أودت الحرب الأهلية في سوريا بحياة أكثر من 400.000 شخص تقريباً وتسببت في نزوح أكثر من 10 ملايين شخص. ولم يقتصر تأثير الحرب على تدمير الشعب والمواقع الأثرية فحسب، وإنما أدّت أيضا إلى جفاف البيئة وتغييرها.
بحيث أظهر الباحثون انخفاض الرّي الزراعي- مساحة الأرض التي يسقيها المزارعين- وخزانات المياه في المنطقة بنسبة تقارب 50% مقارنة بما كانت عليه في بداية الحرب. ولهذا تأثير كبير جداً يمكن رؤيته من الفضاء.
واستطاع فريق من جامعة ستانفورد في كاليفورنيا باستخدام صور الأقمار الصناعية المعالَجة بواسطة محرك غوغل ايرث google earth إظهار كيفية تبديد خزانات المياه عام 2012 بعد بضعة أشهر فقط من بدء الحرب مقارنة بعام 2015.
في الصورة أدناه بإمكاننا رؤية نطاق تغطية الزراعة المروية (باللون الأخضر) في المنطقة قبل وأثناء الحرب، حيث يظهر انخفاض النشاط الزراعي بشكل ملحوظ.
ويقدّر الباحثون تقلص الأراضي المروية بنسبة 47 بالمئة وتناقص خزانات المياه بنسبة 49 بالمئة. وقال ستيفن غوريليك Steven Gorelick أحد الباحثين في الفريق: "تغيرت الممارسات الإدارية للمياه في سوريا وقد بدا هذا الشيء واضحاً من الفضاء".
وأضاف : "أدت الأزمة السورية إلى انخفاض الأراضي الزراعية في جنوب سوريا، وانخفاض الطلب على مياه الري وإلى تغيير جذري في طريقة إدارة خزانات المياه السورية". ونظر الفريق تحديداً في الخزانات الإحدى عشر في حوض نهر اليرموك-الأردن الخاضعة للسيطرة السورية والتي توفر إمدادات مهمة للمياه لكل من سوريا واسرائيل (فلسطين المحتلة) والأردن.
حدثت الكثير من النزاعات الشديدة حول العديد من هذه الخزانات أثناء الصراع، وغالباً ما تدار إمدادات المياه التي انتهى بها المطاف تحت سيطرة المتمردين بشكل سيء، وهذا يعني استنزاف المياه بطريقة غير مستدامة. ولمعرفة مدى تأثير هذا كله قرر الفريق استخدام صور الأقمار الصناعية للحصول على نظرة من الأعلى.
قال جيم يون Jim Yoon أحد الباحثين في الفريق: "كان الحصول على بيانات من أرض الواقع في سوريا أكبر تحدّ وشبه مستحيل بالنسبة لنا". وقد استخدم الفريق صوراً للجانب الأردني من حوض نهر اليرموك لمقارنة شكل المنطقة في حالة عدم الحرب. وكان بمقدورهم إظهار استنزاف الخزانات في سوريا بنسبة 49%.
أجريت الكثير من الأبحاث عن إمكانية حدوث صراع نتيجة تغير في المناخ، ولكنّ هذه أولى الدراسات التي تظهر وبشكل موثوق أضرار الصراع على البيئة. وقال مارك مولر Marc Muller رئيس الباحثين: "إنها المرة الأولى التي نقوم فيها بتحليل الاستشعار عن بعد على نطاق واسع في منطقة حرب، لنثبت فعلاً وجود علاقة سببية بين الصراع والموارد المائية".
إنّ إحدى الآثار الجانبية المثيرة للاهتمام لانخفاض استخدام المياه والري في سوريا هي تدفق المياه إلى الأردن من حوض اليرموك أكثر بثلاث مرات مقارنة بما كانت عليه قبل الحرب. تبدو هذه أخباراً سعيدة للأردن البلد الفقير بالمياه، إلى أن نأخذ بعين الاعتبار أنّ أكثر من 1.3 مليون لاجئ سوري قد لجأ إليها منذ بدء الصراع، مما يضع المزيد من الضغوطات على المنطقة.
وقال غوريليك: "إنها أنباء جيدة نوعاً ما بالنسبة للأردن ولكنها ليست مكافأة كبيرة مقارنة بما تخلّت عنه الاْردن وضحت به من أجل اللاجئين". وتابع: "حتى فيما يتعلق بتوفير المياه للاجئين، هذا التدفق عبر الحدود ليس تعويضاً".
أعربت منظمات إنسانية في أيلول/سبتمبر من العام الفائت عن قلقهم إزاء تدهور أمن المياه في سوريا، وحذّرت من أنّ هذا قد يثير الأمراض ويزيد من الهجرة.