حلقة تلقيم راجع مميتة بين الدماغ والأمعاء... جميعهم مرتبطون

التاريخ: 7 ديسمبر/كانون الأول 2017.


لو عانى أحدهم من إحدى أذيات الدماغ الرضية فلن تقتصر المشكلة على الدماغ فقط، حيث اتضح أن العواقب قد تؤثر بشكل غير اعتيادي على جزء آخر بعيد من الجسم، ألا وهو الأمعاء الغليظة lower intestine.

وقد احتار الباحثون منذ فترة طويلة بِصِلَة الوصل التي تربط هذين النظامين المتميزين بوضوح، لكنهم يشكّون الآن بعلاقة قد تجعل القولون يسرب الجراثيم إلى الدم، محولًا الضرر الدماغي الطفيف إلى عدوى مميتة.


فقد قاد فريق من الباحثين من كلية الطب بجامعة ميريلاند University of Maryland School of Medicine (اختصارًا UMSOM) في الولايات المتحدة دراسة عن إصابات الدماغ الرضية Traumatic Brain Injurien/TBI التي قد تزيد من نفاذية القولون، مما قد يفتح الطريق أمام الجراثيم المعوية للانسياب إلى الدورة الدموية.


ويقول آلان فادن Alan Faden، وهو الباحث الرئيسي في الدراسة ومدير مركز أبحاث الصدمة والرضوض وعلم التخدير في USMOM: "تشير هذه النتائج إلى تفاعلات قوية ثنائية الاتجاه بين الدماغ والأمعاء، والتي قد تساعد في تفسير زيادة حالات العدوى الجهازية بعد الرضوض الدماغية والسماح بنهج علاجية جديدة".
 

وحيث يُعتبر إنتان الدم أيضًا مشكلةً كبيرة لدى المرضى الذين يعانون من أذيات الدماغ الرضية، حتى أولئك الذين بقيوا على قيد الحياة في السنة الأولى ما زالوا أكثر عرضة للموت بمرتين ونصف بسبب مشاكل في الجهاز الهضمي. لهذا يبدو أن شيئًا ما يحدث بين أنسجة المخ المتأذية والأمعاء. وللبحث عن أدلة، فحص الفريق عيناتٍ لأنسجةٍ مأخوذةٍ من الجهاز الهضمي لفئران تعرضت لأذيات قشرية مفتعلة وذلك بعد يومٍ واحدٍ من الإصابة وكذلك بعد 28 يومًا.


ووجد الباحثون أن أذية الدماغ مرتبطة بتغيّرات واضحة في القولون، وهي اختلافات كانت واضحة بعد شهر، وشملت هذه التغيّرات سماكة في الأنسجة المخاطية والعضلات الملساء، بالإضافة إلى زيادة في نفوذية السوائل.


وبتعريض الفئران المصابة لجرثوم معوي عند القوارض يدعى Citrobacter rodentium أساء للالتهاب المحيط بإصابتهم الدماغية الرضية، وسبب تغييرات كبيرة في أجزاء أخرى من الدماغ. وتشير النتائج إلى أن الأمعاء المُسرِّبة التي تسببها أذيات الدماغ الرضية يمكن أن تزيد من خطر إدخال الجراثيم مما يزيد الإصابة سوءًا، كطريق مميت باتجاهين، وهذا ما بدأنا للتو بفهمه. وما زال الغموض يحيط بالآلية الدقيقة لكيفية تثخن القولون وزيادة نفوذيته بعد الأذيات الدماغية.
 

وإحدى الفرضيات تركز على الخلايا الدبقية Glial cells، وهي خلايا تدعم الخلايا العصبية في كل من الدماغ وحول الأمعاء، فربما تنبه الإشارات التي تستجيب للرضوض الدماغية كلًا من الخلايا الدبقية النجمية في الدماغ والخلايا الدبقية المعوية المحيطة بالقولون.


يقول فادن: "تؤكد هذه النتائج حقًا أهمية الاتصالات ثنائية الاتجاه الدماغية- المعوية على الآثار طويلة الأجل للأذيات الدماغية الرضية". وبذلك، فلا بد من القيام بمزيد من العمل بلا شك. وبالنظر إلى أن النموذج الحالي مستند على الفئران، فنحن بحاجة أيضًا للأخذ بعين الاعتبار وجود الاختلافات الفيزيولوجية المحتملة بينها وبين البشر. ولكن هذه النتيجة هي ملاحظة مثيرة للاهتمام، فهي تضاف إلى فهمنا المتزايد لكيفية ارتباط هذين النظامين ارتباطًا وثيقًا.
 

وقد أظهرت الدراسات الحديثة أيضًا وجود علاقة بين السكتات الدماغية والجراثيم في الجهاز الهضمي، وكذلك بين الجراثيم المعوية والأمراض العصبية مثل داء باركنسون.


كما توجد مسافة واضحة بين نهاية الجزء المفرِّغ السفلي من الأمعاء والحاشية العلوية من الجسم ألا وهي الدماغ. ولكن كلما تعلمنا المزيد عن كيفية عملهما معًا عن كثب أمكننا تفادي عواقب كارثية عندما ننجح بفك ذلك الارتباط.
 

نُشِر البحث في دورية Brain, Behaviour, and Immunity.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات