تلسكوب مخصص من أجل البحث عن الغبار الذي قد تتشكل داخله أراضٍ أخرى

أنهى مقياس التداخل الموجود في التلسكوب ذو الفتحتين الكبير (LBTI)، الذي تُموله ناسا، دراسته الأولى للغبار الموجود في "منطقة الحياة" حول نجم ما، الأمر الذي يفتح باب جديد في مجال إيجاد الكواكب المشابهة للأرض. الغبار عبارة عن منتجات جانبية لعملية التشكل الكوكبي، لكن قد يؤدي وجود كمية زائدة منه إلى حجب رؤيتنا للكواكب.

ستساعد الاكتشافات على تصميم المهمات الفضائية المستقبلية، المخصصة لالتقاط صور للكواكب المشابهة للأرض، والمعروفة باسم الأراضي الخارجية (exo-Earths).

يقول فيل هينز (Phil Hinz)، الباحث الرئيسي في مشروع LBTI من جامعة أريزونا-توكسون، مشيراً إلى المهمة صائدة الكواكب "كبلر" الفضائية التابعة لناسا، التي حددت أكثر من 4000 مرشح كوكبي حول نجوم أخرى: "يُخبرنا كبلر عن مدى شيوع الكواكب المشابهة للأرض. نُريد الآن اكتشاف مقدار الغبار الموجود في البيئات الكوكبية، ومقدار ما يؤدي إليه من حجب؛ كما أننا نُريد معرفة مدى صعوبة تصوير الكواكب".

ستستخلص الأداة الجديدة الموجودة في مرصد التلسكوب ذو الفتحتين الكبير على قمة غراهام في الجنوب الشرقي لأريزونا، أفضل صور الأشعة تحت الحمراء للمنطقة السكنية المحيطة بنجم ما –وهي المنطقة التي يُمكن فيها للماء (العنصر الأساسي من أجل تكون الحياة التي نعرفها) الوجود بشكله السائل وفي أحواض فوق سطح الكوكب. تقع الأرض في منطقة الحياة المحيطة بالشمس، وبالتالي فهي تمتلك سطحاً مليء بالمحيطات.

يُريد العلماء التقاط صور للأراضي الخارجية وتقسيم ضوئها إلى ألوان قوس قزح، وبعدها يتم عرض هذه الألوان في رسومات تُعرف بالأطياف، التي تكشف عن أدلة كيميائية تُخبرنا فيما إذا كان ذلك الكوكب قادر على احتضان الحياة. لكن يُمكن للغبار الناتج عن التصادم بين الكويكبات والمذنبات المتبخرة، أن يتغلب على الضوء الضعيف الصادر عن الكوكب، مما يجعل من إجراء هذه المهمة أمراً صعباً للغاية.

يقول دينيس دوفرير (Denis Defrère) من جامعة أريزونا وهو المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة التي ظهرت في عدد 14 يناير من مجلة الفيزياء الفلكية: "تخيل أنك تقوم بالنظر إلى يراعات مضيئة حول منارة في كندا وأنت موجود في أريزونا. الآن تخيل مقدار كمية الضباب الموجودة على طول الطريق؛ الضباب في هذه المسألة مشابه للغبار النجمي، ونحن نريد تحييد النجوم والضباب و إزالتهم من قائمة أهدافنا من أجل القيام بدراسة أعمق".

كان لناسا مشروع سابق له الهدف نفسه المتمثل في تحييد الغبار من المشهد –يُعرف هذا المشروع بمقياس كيك للتداخل؛ وقد قدّم أخبار جيدة لصائدي الكواكب: لا يبدو أن كل النجوم التي قاموا برصدها غبارية. يقوم LBTI بنقل البحث خطوة إلى الأمام، فهو قادر وبدقة أكبر على إجراء إحصاء دقيق لكمية الغبار المحيطة بالنجوم. سيكون هذا المقياس أكثر حساسية بعشر مرات من مقياس كيك للتداخل، وهو مصمم بشكلٍ خاص من أجل تعقب المنطقة الداخلية للنجوم –بقعتها الجميلة أو "منطقة الحياة".

تذكر الدراسة الجديدة المُشاهدات الاختبارية الأولى لـ LBTI للغبار النجمي، حيث تمت هذه المُشاهدات حول نجم مشابه للشمس وناضج يُعرف بإيتا كورفي (eta Corvi) وهو مشهور بأنه غباري بشكلٍ استثنائي، و وفقاً للفريق العلمي، فهذا النجم غباري أكثر بحوالي 10000 مرة من نظامنا الشمسي؛ ومن المرجح أن يكون ذلك ناتج عن تصادم حصل مؤخراً بين أجسام كوكبية موجودة في المناطق الداخلية من النظام.

يؤدي الغبار الفائض في ذلك النظام إلى تقديم موقع جيد للتلسكوب من أجل القيام بتمرين مهارات الكشف عن الغبار الخاصة به.

تُوضح النتائج أن التلسكوب يعمل كما تم التخطيط له، لكن الأمر قاد إلى مفاجأة أيضاً: فالغبار الذي تم رصده كان أقرب إلى النجم مما كان متوقع في السابق، فهو يقع بين النجم ومنطقة الحياة الخاصة به. قدر في السابق تلسكوب سبيتزر الفضائي التابع لناسا أن ذلك الغبار أبعد واعتمد في تقديره على نماذج حجم حبيبات الغبار.

يقول هينز: "بوجود LBTI، يُمكننا في الواقع النظر إلى مكان الغبار. هذا النجم ليس من بين المرشحين الجيدين لإجراء عملية تصوير مباشر للكواكب، لكنه يُبرهن على المجال الذي يُجيد LBTI العمل عليه: نقوم الآن بالتعرف على هندسة الأنظمة الكوكبية بطريقة لم يتم القيام بها سابقاً".

سيبدأ LBTI العمليات العلمية الرسمية في هذا الربيع، وسيعمل لمدة ثلاثة أعوام على الأقل. يتجسد أحد أهداف المشروع في إيجاد النجوم، التي تمتلك كميات من الغبار أقل بعشر مرات من تلك الموجودة في نظامنا الشمسي، إذ يُوجد بين هذه النجوم مرشحين جيدين من أجل إجراء عملية تصوير الكواكب.

موَّلت وكالة ناسا مشروع LBTI، وتتم إدارته من قبل مختبر الدفع النفاث في باسادينا-كاليفورنيا لصالح مكتب برنامج استكشاف الكواكب الخارجية التابع لناسا، ويُشغل من قبل جامعة أريزونا. يتم تشغيل وإدارة مرصد التلسكوب الكبير ذو الفتحتين من قبل فريق دولي يضم معاهد من الولايات المتحدة، وإيطاليا، وألمانيا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات