستجابة لفتراتٍ محددةٍ من تغيرات درجة الحرارة، مثل دورة النهار.

يقول كوتريل: "إن هذه الاختلافات في درجات الحرارة هي طاقةٌ غير مستغلةٌ، ويمكن أن تكون مصدرًا للطاقة التكميلية في نظامٍ هجينٍ يمكنه متابعة العمل، من خلال الجمع بين مساراتٍ متعددةٍ لإنتاج الطاقة، حتى لو فشلت مكوناته الفردية". وقد مُوّل البحث جزئيًا عبر منحةٍ من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتكنولوجيا في المملكة العربية السعودية، والتي تأمل في استخدام هذا النظام كوسيلةٍ لتشغيل شبكات أجهزة الاستشعار التي ترصد الظروف في حقول النفط والغاز على سبيل المثال.

يقول كوتريل معقبًا على ذلك: "إنهم يريدون مصادر طاقةٍ متعامدةٍ (متوازية)، تلك التي تكون مستقلةً تمامًا عن بعضها البعض، مثل مولدات الوقود الأحفوري، والألواح الشمسية، وجهاز دورة الطاقة الحرارية الجديد هذا. وهكذا، فإذا فشل مصدر طاقةٍ واحدٌ، على سبيل المثال إذا تركت عاصفةٌ رمليةٌ الألواحَ الشمسية في الظلام، سيكون لديك هذه الآلية الإضافية لإعطاء الطاقة، حتى لو كان ذلك كافيًا فقط لإرسال رسالة طوارئ".

ويقول فولوديمير كومان Volodymyr Koman، وهو باحثٌ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤلفٌ مشاركٌ في الدراسة الجديدة بأن هذه الأنظمة يمكنها أيضًا توفير مصادر منخفضة الطاقة ولكن طويلة الأمد للركاب أو المستكشفين الذين يستكشفون المواقع النائية، بما في ذلك الأقمار والكواكب الأخرى. ويمكن أن يكون جزءٌ كبيرٌ من النظام، بالنسبة لهذه الاستخدامات، من المواد المحلية بدلًا من التي تُصنع خصيصًا لهذا الغرض.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات