جديد: التفاصيل الدقيقة للديناميكا اللونية الكمومية

الكواركات والكواركات المضادة: هي وحدات بناء صغيرة جداً للمادة، وتجتمع معاً لتكون بروتونات ونيوترونات في عملية تفسرها الديناميكا اللونية الكمومية (quantum chromodynamics)، والتي تعرف اختصارا بـ (QCD).

وبحسب الديناميكا اللونية الكمومية (quantum chromodynamics)، تمتلك الكواركات واحدة من ثلاثة شحنات تسمح لها بالارتباط في عدة تراكيب، مثل الميزونات (mesons)، وهي جسيمات تتألف من كوارك والكوارك المضاد له. وتقوم الجسيمات الحاملة للقوة المعروفة بالغلونات (gluons) بربط الكواركات معاً عن طريق تبادل وتوسيط القوة الشديدة (strong force)، وهي إحدى القوى الأربع الأساسية. هذه البنية هي أساس كل المادة في الكون، و لكن لا تزال طريقة عمل الديناميكا اللونية الكمومية (quantum chromodynamics) مجهولة في الكثير من النواحي.


البرهان الأول لتحديد رنين قناة مقترنة مباشرة من الديناميكا اللونية الكمومية (QCD) . تُظهر النتائج سعات التشتت العددي للقناة لكل من πK و  ηK ​ في حسابات في للديناميكا اللونية الكمومية الشبكية (LQCD).
البرهان الأول لتحديد رنين قناة مقترنة مباشرة من الديناميكا اللونية الكمومية (QCD) . تُظهر النتائج سعات التشتت العددي للقناة لكل من πK و ηK ​ في حسابات في للديناميكا اللونية الكمومية الشبكية (LQCD).

يبحث العلماء حالياً عن وجود ميزونات لا تتلاءم مع الأنماط التقليدية، فإذا وُجد ميزون يزن أكثر مما هو متوقع، يجب أن يكون هناك شيء ما يحدث، ففي النهاية واحد زائد واحد لايمكن أن يساوي ثلاثة، ويُسمي العلماء هذه الجسيمات الافتراضية بالميزونات الغريبة (exotic mesons)، ويعتقدون أن الغلونات تلعب دوراً مهماً في بنيتها؛ ولطالما تم التنبؤ نظرياً بوجود هذه الميزونات الغريبة لكن لم يتم رصدها بعد في المختبر، أو التنبؤ بها بدقة اعتماداً على المبادئ الأولية.

يأمل روبرت إدورادز (Robert Edwards) بتغيير ذلك، وهو باحث و كبير العاملين في مختبر جيفرسون (Jefferson Laboratory) المعروف اختصارا بـ (JLab) التابع لوزارة الطاقة الأمريكية (DOE) ، وهو أيضاً الباحث الرئيسي في مجموعة منشأة أوك ريدج للريادة الحاسوبية Oak Ridge Leadership Computing Facility (OLCF) وهي منشأة تابعة لمكتب العلوم في وزارة الطاقة الأمريكية الموجود في مختبر أوك ريدج الوطني.

وعلى مدار سنوات عديدة، استخدم فريق إدواردز الحاسوبين الفائقين جاغوار (Jaguar) وتايتان (Titan) التابعين لـ (OLCF) لرسم تراكيب مختلفة من الجسيمات.

في العام الماضي، قدمت مهمة "تحدي الحوسبة الريادية (ALCC)" التابعة لمنظمة بحوث الحوسبة العلمية المتقدمة Advanced) Scientific Computing Research) أو (ASCR) منحة للفريق لتشغيل حسابات في الديناميكا اللونية الكمومية الشبكية (lattice quantum chromodynamics )، المعروفة اختصاراً بـ (LQCD)، والتي تستطيع أن تحلل بدقة التفاعل بين الكواركات والغلونات في الفراغ عبر كل من المكان والزمان.

تسلق التلة



يقول إدواردز: " يمكن تشبيه الأمر بضرب كرة بيلياردو في منطقة جبلية للوصول من نقطة ألف إلى نقطة باء، وإعادة الحسابات في لحظات مختلفة على مناطق مختلفة من هذه المنطقة الجبيلة" . ويُشير إلى أن جوانب التلال تمثل التقلبات في حقول الغلونات. ويُضيف: " هذه هي التكوينات المختلفة لحقول الغلونات، وهذه اللقطات هي ما أنتجناه في آخر حسابات أجريت باستخدام جاغوار وتايتان."


ركّز مشروع (ALCC) الخاص بالفريق على إطلاق الكواركات عبر حقل الغلونات وتحليل كيفية تأثر مواقعها في الزمكان من قبل التكوينات المختلفة،ولم يستطع الفريق الاستفادة من الطرق الرياضية التقليدية بسبب الخصائص الفريدة للديناميكا اللونية الكمومية.

يقول جاك ويلز ( Jack Wells) المدير العلمي لـOLCF: "لا خيارات أخرى عدا محاولة حل كل شيء عددياً، فأنت تقوم بكتابة نظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات و تقول: حسناً، هذا ما سنضعه على الحاسوب،وبهذه الطريقة تضع الزمكان على الحاسوب." ويكمل: " تكمن الفكرة في تمثيل الزمكان على شكل شبكة من النقاط، وإذا حددنا أن تكون الشبكة كبيرة والمسافة بين الشبكات صغيرة، عندها سنحصل على الجواب الصحيح."

تستخدم حسابات الديناميكا اللونية الكمومية الشبكية عينات إحصائية بنفس الطريقة التي تستخدمها استطلاعات الرأي لمعرفة من سيفوز في الانتخابات، وليس مطلوبٌ منك أن تقابل كل شخص لأخذ رأيه، وإنما أن يكون لديك عينة كبيرة بشكل كافٍ حتى تكون لديك ثقة بالنتيجة؛ وكلما كبرت العينة، عكست الواقع بشكل أفضل.

انصب تركيز الفريق خلال السنوات السابقة على زيادة حجم هذه اللقطات. ونتيجة لذلك، أصبحت الشبكة التي يتم تمثيل الغلونات عليها كبيرة جداً، وأنهى الفريق عمله على شبكة بحجم (40^3 ‘256). وهذا يعني 40 موقعاً في كل من الاتجاهات المكانية الثلاثة، و256 موقعاً في الاتجاه الزماني، والمجمل هو 16 مليون موقع.

يأمل الباحثون أن هذا المستوى الأكبر من الواقعية سيسمح لهم بأن يكونوا أول من يتنبأ بالميزونات الغريبة حسب المبادئ الأولية، وسيُعطي بحثهم رؤى أفضل عن كيفية ارتباط الكواركات والغلونات لتشكيل مثل هذه الحالات، وسيزيد من فهمنا للقوة الشديدة الأساسية.

انتهى مشروع ALCC الخاص بإدورادز في 30 يونيو/حزيران وقد تم إنجاز جميع المهام الحسابية المقترحة، واستخدم المشروع 350 مليون ساعة على تايتان، وهذا الرقم هو أكبر استخدام سنوي لموارد OLCF من قبل مشروع حتى الآن.

 الدخول إلى (JLab )



و هناك هدف إضافي للفريق وهو إعطاء أسس نظرية لكاشف غلو-إكس( GlueX) ، وهو كاشف فيزياء نووية للفوتونات تبلغ قيمته 50 مليون دولار، وموجود في القاعدة دي (Hall D) الجديدة في مختبر (JLab).

قال إدواردز أن كاشف غلو-إكس ( GlueX) سيحاول الإجابة على سؤالين أساسين تجريبياً. ويكمل : "أولاً، هل توجد هذه الميزونات الغريبة أصلاً؟ هذا سؤال أساسي. وثانياً، كيف يمكن رصدها تجريبياً؟ وللإجابة عن ذلك، عليك أن تعرف كيف تضمحل هذه الميزونات الغريبة، لأنها تتواجد لمدة قصيرة من الزمن."

كان من الصعب على الباحثين رصد هذه الجسيمات تجريبياً لأنهم لا يستطيعون مراقبة الأجزاء الفردية- الكواركات والكواركات المضادة، والغلونات- لوحدها. فعلى عكس القوى الأساسية الأخرى مثل الجاذبية، فإن القوة الشديدة تزداد مع المسافة، فإذا حاولت أن تسحب الجسيمات الأولية بعيداً عن بعضها البعض، ستتكسر الحقول التي تربطها معاً في النهاية، وسيتم إنتاج زوج جديد من الكوارك والكوارك المضاد من الفراغ.

وبسبب هذه الظاهرة االمعروفة باسم الحجز (confinement)، على العلماء النظر إلى تركيب الميزونات والجسيمات الأولية الأخرى بطريقة ملتوية. في مسرع الالكترونات، تُطلق الفوتونات نحو بروتون مستهدف-يشبّه إدواردز الحدث بـ"الجرس المضروب بقوة"-\ الذي يبدأ بالرنين وإرسال الاهتزازات، أو الرنين- وعندما يضمحل الرنين يتحلل إلى جزيئات أخرى يتم الكشف عنها من قبل كواشف مثل غلو-إكس. ويحاول علماء الفيزياء النووية في JLab بعد ذلك عكس هندسة هذه الجسيمات لتحديد ما هي الحالة الأولية.

يأمل فريق إدورادز أن يساعد في إنجاز معايرة أفضل لهذه التجارب الفيزيائية عن طريق تحديد طيف طاقة الرنين الغريب بالإضافة إلى التنبؤ بماهية خصائص هذه الميزونات الغريبة حتى يكون لدى الباحثين في JLab فكرة أفضل عن المكان الذي يجب أن يبحثوا فيه عن هذه الميزونات.

يقول إدواردز: "لا أحب استخدام كلمة "اختراق" كثيراً، لكن هذا التخصيص من قبل ALCC سمح بتحقيق اختراقات متقدمة بالنسبة لنا. بدأ السباق الآن، وبدأ غلو-إكس بأخذ قياسات وسيصبح في طور الإنتاج الكامل في الخريف".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات