مِسبار تحت الجليد يستشعر البرد مع أسماك المعرض المائي

طُوِّر المِسبار القابل للطفو لاستكشاف ما تحت الجليد في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا، وتم اختباره في مركز كاليفورنيا للعلوم في لوس أنجلوس، وذلك في الفترة الواقعة ما بين 22 و24 يونيو/حزيران 2015. يظهر في هذه الصورة الباحث الرئيسي آندي كليش.

المصدر: NASA/JPL-Caltech.



ارتعشت مجموعة من أسراب سمك السردين بسبب ورقة أعشاب بحرية عملاقة تمايلت ذهاباً وإياباً في مركز كاليفورنيا للعلوم في لوس أنجلوس يوم الإثنين 22 يونيو/حزيران. في قاع هذا الخزان المائي الذي تبلغ سعته 188 ألف غالون، تظهر سمكة غاريبالدي (garibaldi fish) لامعة برتقالية اللون، وكأنها تتجاهل زائراً جديداً قادماً لعالم العجائب المائي: الجسم الفضي لمُستكشِف تحت الجليد.

جسم مِسبار تحت الجليد يجمع البيانات، بما في ذلك الصور، خلال وجوده في مركز كاليفورنيا للعلوم في الفترة ما بين 22 و24 يونيو/حزيران 2015. يخطط الباحثون لنقل هذا المِسبار في نهاية المطاف إلى منطقة القطب الشمالي أو القطب الجنوبي لاختباره تحت الجليد. المصدر: NASA/JPL-Caltech.
جسم مِسبار تحت الجليد يجمع البيانات، بما في ذلك الصور، خلال وجوده في مركز كاليفورنيا للعلوم في الفترة ما بين 22 و24 يونيو/حزيران 2015. يخطط الباحثون لنقل هذا المِسبار في نهاية المطاف إلى منطقة القطب الشمالي أو القطب الجنوبي لاختباره تحت الجليد. المصدر: NASA/JPL-Caltech.

لقد ساعد هذا المُستكشِف، الذي ينخفض لمسافة 24 قدماً (7.3 متر) تحت الماء في مركز العلوم، الباحثين من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا-كاليفورنيا، خلال هذا الأسبوع على اختبار أنظمة المِسبار المبتكرة. كان آندي كليش Andy Klesh في يوم الاثنين مرشداً لزوار المِسبار والأسماك من حوله، وهو الباحث الرئيسي للمِسبار في مختبر الدفع النفاث، والغواص المتطوع في مركز العلوم.


مع تدفق الفقاعات من قناع الوجه، يوضح كليش أن المِسبار العائم يمكن استخدامه هنا على الأرض لدراسة منطقتي القطب الشمالي والقطب الجنوبي. يتصور الباحثون أن تكنولوجيا كهذه بإمكانها أن تستكشف الأجسام الجليدية في النظام الشمسي، وحتى البحث عن علامات السكن والحياة.


قال كليش: "الكثير مما نقوم به في الفضاء السحيق ينطبق على المحيط"، وأضاف: "هذا نموذج أولي من المركبات التي بإمكانها في يومٍ من الأيام الذهاب إلى أوروبا تابع المشتري والأجسام الكوكبية الأُخرى، التي تحتوي على محيطٍ سائل مغطى بالجليد. إنها مثالية للسفر تحت قشرة الجليد في عالمٍ جليدي".


يختبر الباحثون أنظمة مِسبار تحت الجليد في قاع معرض مائي كبير في مركز كاليفورنيا للعلوم. الباحث الرئيسي آندي كليش هو أيضاً غواص متطوع في مركز العلوم. المصدر: NASA/JPL-Caltech.
يختبر الباحثون أنظمة مِسبار تحت الجليد في قاع معرض مائي كبير في مركز كاليفورنيا للعلوم. الباحث الرئيسي آندي كليش هو أيضاً غواص متطوع في مركز العلوم. المصدر: NASA/JPL-Caltech.

دُعيت هذه الأداة مبدئياً بالمِسبار العائم لاستكشاف ما تحت الجليد (Buoyant Rover for Under-Ice Exploration) أو اختصاراً BRUIE. بإمكان هذا المِسبار أن يطفو بشكلٍ طبيعي كما يمتلك عجلات، وبإمكان عجلاته أن تتدحرج على طول الجانب السفلي من الجليد وكأن الجليد هو الأرض. كما يمكن للمِسبار لدى تشغيله تحت الماء أن يلتقط صوراً، وأن يجمع البيانات لمساعدة العلماء على فهم أهمية الترابط بين الماء والجليد.

يقول كيفن هاند Kevin Hand الباحث المشارك في المِسبار وأحد المختصين في العلوم الكوكبية بمختبر الدفع النفاث: "يهدف عملنا لبناء جسر بين استكشاف البيئات القاسية في محيطنا، واستكشاف المحيطات البعيدة التي يُحتمل وجود الحياة فيها في مكان آخر في النظام الشمسي". يُعتبر كلٌ من دان بيرسيفورد Dan Berisford، وجون لايكتي John Leichty، وجوش سكولكرافت Josh Schoolcraft، من مختبر الدفع النفاث من الباحثين المساعدين في المشروع.

تمثَّلت النسخة الأولى من هذا المِسبار في عربةٍ مكونةٍ من عجلتين أخذها الفريق إلى منطقة بارو في ألاسكا عام 2012. وبعد أن قام الفريق بعمل حفرةٍ في الجليد، قاموا بوضع المِسبار تحت الماء دون أي تقييد، وقام المهندسون بالتحكُّم بالمِسبار عن بُعد لدى عودتهم إلى مختبر الدفع النفاث.

وعن ذلك يقول كليش: "هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التحكم بمِسبار تحت الجليد بالكامل عبر الأقمار الصناعية".

تعتبر النسخة الجديدة أكثر طولاً، وتمتلك جسماً أكثر سماكةً، وهي مصممة لأعماق محيطات تصل إلى 700 قدم (200 متر). يحتوي الجسم المركزي على أجهزة كمبيوتر، وأجهزة استشعار، ومعدات اتصال. 


على كلٍ من جانبي القسم المركزي توجد "حجرة" تحتوي على أجهزة استشعار، وأضواء، وكاميرا، وبطاريات، وأدوات، واثنين من المحركات، وتُعتبر البرمجيات التي تم تزويد هذا المِسبار بها شبيهة بتلك التي اُستخدمت في بعثة المريخ المسماة (Cube One)، وهذه البعثة الأخيرة تتألف من اثنين من الأقمار الصناعية المُصغّرة التي تسمى "كيوبسات" (CubeSats) التي تُستخدم للاتصال بالتناوب، والتي ستنطلق في مهمة "المريخ إنسايت" (InSight Mars) عام 2016.

يعمل الباحثون حالياً على زيادة التحكُّم الذاتي للمِسبار وتدعيم تجنبه للخطر، متجهين في نهاية المطاف نحو جعل المِسبار يقوم بمسح بحيرة متجمدة بنفسه.


يعمل آندي كليش، وهو الباحث الرئيسي لمِسبار تحت الجليد في معهد الدفع النفاث التابع لناسا، غواصاً متطوعاً في مركز كاليفورنيا للعلوم منذ عامين. المصدر: NASA/JPL-Caltech.
يعمل آندي كليش، وهو الباحث الرئيسي لمِسبار تحت الجليد في معهد الدفع النفاث التابع لناسا، غواصاً متطوعاً في مركز كاليفورنيا للعلوم منذ عامين. المصدر: NASA/JPL-Caltech.


يجمع المِسبار في مركز العلوم البيانات حول البيئة المحيطة، بما في ذلك التقاط الصور لكلٍ من الأسماك القريبة والأشخاص الواقفين على الجانب الآخر للزجاج. لا يمتلك المِسبار عجلاته الخاصة، غير أن أجزاء جسمه تدور مرةً واحدةً كل ساعة، مُقدماً بذلك عرضاً للزوار مع كل استدارة.

من جهته قال هاند: "ما زال أمامنا طريقٌ طويلٌ نحو استكشاف محيط أوروبا التابع للمشتري، لكن الأطفال الصغار الذين يزورون مركز كاليفورنيا للعلوم ويشاهدون الروبوت، ربما سيكونون هم الأشخاص أنفسهم الذين سيصنعون المركبات التي ستذهب هناك".

كانت مهمة المِسبار في مركز العلوم في الفترة ما بين 22 و24 يونيو/حزيران تُشكل فرصة استثنائية، حيث واجه المخلوقات البحرية التي تعيش في المناخ الدافئ، ومن المرجح أن تكون الوجهة المقبلة للمِسبار قريبة من أحد قطبي الأرض المتجمدين.

يدير معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا مختبر الدفع النفاث التابع لناسا.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات