يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ساعة بصرية في الفضاء للمرة الأولى!

أعلن باحثون عن نتائج أول ساعة بصرية على الإطلاق تحلق في الفضاء. وفي هذا المشهد نرى الأرض من الصاروخ البحثيّ والذي تتواجد على متنه الساعة البصرية مُظهرًا انفصال المعزّز النهائي، حينما بدأت الساعة في دخول مدار الجاذبية الصغرى. حقوق الصورة: Airbus Defense & Space GmbH

اختبر باحثون تكنولوجيا الساعة البصرية optical clock في الفضاء لأول مرةٍ، مؤكدين أن التكنولوجيا الدقيقة للغاية قد تجد لها سبيلًا إلى التطبيقات الفضائية.

بإمكان الساعات البصرية تجزئة الوقت على نحوٍ أدق من الساعات الأخرى السابقة، وفي الفضاء، يمكنها أن تكون ذات نفعٍ كنقاطٍ مرجعيةٍ لنظام تحديد المواقع العالمي GPS، وتنظيم الأقمار الصناعية، إضافةً إلى سبر نواحي الفيزياء الأساسية.

وقد صمدت تكنولوجيا الساعة ذات مشط التردد frequency-comb عالي الدقة أمام دوي إطلاق الصاروخ وظلّت متدليةً لِستِ دقائق في الفضاء على متن منصة وكالة الفضاء الألمانية لأبحاث الجاذبية الصغرى قبل عودتها إلى الأرض.

تحافظ الساعات البصرية الأكثر تطورًا على الوقت بدقةٍ شديدةٍ عما تفعله الساعات الذرية atomic clocks التي تحدد الثانية رسميًا، للثانية المقبلة في غضون عشرة مليارات سنة. على أيّ حالٍ، فالآلية التي تمكِّنهم من العمل غير مجديةٍ وهشةٍ للغاية على أن تُستخدم في الفضاء. لذلك، اختبر العمل الجديد إذا ما أمكن أجهزة الساعة البصرية النجاة خلال رحلتها.

يقول ماتَياس ليزيوس Matthias Lezius لموقع Space.com، وهو باحثٌ في شركة مينلو للأنظمة Menlo Systems GmbH في ألمانيا والمؤلف الأول لهذه الورقة: "لماذا نفعل ذلك على متن صاروخ أو في مجال الجاذبية الصغرى؟ إننا نفعل ذلك سعيًا لإيجاد طُرقٍ لتوصيل الساعات فائقة الدقة إلى الفضاء، حيث يمكن استخدامها كمرجعياتٍ". ويضيف قائلًا: "على سبيل المثال، نفعل ذلك أيضًا لأجل أنظمة الملاحة العالمية المستقبلية، وعلم القياس الدقيق، والقياسات بعيدة المدى".

حدث ذلك الانطلاق التاريخي في أبريل/نيسان عام 2015، وقد نُشرت الورقة بنتائجها المُفصّلة يوم الثلاثاء 17 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017 في مجلة Optica.

تعمل كلا الساعتين البصرية والذرية من خلال قياس الذرات أثناء تذبذبها جيئةً وذهابًا بعد تعريضها للإشعاع، قافزةً من إحدى حالات الطاقة إلى أخرى والعودة ثانيةً. تعمل الساعات البصرية عند أكثر الترددات علوًا، وهي الضوء المرئي بدلًا من الموجات الميكروية، ومن ثم تكون "تكات" الساعات البصرية أسرع بكثيرٍ من الساعات الذرية. ويقول ليزيوس وآخرون: "يُنتِج التردد الممشط ضوء الليزر تحديدًا عند ملايين من الأطوال الموجية المتباينة، كأنه مُعدّ لترجمة ذلك التذبذب لتردداتٍ يمكن قياسها إلكترونيًا".

كيف يمكن بناء أدق ساعة ذرية؟ 


 


 

يقول ليزيوس: "يتحسن أداء الساعات البصرية وأمشاط التردد نتيجة التطورات الملحوظة في بناء أقوى الليزرات والقابلة للتنقل، إلى جانب التطورات في التحليل الطيفي الليزري".

قلَّص فريق ليزيوس حجم مشط التردد وقاموا بحفظه في واقٍ من السليكون المطاطي من أجل رحلته. كان الهدف من هذه التجربة الاستثنائية، بالإضافة لإثبات قابلية تطبيق واستخدام مشط التردد في الفضاء، هو اكتشاف حدود النسبية العامة، والنقطة التي تؤثر عندها الجاذبية في العمليات الداخلية للذرة. كما يعقد البحث مقارنةً بين وقت الساعة الذرية، التي تعمل عند أدنى الترددات، ووقت الساعة البصرية، ووجِدَ أنه لا يوجد اختلافٌ بين كليهما. ويقول ليزيوس: "لم تصل التجربة إلى مستوى الدقة المرغوب فيه، ولكن خطط الباحثون لإعادة إطلاقها مع ساعةٍ مرجعيةٍ أكثر دقةً إلى جانب إجراء بعض التعديلات الأخرى. إضافة إلى ذلك، سوف يتمكنون من العمل على تقليل وزن مشط التردد الذي يبلغ 44 رطلًا (20 كيلو جرام)".

يذكر ليزيوس، قائلًا: "هناك دائمًا طريقةً ما لجعلها أصغر". ويضيف قائلًا: "إنها فقط الانطلاقة الأولى، ونحن نقوم بالفعل ببناء أداةٍ أصغر حجمًا، وستكون لدينا رحلةٌ أخرى من المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2018". يقول ممثلون عن الجمعية البصرية، التي تنتج مجلة Optica، في تصريحٍ رسميٍّ: "إن الرحلة الجديدة ستترك المشط Comb في ظروفٍ خاليةٍ من الهواء وإضافةً إلى ذلك ستكون محميةً بوساطة الإشعاع".

ومع تطور التكنولوجيا، فإنها ستكون أكثر فائدةً لنظام تحديد المواقع العالمي GPS عالي الدقة، والملاحة عبر الأقمار الصناعية وقياسات الجاذبية (وحتى الموجات الثقالية) في الفضاء، كما يمكن أيضًا استخدام مشط التردد ذاته لقياس ثاني أكسيد الكربون بدقةٍ في الغلاف الجوي والصفات المميزة للكواكب التي تدور حول نجومٍ بعيدةٍ عبر قياس الضوء القادم نحونا.

يقول ليزيوس: "نعتقد أنه ليس بشيءٍ بعيد المنال، أن تلك الساعات ستكون مؤهلةً فضائيًا للتحليق على متن الأقمار الصناعية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات