ما زلنا نجهل الكثير عن المادة المظلمة، حتى إننا لسنا متأكدين إذا ما كانت موجودة حقا، ولكنّ العلماء افترضوا لسنوات أن قرصاً ضخماً من مادة غامضة يعبر مجرتنا. والآن، وبفضل الحسابات الجديدة، فإن هذا الافتراض يحظى بالمزيد من الاهتمام.
تشير دراسة جديدة إلى أن العلماء قد فحصوا دليلاً هاماً في حساباتهم وهو أن قرص المادة المظلمة الافتراضي قد يتمكّن من إفساح المجال لنفسه داخل مجرتنا. وإذا كان هذا القرص كما اقترح الباحثون قادراً على الضغط باتجاه داخل الأنواع الأخرى من المادة مثل النجوم، والغاز والغبار، فإنه من المرجح أن يكون مكوناً من المادة المظلمة.
اقترحت الفيزيائية ليزا راندال Lisa Randall من جامعة هارفرد نظريتها حول القرص المظلم في عام 2013. وكان عالم الفلك الهولندي جان أورت Jan Oort قد طرح الفكرة لأول مرة عام 1932، بعد رصد الحركة غير الطبيعية للنجوم في مجرتنا، وهذا ما قامت راندل بإزالة الغموض عنه. ولكن ، وبحسب تصريح ناتالي فولكوفر Natalie Wolchover لـ Wired، فإنّ هذه الفكرة تبدو مثيرة للجدل، ولها معارضون أكثر ممن يدعمونها.
يتوفّر بحث راندال الجديد الذي أعدّته بمشاركة خريج هارفرد إيريك كرامر Eric Kramer على الانترنت على موقع arXiv.org، وتم قبوله للنشر في مجلة The Astrophysical Journal.
يفسر الثنائي أنّ الكتلة الكلية المرئية في درب التبانة تقدر من خلال استنتاج كثافة المستوى الناصف (أي الخط الذي يقطع منتصف المجرة) وبناء على ذلك فإذا تواجد القرص المظلم فإنّ من الممكن أن يدفع المادة خارجه في المستوي الناصف، وعندها تكون حساباتنا السابقة غير دقيقة.
وهو ما يعني أن وجود القرص يبدو ممكناً وربما مرجحاً قليلاً، وذلك بالاعتماد على نوع التحليل المستخدم. إنّ حقيقة عدم بحث العلماء عن قرص يمكن أن يتداخل مع المادة بهذه الطريقة هي السبب في أن أياً من الدراسات السابقة لم تجد دليلاً عليه، كما قال كرامر لفولكوفر. ويشير خبراء آخرون قاموا باختبار الأرقام إلى أنه ليس هناك مجال كافٍ للخطأ يدفعنا للاستغناء عن فكرة وجود قرص المادة المظلمة.
يقول عالم الفيزياء الفلكية جو بوفي Jo Bovy من جامعة تورونتو، كندا: "إنها مقيدة بشكل أقوى مما تدّعي ليزا راندال". وعلى الرغم من أن بوفي لم يكن مشاركاً في البحث الجديد، إلا أنه قام بقياساته الخاصة، وهو يعتقد أنه حتى مع وجود ضغط في مكان ما ، فإن القرص لا يشكل سوى ما نسبته 2% من المادة المظلمة التي يقدر وجودها في المجرة، وهذا يترك الكثير من المادة المظلمة الموجودة غير المفسرة.
قد نعرف قريباً الإجابة الصحيحة بطريقة أو بأخربفضل مرصد جايا الفضائي the Gaia space observatory؛ إذ إنه يقوم حالياً بمسح جديد لمجرة درب التبانة، مما سيعطينا حسابات أكثر دقة لسرعة وتموضع أكثر من مليار نجم.
إنّ صعوبة فهم المادة المظلمة تكمنُ في حقيقة أننا لا نستطيع رؤيتها، ويمكننا فقط أن نخمّن وجودها من خلال مراقبة تأثيرها على عناصر أخرى في الكون.
إذا كان قرص المادة المظلمة موجوداً فعلاً كما اقترحت راندال وكرامر، فإنّ هذا يبين أن المادة المظلمة قادرةعلى طرح الطاقة، مما يعني أنها أكثر تعقيداً مما تخيلنا سابقاً.
لا يسعنا الانتظار لرؤية ما قد يصنعه الباحثون الآخرون من الفرضية الأخيرة. ما هو مؤكد -في ضوء قلة ما نعلمه عن المادة المادة المظلمة- هو أنْ لا أحد ينبغي له أن يقصي أي فرضية بعد.
يقول عالم الفيزياء الفلكية الذي لم يكن مشاركاً في الدراسة جيمس بولوك James Bullock من جامعة كاليفورينا، ارفين، لـ Wired: "أعتقد أنّ من المفيد جداً لمجالنا وجود أناس يفكرون بكل شيء، لأنه على الرغم من أننا لا نعلم ماهية المادة المظلمة، إلا أن علينا ان نكون منفتحي الذهن بشأن ذلك".