فيزيائيون يأخذون لقطات لقياسات كمومية

النظام المثالي: أيون سترونتيوم عالق في مجال كهربائي. تستمر القياسات على هذا الأيون لجزء صغير جداً من الثانية. حقوق الصورة: Stockholm University



يعرف أي شخص لديه معرفة بميكانيكا الكم أن القياسات أو المشاهدات تجبر النظام الكمي على التواجد في حالة كلاسيكية معينة. لكن تبيّن في دراسة جديدة أن هنالك بعض القياسات لا تهدم كل المعلومات الكمومية خلال عملية القياس. وقد كشفت الدراسة أيضاً أن القياسات ليست لحظية، بل انها تحوّل حالة التراكب الى حالات كلاسيكية تدريجياً.

المبدأ الذي ينص على أن حالة التراكب يتم هدمها عند إجراء القياسات هو فرض أساسي في ميكانيكا الكم وضعه جون فون نيومان John von Neumann وغيره في 1930. بعد عقدين من ذلك، وضع غيرهارت لوديرز  Gerhart Lüders نظرية تفيد بأن هناك قياسات "مثالية" معينة تسبب انهيار تراكب الحالات التي يتم دراستها فقط، تاركةً باقي التراكبات كما هي. بهذه الطريقة، تحتفظ سلسلة من هذه القياسات بتماسك كمّي.

في الأعمال الأخيرة لماركوس هينريش Markus Hennrich وزملائه في جامعة ستوكهولم في السويد جنباً الى جنب مع الباحثين في جامعات سيغان في ألمانيا وسيفيل في اسبانيا، استطاعوا تشكيل نظام قياسات مثالية باستخدام أيون عنصر السترونتيوم. كما قال الباحثين لمجلة Physical Review Letters، انهم بدؤوا باستخدام ليزر لوضع الأيون في تراكب مكون من حالتين من أصل ثلاث، حيث أن هذه الحالات تقابل مستوى طاقة مختلف من المستويات الالكترونية الخارجية للأيون. ثم استخدموا ليزراً آخرا لتهييج الأيون لحالة واحدة فقط من الثلاث حالات، ما أنتج تهوجاً –نظام قياس مثالي طبقاً لمعايير لوديرز.

 

رصد غير مباشر


في نظام القياسات هذا، يتم بعث فوتون واحد في اتجاه عشوائي، مما يجعل الكشف عنه مباشرةً أمراً صعباً. بدلاً من ذلك، قام هينريش وزملاؤه بتنفيذ ما يسمى بالتصوير المقطعي. هذا يعني استخدام اشعة ليزر للكشف عن كل الاحتمالات لكل التراكبات الموجودة، سواء انهار هذا التراكب أم بقي كما هو.


بعد تكرير هذه العملية، وجد الباحثون أن التوهّج وبعث الفوتونات قد دمرت جميع حالات التراكب المتعلقة للحالة المدروسة. لكن باقي التراكبات بقيت سليمة. وفقاً لهينريش، فإن هذا يثبت أنه نجح وزملاؤه بإيجاد نظام قياسات مثالية. بالإضافة إلى ذلك، تثبت حقيقة أنهم لم يحتاجوا للكشف عن الفوتون الذي انبعث أن عملية القيا لا تعتمد على وجود الراصد. "هي تحدث كنتيجة للاشعاع المُنبعث للبيئة المحيطة." وفقاً لما قال هينريش.


القياسات الضعفية


بعد ذلك، درست المجموعة ديناميكية العملية القياسية عن طريق استخدام طاقة مختلفة لليزر المستخدم لتهييج الأيون. كانت الفكرة تتمحور حول تقليص الطاقة حتى يصبح الأيون غير مشع فقط لجزء صغير من الزمن. حيث أن احتمال الاشعاع عند الطاقة القليلة يتعبر ضئيلاً. وضح هينريش أن هذه القياسات الضعيفة أو غير المثالية، ستكون مساوية لمراحل متوسطة من عملية القياسات. بكلمات أخرى "لقطات" للعملية.


باستخدام التصوير المقطعي عند هذه المستويات المختلفة من الطاقة، أثبت هينريش وزملاؤه أن عملية القياس تسبب انهيار التراكب تدريجياً (على الرغم من أن العملية كاملة تحدث في أقل من جزء من مليون من الثانية). وجدوا أن درجة التراكب بين حالات الأيون المختلفة تتطابق مع ما تنبأ به لودرز بنسبة 94% من المرات.


شكراُ للقياسات الضعيفة


قال هينريش:  إثبات أن لودرز كان على حق بشأن القياسات المثالية لن يكون مفاجأة لباقي الفيزيائيين." انه يشير بالتأكيد الى أن أركادي فيدوروف وزملاؤه في جامعة كوينزلاند في استراليا قد أثبتوا أن القياسات المثالية يمكن أن تجرى في كويبت شبه موصل ذي ثلاث مستويات عند وضعه في تجويف أشعة المايكروويف. لكن نظامهم كان مصطنعاً نوعاً ما. إذ قال: "ما أثبتناه أنه يمكنك مشاهدة عملية لودرز خلال عملية القياس الواقعية".


يُشيد فيدوروف بالباحثين الأوروبيين على "الإنجاز الفيزيائي الجميل" للقياسات الكمّية، مشيراً إلى أنهم استطاعوا دراسة المتغيرات القوية والضعيفة بعكس مجموعته. لكنه يعتقد أن الفرق بين العمليات الطبيعية والاصطناعية ليس كبيراً. أضاف أن استخدام نظام اصطناعي بات أكثر تطلباً نتيجة الحاجة إلى "هندسة نظام تحكم مخصص". ويقول أن "الاختيار هو مسألة ذوق فقط".

تصحيح الخطأ


كما لكل التطبيقات، يقول هينريش أن هذه الدراسة قد تكون مفيدة لتطوير عملية الكشف عن الخطأ وتصحيحه في الحواسيب الكموية حيث أن القياسات الضعيفة قد تجعل الخطأ سهل الكشف في حالة كموية دون التسبب في انهيار الحالات في العملية.


يريد الباحثون أيضاً التحقق من احتمالية وجود انظمة قياس مثالية معقدة أكثر، حيث تؤثر عملية القياس على حالات متعددة بدلاً من واحدة. كتب الباحثون: "ما زالت امكانية وجود عمليات مماثلة طبيعياً  والتي يمكن أن تنفذ بدقة مقارنة بتجربتنا سؤالاً مفتوحاً."


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات