تشير الصور العائدة إلى وكالة الفضاء الأوربية من بعثة روزيتا Rosetta أنه خلال معظم رحلاتها الأخيرة عبر النظام الشمسي الداخلي، إلى أن سطح المذنب شوريوموف-جيراسمينكو 67p كان منطقة شديدة الفعالية –يعج بالصدوع المتنامية، والجرف المتداعية والصخور المتدحرجة العملاقة. وتدفن المواد المتحركة بعض المعالم على سطح المذنب في حين تخرج بعضها. ونشرت دراسة حول السطح المتغير للمذنب 67p في 21 آذار/مارس في مجلة العلوم Science.
ويقول رامي المعري Ramy El-Maary الذي يقود الدراسة وعضو فريق روزيتا العلمي في الولايات المتحدة من جامعة كولورادو، بولدر: "حين تقترب المذنبات من الشمس، تزداد سرعتها وتبدي تغيرات غريبة على سطحها، وهذا الأمر لم نكن قادرين على تقديره عملياً قبل بعثة روزيتا، والتي أعطتنا فرصة النظر إلى المذنب بدقة عالية جداً لأكثر من يومين."
تدور معظم المذنبات حول شمسنا في مدارات بيضاوية الشكل جداً، الأمر الذي يؤدي إلى قضاءها معظم وقتها في المناطق شديدة البرودة من النظام الشمسي الخارجي. وحين يقترب المذنب من النظام الشمسي الداخلي، تبدأ الشمس بتسخين الجليد على سطح المذنب وبالقرب منه. وحين يسخن الجليد بشكل كاف يغدو بإمكانه التصعد بسرعة (وهو التحول المباشر من الحالة الصلبة إلى الحالة الغازية).
ويمكن لعملية التصعد هذه أن تحدث بدرجات متغيرة من حيث الشدة والمجال الزمني مسببة تغير السطح بسرعة. وبين آب/أغسطس 2014 وأيلول/سبتمبر 2016، دارت روزيتا حول المذنب 67p أثناء جولته في النظام الشمسي الداخلي.

ويضيف المعري: "لقد شاهدنا انهيار جرف عملاقة وتشققاً كبيراً في عنق المذنب وهي تغدو أكبر فأكبر. واكتشفنا أن بإمكان صخرة لها حجم شاحنة كبيرة أن تتحرك عبر سطح المذنب لمسافة تقدر بـ 1.5 ضعف طول ملعب كرة القدم."
وفي حالة الصخرة، رصدت كاميرا روزيتا صخرة فضائية تزن 130 مليون كيلوغرام وبعرض 30 متراً وهي تتحرك 140 متراً من موقعها الأصلي على مركز المذنب. ومن المحتمل أن تكون حركة الصخرة الفضائية نتيجة أحداث لانفجارات خارجية عدة اكتُشِفت بالقرب من موقعها الأصلي.

ويسبب تسخينُ المذنب 67p تسارعَ معدلِ دوران المذنب، ويُعتقد بأن تزايد معدل دوران المذنب في طريقه نحو الحضيض قد يكون مسؤولاً عن صدع بطول 500 متر شُوهد في آب/أغسطس 2014 والذي يمر عبر عنق المذنب. وقد وجد أن الصدع -والذي يمتد في الأصل لمسافة أكبر من ارتفاع بناء الإمبايرستايت- قد ازداد عرضه نحو 30 مترا بحلول كانون الأول/ديسمبر 2014. وعلاوة على ذلك، وفي الصور التي التُقطت في تموز/يونيو 2016 ، حُدد صدع جديد بطول (150-300مترا) موازٍ للصدع الأصلي.

ويقول المعري:" كان الصدع الكبير في عنق المذنب -وهو جزء مركزي صغير يصل فصي المذنب، وكان الصدع يتوسع مشيرا إلى أن المذنب قد ينقسم يوماً ما."
ويعطينا فهم كيفية تغير المذنبات وتطورها بمرور الوقت رؤىً هامة حول أنماط الجليد ووفرتها في المذنبات، وكم من الوقت بإمكان المذنبات البقاء في النظام الشمسي الداخلي قبل أن تفقد كل جليدها لتصبح كرات من الغبار، على حد قول المعري، الذي يتابع فيقول: "يساعدنا هذا على فهم أفضل للظروف المبكرة في النظام الشمسي، ومن الممكن أيضاً أن يقدم لنا فهما أفضل عن كيفية بدء الحياة."
وتجدر الإشارة إلى أن المذنبات هي كبسولات تحتوي على مواد أولية متبقية من العصر الذي تشكلت فيه الشمس وكواكبها. وكانت روزيتا هي المركبة الفضائية الأولى التي شهدت عن قرب كيف يتغير مذنب حين يتعرض إلى كثافة متزايدة من الإشعاع الشمسي. وستساعد عمليات الرصد العلماء على معرفة المزيد عن منشأ نظامنا الشمسي وتطوره وفيما إذا كانت المذنبات هي التي أتت بالماء اللازم لدوام الحياة والجزيئات العضوية إلى الأرض.