أدلة جديدة حول عدم قدرة الأطفال المتوحدين على التقليد والتعاطف

أظهرت دراسة تصويرية جديدة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس UCLA، أن الاعتلالات في قدرة الأطفال المتوحدين على التقليد والتعاطف ترتبط باختلال وظيفيّ في نظام العصبونات المرآتية في الدماغ the brain's mirror-neuron system، واختصارًا (MNS).

شرح علماء جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وجود علاقةٍ واضحة بين عدم قدرة الطفل على تقليد التعبيرات على وجوه أناسٍ آخرين ونقص نشاط جهاز العصبونات المرآتية، وذلك في البحث الذى سيُعرض في الرابع من مايو/آيار في الاجتماع الدوليّ السنويّ لأبحاث التوحد في سياتل the annual International Meeting for Autism Research in Seattle.

تعمل العصبونات المرآتية عندما يؤدي الشخص عملًا بوجود هدفٍ ما في عقله، وتعمل أيضًا عندما يشاهد الشخص شخصًا آخر يؤدي الفعل نفسه، ويؤمن علماء الأعصاب أن هذا الانعكاس المرآتيّ هو الآلية التي يتم بها فهم أفعال ونوايا ومشاعر الآخرين تلقائيًا.

لا يستطيع الأفراد المصابون بالتوحد autism الاعتماد على هذا الجهاز لقراءة أدمغة الآخرين، وتتضمن أعراض التوحد درجاتٍ متفاوتة من صعوبة التفاعل الاجتماعيّ، ويتضمن ذلك التواصلَ اللفظي وغير اللفظي والتقليد والتعاطف، وتدعم هذه النتائج مجموعةُ الأدلة المتزايدة، والتي تشير إلى انهيار جهاز العصبونات المرآتية كآليةٍ مسؤولة عن هذه الأعراض.

قالت ميريلا دابريتو Mirella Dapretto: "تدعم هذه النتائج فكرة أن الاختلال الكائن في جهاز العصبونات المرآتية قد يكمن وراءه الاضطرابات في التقليد والتعاطف مع مشاعر الآخرين، وهو ما نجده في التوحد عادةً". كما قالت: "تقدِّم نتائجنا مع بياناتٍ حديثة أخرى دعمًا لنظرية العصبونات المرآتية للتوحد"، ميريلا دابريتو هي الأستاذة المساعدة للطب النفسي والعلوم السلوكية الحيوية في معهد سميل لعلوم الأعصاب والسلوك الإنساني بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس the Semel Institute for Neuroscience and Human Behavior at UCLA، وكلية ديفيد جيفين للطب بجامعة كاليفورنيا في لوس انجلوس David Geffen School of Medicine at UCLA، وستيفاني كوكس Stephany Cox هي باحثةٌ مساعدة في معمل دابريتو، وهما الباحثتان الرئيستان في هذه الدراسة.

استُخدم الرنين المغناطيسيّ الوظيفي في البحث (functional magnetic resonance imaging fMRI)، وذلك لقياس نشاط العصبونات المرآتية في 12 طفلًا متوحدًا عالي الأداء، وذلك بينما شاهدوا وقلدوا وجوهًا تمثل عدة تعبيراتٍ حسية مثل الغضب أو الخوف أو السعادة أو الحزن، قِيس سلوك التقليد لدى الأطفال المتوحدين قبل الرنين المغناطيسي الوظيفي، وذلك باستخدام نتائج من مقابلة تشخيص التوحد (the Autism Diagnostic Interview ADI-Revised)، وهي وسيلة تُستخدم على نطاقٍ واسع لتقييم أعراض التوحد، وقُيّم السلوك التعاطفي لدى الأطفال باستخدام نسخةٍ معدلة للأطفال من مؤشر التفاعلية بين الأشخاص (the Interpersonal Reactivity Index IRI)، وهو مقياس اعتُمد سابقًا والذي يقيم 4 وجوهٍ مختلفة للتعاطف.

وجد الباحثون أن المستوى الدماغي في مناطق الانعكاس المرآتي كان متعلقًا بميل الأطفال لتقليد الآخرين عفويًّا وللتعاطف معهم أيضًا، وذلك موافقٌ لما كان متوقعًا لدى الباحثين، كما وُجدت خصيصًا علاقاتٌ سلبية جلية بين شدة الأعراض على عناصر التقليد في مقابلة تشخيص التوحد والنشاط في المنطقة المرآتية الموجودة بالتلفيف الجبهي السفلي الأيمن للدماغ the brain's right inferior frontal gyrus، ولوحظت بالإضافة لذلك علاقاتٌ إيجابية بين النتائج الكلية للأطفال، في مقياس التعاطف والنشاط بالمنطقة المرآتية، ومنطقتين مهمتين في الدماغ متعلقتين بفهم المشاعر والتعاطف وهما اللوزة amygdala، والجزيرة insula.

وقالت كوكس: "كلما زاد الأطفال الذين يميلون لتقليد السلوكيات الاجتماعية تلقائيًا، أو يتعاطفون مع مِحن الآخرين، زاد النشاط الدماغي الذي نراه في الجزء الأمامي من جهاز العصبونات المرآتية بالتلفيف الجبهي السفلي الأيمن للدماغ، وعلى النقيض من ذلك، فكلما زادت الاعتلالات في هذه المناطق، قلّ النشاط في هذه المناطق الدماغية المرآتية".

وقالت: "تدل هذه النتائج بنحوٍ هام على أن الاضطرابات في جهاز العصبونات المرآتية قد يؤثر بشكلٍ سلبيّ على سلوك التقليد"، كما قالت: "وقد يؤدي ذلك بالمقابل إلى سلسلةٍ متتابعة من النتائج السلبية على تطور جوانب هامة من الإدراك الاجتماعي والسلوكي لدى الأطفال المتوحدين".
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات