كيف تعمل طاقة الرياح؟

حُرّر من قِبل جوليا لايتون Julia Layton.
 

يصعب علينا أحيانًا تخيّل الهواء بحالة سائلٍ أو شيءٍ سيّال، فهو يبدو لنا كشيءٍ غير مرئيٍّ فقط، لكنه في الحقيقة سائلٌ كغيره، إلا أن جزيئاته في الحالة الغازية بدلًا من الحالة السائلة، كما تتحرك هذه الجزيئات سريعًا عندما تحرك الهواء بسرعةٍ، على شكل رياحٍ.


ونعني بالحركة الطاقة الحركية التي يُمكن التقاطها، تمامًا كالطاقة الكامنة وراء حركة المياه حيث يمكن التقاطها بواسطة العنفة (التوربين) في السد الكهرومائي Hydroelectric dam. أما في حالة العنفة الكهروهوائية wind-electricturbine، فتُصمم شفرات العنفة لالتقاط الطاقة الحركيّة للرياح، وما تبقى من خطواتٍ فهي مشابهةٌ تقريبًا للنظام الكهرومائي، فعندما تلتقط الشفراتُ هذه الطاقة وتبدأ بالحركة، تقوم بتدوير ذراع التوصيل Shaft الممتد من مشبك المحور الدوّار Hub of the rotor إلى المولّد Generator. يحوِّل هذا الأخيرُ الطاقة الدورانية إلى كهرباء. إذًا يُعدّ توليد الكهرباء من الرياح في جوهره نقلًا وتحويلًا للطاقة من وسيطٍ لآخر.


تنشأ قوة الرياح بسبب الشمس، فعندما تُدفِّئُ الشمس منطقةً ما من الأرض، يمتص الهواء المتواجد حول تلك المنطقة جزءًا من تلك الحرارة. وفي درجة حرارةٍ معيّنةٍ يبدأ ذلك الهواء الدافئ بالارتفاع بشكلٍ سريعٍ جدًا لأن حجم الهواء الدافئ أخف من الحجم نفسه من الهواء البارد. وتبذل جزيئات الهواء (الأسخن) في حركتها السريعة تلك ضغطًا أكثر من الجزيئات ذات الحركة البطيئة، لذا فهي تأخذ القليل منهم للمحافظة على الضغط الطبيعي للهواء على ارتفاعٍ معينٍ. وعندما يرتفع ذلك الهواء الساخن والأخف فجأةً، ينساب الهواء الأبرد بسرعةٍ ليملأ الفراغ الذي خلّفه الهواء الحار وراءه. ويُدعى هذا الهواء البارد المندفع لملء الفراغ بالرِّياح.
 

شكر: لا يسعنا إلا أن نشكر السيد ويلي تشنغ Willy Cheng لمساعدته في إعداد هذا المقال.


فإذا قمت بوضع أداةٍ كشفرة دوّار في مجرى الرياح، فإن الرياح ستدفعها، ناقلةً بعضًا من طاقتها الحركية لتلك الشفرة، وبالطريقة ذاتها تلتقط العنفة الهوائية طاقة الرياح. نرى بأن الشيء نفسه يحدث في حالة القارب الشراعي، فحين يدفع الهواء المتحرك مصدّات الشراع يتحرك القارب، إذًا فالرياح قد نقلت طاقتها الحركية إلى القارب الشراعي أيضًا.
 

سنتعرّف في الفصل التالي على الأجزاء المختلفة للعنفة الهوائية (التوربين).
 

لمحة عن تاريخ طاقة الرياح  


استخدم الإنسان طاقة الرياح لأول مرةٍ من خلال القوارب الشراعية في مصر وذلك منذ نحو 3000 سنةٍ قبل الميلاد. فكانت الأشرعة تلتقط طاقة الرياح لتدفع القارب عبر المياه. ويُرجّح بأن أقدم طواحين الهواء التي استُخدِمت لطحن الحبوب قد ظهرت منذ سنة 2000 قبل الميلاد تقريبًا في مدينة بابل القديمة، أو تقريبًا سنة 200  قبل الميلاد في فارس القديمة (تختلف الروايات حسب مصادرها). احتوت هذه الوسائل الغابرة على واحدةٍ أو أكثر من العوارض الخشبية المنصبة بشكلٍ عموديٍّ، متصلةٍ من الأسفل بالمِسن (حجر الرحى)، ومثبتةٍ بذراع توصيل دوار يتحرك بفعل الرياح. وقد انتشر مفهوم استخدام طاقة الرياح لطحن الحبوب بشكلٍ سريعٍ ضمن نطاق الشرق الأوسط، وظلّت تُستخدم هناك لوقتٍ طويلٍ قبل أن تظهر أول طاحونة هواء في أوروبا. ومع الحملات الصليبية مطلع القرن الحادي عشر بعد الميلاد، نقل الصليبيون الأوروبيّون هذه التقنية معهم، ما مهّد لولادة النموذج الهولندي للطواحين المعروف لعامة الناس.
 

حدث التطويرُ الحديثُ لتقنية الطاقة الهوائية وتطبيقاتها بشكلٍ جيدٍ في الولايات المتحدة الأمريكية في سنة 1930، حيث زوّدت نحو 600 ألف طاحونةٍ هوائيةٍ المناطق الريفية بالكهرباء وخدمات ضخ المياه. بدأ استخدام طاقة الرياح في البلاد بالانخفاض مع الانتشار الواسع لتوزيع الكهرباء في المزارع والبلدات الريفيّة، لكنه ما لبث أن ارتفع مجددًا جرّاء الاضمحلال النفطي في الولايات المتحدة في بدايات 1970. تذبذبت الأبحاث والتطويرات في الثلاثين سنةً الفائتة حسب مصالح واهتمامات الحكومة الفيدرالية وكذا الحوافز الضريبية. سجلت العنفات الهوائية في منتصف الثمانينيات معدل طاقة أقصاه 150 كيلوواط، بينما فاق في سنة 2006 إنتاج العنفات ذات الصبغة المنفعية والتجارية 1 ميغاواط عمومًا، ومن المُتاح أن تغدو استطاعتها 4 ميغاواط.
 

تتكون أبسط عنفة هوائية ممكنة من ثلاثة أقسامٍ محوريةٍ وأساسيةٍ وهي:

  • شفرات الدوار Rotor Blades: وتعتبر بشكلٍ أساسيًّ أشرعة هذا النظام، فهي تعمل بأبسط أشكالها كحواجز لصد الرياح (تتخطى التصاميم الأكثر حداثةً كونها حواجز فقط). فعندما تُرغِم الرياحُ هذه الشفرات على الحركة، تكون قد نقلت بعضًا من طاقتها للدوّار.
  • ذراع التوصيل Shaft: يتصل ذراع التوصيل داخل العنفة الهوائية في إحدى نهايتيه بمركز الدوار، وعندما يدور هذا الأخير يدور معه ذراع التوصيل، فينقل الدوار بهذه الطريقة طاقته الميكانيكية الدورانية إلى ذراع التوصيل، الذي يتصل في نهايته الأخرى بمولدٍ كهربائيٍّ.
  • المولد Generator: هو في الأساس عبارةٌ عن أداةٍ بسيطةٍ جدًّا. تستخدم خصائص التحريض (التحفيز) الكهرومغناطيسي Electromagnetic induction لإنتاج الضغط الكهربائي (الجهد الكهربائي)، اختلاف في الشحنة الكهربائية، حيث يُعتبر الجهد الكهربائي أساسًا ضغطًا كهربائيًا، فهو القوة الناقلة للكهرباء، أو التيار الكهربائي، من نقطةٍ لأخرى. إذًا فإن توليد الضغط الكهربائي هو بالفعل توليد التيار.


يتكون المولد البسيط من مغانط magnets ومُوصّل conductor، هذا الأخيرفي الغالب عبارةٌ عن سلكٍ ملفوفٍ. داخل المولد، يتصل ذراع التوصيل بتركيب (مجمع) من المغانط الدائمة التي تحيط بالسلك الملفوف. بالنسبة للتحفيز الكهرومغناطيسي، إذا كان لديك موصّل مُحاط بالمغانط، وكانت إحدى هذه الأجزاء تدور بالتناسب مع غيرها، يؤدي ذلك لتحفيز الضغط الكهربائي في الموصل. فحين يقوم الدوار بتدوير ذراع التوصيل، يدوّر هذا الأخير مجمّع المغانط، مولدًا بذلك ضغطًا كهربائيًا داخل السلك الملفوف، يقوم هذا الضغط بنقل التيار الكهربائي (التيار المتناوب في العادة) عبر شبكة التوزيع.
 

الآن وقد تعرفنا على النظام المبسّط، سننتقل وإياكم للتقنية الحديثة التي نراها في المزارع الهوائية والأفنية الريفيّة في يومنا هذا. صحيحٌ أنها أكثر تعقيدًا، لكن مبادئها الأساسية نفسها.
 

التقنية الحديثة لطاقة الرياح


عندما نتحدث عن عنفات الرياح الحديثة، فالمقصود بذلك تصميمان أساسيان وهما: المحور الأفقي Horizontal-axis والمحور العمودي .Vertical-axis العنفات الهوائية ذات المحور العمودي (VAWTs) نادرةٌ جدًا،والنوع الوحيد منها الموجه للإنتاج التجاري حاليًا هو عنفة داريوس DarrieusTurbine التي تبدو كخفاقة البيض Egg beater.

 

صورة مجاملة، المخبر الوطني للطاقات المتجددة NREL (على يسار الصورة) وصولويند ليميتد Solwind LTD عنفات الهواء ذات المحور العمودي (إلى اليسار: عنفة داريوس)
صورة مجاملة، المخبر الوطني للطاقات المتجددة NREL (على يسار الصورة) وصولويند ليميتد Solwind LTD عنفات الهواء ذات المحور العمودي (إلى اليسار: عنفة داريوس)

 

يُركَّب ذراع التوصيل في هذا النوع من العنفات على محورٍ عموديٍّ، بشكلٍ مُتعامدٍ (عموديٍّ) مع الأرض، وتكون دائمًا متوازيةً مع مجرى الرياح، على عكس نظيراتها ذات المحاور الأفقية، لذا فلا داعي لإجراء تعديلاتٍ عند تغير اتجاه ومسار الرياح. ولكنها (أي العنفات) لا تستطيع الحركة من تلقاء نفسها، فهي تحتاج دفعًا من نظامها الكهربائي لتبدأ بالعمل. وتستخدم بدلًا من البرج أسلاك الدعم Guy Wires، لذا يكون ارتفاع الدوار أقل، ما يعني رياحًا أبطأ نظرًا لاقترابها من الأرض. إذًا فالعنفات الهوائية ذات المحاور العمودية بشكلٍ عام أقل فعّاليةٍ من نظيرتها ذات المحاور الأفقية. وقد يعني هذا تركيبًا وصيانةً أسهل بما أن كلّ المعدّات منصبةٌ على مستوى الأرض، لكن هذا يعني أيضًا احتلال مساحةٍ أكبر على الأرض من طرف العنفة، وهذا من أكبر سلبياتها على صعيد المزارع الهوائية.


نموذج داريوس للعنفة الهوائية ذات المحور العمودي  كيف تعمل طاقة الرياح، عنفة ذات محور عمودي  - مشبك علوي    - السلك الداعم     - شفرة الدوار      - مشبك سفلي    - مولد               - علبة التروس  حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006
نموذج داريوس للعنفة الهوائية ذات المحور العمودي كيف تعمل طاقة الرياح، عنفة ذات محور عمودي - مشبك علوي - السلك الداعم - شفرة الدوار - مشبك سفلي - مولد - علبة التروس حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006


تستخدم العنفات الهوائية ذات المحاور العمودية على نطاقٍ صغيرٍ كضخّ المياه في المناطق الريفية (القروية)، لكن كلّ العنفات الموجهة للأغراض التجارية، والمستخدمة لسد احتياجات المنافع والمرافق العامة، هي عنفاتٌ ذات محاورٍ أفقيةٍ HAWTS.


مزرعة رياح في كاليفورنيا California صورة مجاملة، GNU، المصور: Kit Conn
مزرعة رياح في كاليفورنيا California صورة مجاملة، GNU، المصور: Kit Conn


تُثبَّت ذراع التوصيل في العنفات ذات المحاور الأفقية، كما يتضح من اسمها، بشكلٍ أفقيٍّ، أي موازيًا لسطح الأرض، وهذه العنفات بحاجةٍ دائمةٍ للاصطفاف والمواءمة مع مسار الرياح، وذلك من خلال آليّة تعديل زاوية الانحراف Yaw-adjusment mechanism. يتكون نظام الانحراف في العادة من محركاتٍ كهربائيةٍ وعلبات تروسٍ تقوم بتحريك الدوار The Rotor يسارًا أو يمينًا بسلاسةٍ وببطءٍ. تقوم وحدة التحكم الإلكترونية للعنفة بقراءة موقع مؤشر اتجاه الرياح (إما آليًا أو إلكترونيًا) وتعديل وضعية الدوار لالتقاط أكبر قدرٍ ممكنٍ من طاقة الرياح. وتستخدم هذه العنفات بُرجًا لرفع أجزاء العنفة لتبلغ الارتفاع الأمثل لمجرى هبوب الرياح (ومنه السماح للشفرات بتفادي الارتطام بالأرض)، كما تسمح بشغل حيزٍ ضئيلٍ من الأرضية بما إن كلّ الأجزاء منصبةٌ على ارتفاع 260 قدم (80 مترًا) في الهواء.


كيف تعمل طاقة الرياح، العنفة الهوائية ذات المحور الأفقي. حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006
كيف تعمل طاقة الرياح، العنفة الهوائية ذات المحور الأفقي. حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006

 

مكونات العنفة الهوائية ذات المحور الأفقي:


  • شفرات الدوّار Rotor blades: تقوم بالتقاط طاقة الرياح وتحويلها إلى طاقةٍ دورانيةٍ خلال ذراع التوصيل.
  • ذراع التوصيل Shaft: ينقل الطاقة الدورانية إلى المولّد.
  • القمرة Nacelle: هي الهيكل الذي يحوي: علبة التروس Gearbox (المسؤولة عن زيادة سرعة ذراع التوصيل الرابط بين مشبك الدوار والمولد)، والمولّدGenerator  (الذي يستخدم الطاقة الدورانية لذراع التوصيل لتوليد الكهرباء باستخدام مبدإ الكهرومغناطيسية Electromagnetismووحدة التحكم الإلكترونية Electronic control unit (المسؤولة عن التحكم بالنظام وإيقاف العنفة عند وقوع عطبٍ ما، كما تتحكم في آلية ضبط الانحراف)، ووحدة ضبط الانحراف Yaw controller (التي تعمل على ضمان اصطفاف الدوّار مع اتجاه الرياح)، والمكابح Brakes (التي توقف عملية دوران ذراع التوصيل في حالة التشبع بالطاقة أو عطل بالنظام).
  • البُرج Tower: ومهمته دعم الدوّار والقمرة، ورفع النظام الكلّي إلى ارتفاع آمن حيث تحول الشفرات من الدوران دون الارتطام بالأرض.
  • المعدات الكهربائية Electrical equipments: وهي تعمل على نقل الكهرباء من المولّد في الأسفل عبرَ البُرج والتحكم بعدّة عناصر أمان للعنفة.


الديناميكية الهوائية للعنفات: (ديناميكا العنفات الهوائية) Turbine Aerodynamics


كيف تعمل طاقة الرياح، الديناميكية الهوائية للعنفات حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006
كيف تعمل طاقة الرياح، الديناميكية الهوائية للعنفات حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006
على عكس التصميم الهولندي القديم لطواحين الهواء، التي اعتمدت أساسًا على قوة الرياح لدفع الشفرات وإجبارها على الحركة، تستخدم العنفات الحديثة مبادئ أكثر تطورًا في مجال ديناميكا الهواء لضمان فاعليةٍ أكبر أثناء التقاط طاقة الرياح. ومن مبادئ ديناميكية الهواء الأساسية المعتمدة في دوّار عنفات الهواء:

  • قوة الرفع lift، والتي تعمل بشكلٍ عموديٍّ على اتجاه جريان الريح.
  • قوة الجر drag، والتي تعمل بشكلٍ موازٍ لاتجاه جريان الريح.


تشبه شفرات العنفة بشكلها كثيرًا أجنحة الطائرة ويُستعمل في صنعها تصميمُ الجناح الحامل Airfoil. عند ملاحظة هذا الأخير، نرى إن أحد جانبي الشفرة شبه مدوّرٍ بينما يكون الجانب الآخر مسطّحًا نسبيًا. ويُعد الرفع ظاهرةً معقدةً جدًا وربما تحتاج حقيقةً لنيل درجة الدكتوراه في الرياضيات أو الفيزياء لاستيعابها بشكلٍ كاملٍ. وبشكلٍ مبسّطٍ، عندما ينتقل الهواء مرورًا بالجانب المدوّر الموازي لاتجاه الرياح من الشفرة، عليه أن يتحرك بسرعةٍ أكبر ليصل لنهاية الشفرة كي يلحق في الوقت المناسب بالهواء الجاري عبر الجانب المسطح المعاكس لاتجاه الرياح من الشفرة (مقابلًا بذلك الاتجاه الذي تهب منه الرياح).
 

وبما أن الهواء المتحرك بسرعةٍ أكثر يميل إلى الارتفاع في الجو، ينتج عن ذلك تشكل جيبٍ من الضغط المنخفض أمام الجانب المدوّر الموازي لاتجاه الرياح مباشرةً. تجذبُ منطقة الضغط المنخفض هذه الشفرةَ لتدور وفق اتجاه الرياح، ويُعرف هذا التأثير بـ"الرّفع". أما في الجهة المعاكسة لاتجاه الرياح من الشفرة، فيتحرّك الهواء بشكلٍ أبطئ مشكلًا بذلك منطقة ضغطٍ عالٍ تقوم بدفع الشفرة مُحاولةً إبطاءها. وتمامًا كتصميم جناح الطائرة، تُعد كميةً مرتفعةً من مبدأ الرفع بالنسبة بالجر High Lift-to-Drag Ratio أساسيةً جدًا في تصميم شفرةٍ فعالةٍ للعنفة. كما أن شفرات العنفة (معقوفة) نوعًا ما كي تتمكن من الاستفادة القصوى من قوة مبدأ الرفع بالنسبة للجر.
 

لا يمكننا اعتبار ديناميكية الهواء التصميم الوحيد في صنع عنفات رياحٍ فعّالةٍ، فالحجم مهمٌ أيضًا، أي كلما زاد طول شفرات العنفة (وبالتالي زاد قُطر الدوّار)، ازداد حجم الطاقة التي تلتقطها هذه الأخيرة من الرياح، وبالتالي زيادة القدرة على توليد الكهرباء. وبشكلٍ عامٍ، فإن مضاعفة قطر الدوّار تؤدي إلى زيادة إنتاج الطاقة بأربعة أضعاف. إلا أنه في بعض مناطق الرياح البطيئة، يستطيع الدوّار ذو القطر الأصغر إنتاج طاقة أكثر من الدوّار الأكبر، لأنه في حالة التجهيز الأصغر هذا، نحتاج إلى قوة رياحٍ أقل لتدوير المولد الأصغر، فتستطيع العنفة بذلك الدوران بقدرةٍ كاملةٍ كلّ الوقت. كما أن ارتفاع البرج عاملٌ مهمٌ جدًّا في القدرة الإنتاجية أيضًا، فكلما ارتفعت العنفة، استطاعت التقاط طاقة أكبر، حيث تزداد سرعة الرياح كلما ازداد العلو، وهذا لأن الأشياء التي على مستوى الأرض تعطل مجرى الرياح، ويقدّر العلماء أن سرعة الرياح تزداد بنسبة 12% كلّما تضاعف الارتفاع.


حساب الطاقة


إذا أردت حساب كمية الطاقة التي يمكن للعنفة توليدها من الرياح، فعليًّا فعليك معرفة سرعة الرياح في موقع العنفة ومعدّل قوتها (أي العنفة)، فمعظم العنفات الكبيرة تنتج طاقتها العُظمى في سرعة رياح تبلغ نحو 15 مترًا في الثانية (33 ميلًا في الساعة). وإذا اعتبرنا أن سرعة الرياح ثابتةٌ، فإن قُطر الدوار هو الذي يحدد كمية الطاقة التي تستطيع العنفة توليدها. ولتعلمْ أنه كلما زاد قطر الدوار ارتفع علو البرج، وهذا يعني استفادةً أكثر من الرياح الأسرع.
 

التناسب بين حجم الدوار وأقصى حجم الطاقة المنتجة:
 

الطاقة المنتجة (كيلوواط) قطر الدوّار (متر)
25 10
200 17
225 27
300 33
500 40
600 44
750 48
1000 54
1500 64
2000 72
2500 80


المصدر:

  • الجمعية الدنماركية للصناعة المتعلقة بالرياح Danish Wind Industry Association
  • الجمعية الأمريكية لطاقة الرياح American Wind Energy Association


تولّد أكبر العنفات معدّل قدرة الطاقة خاصتهاعند سرعة 33 ميلًا في الساعة، تتوقف عن إنتاج الطاقة عند 45 ميلًا في الساعة (أي 20 مترًا في الثانية). هناك عددٌ من أنظمة الأمان والحماية التي تطفئ العنفة إذا ما هددت سرعاتُ الرياح المرتفعةُ هذه الأخيرة، ومن ضمن الأنظمة التي تستخدمها بعض العنفات جهازٌ بسيطٌ ومثيرٌ للانتباه يتمثل في حسّاس اهتزاز Vibration Sensor يتألف من كرةٍ معدنيةٍ معلّقةٍ بسلسلةٍ، مُسندةٍ فوق ركيزةٍ صغيرةٍ. فإذا ما بدأت العنفة بالاهتزاز فوق عتبةٍ ما، تسقط الكرة فوق الركيزة وتجر معها السلسلة متسببةً حينها في إغلاق العنفة.
 

ولعل أكثر نظم الأمان فاعليةً وأكثرها شيوعًا في العنفات هو نظام "الفرملة" Braking System، الذي يتفعل بسبب السرعات العالية للرياح. تستخدم هذه التركيبات Setups نظام تحكّم بالطاقة يقوم أساسًا بضغط الفرامل عندما تزداد سرعة الرياح كثيرًا، ثم يحررها عندما تعود سرعة الرياح لأقل من 45 ميلًا في الساعة. وتستخدم تصاميم العنفات الحديثة الكبيرة عدّة نماذج مختلفةٍ من أنظمة الفرامل:
 

  • التحكم عن طريق ضبط درجة الميل (درجة الانحراف) Pitch Control: يُراقب نظام مراقبة العنفة الكهربائي Electronic controller إنتاجيتها للطاقة، وعندما تزيد سرعة الرياح عن 45 ميلًا في الساعة، يزيد معها إنتاج الطاقة، عندها يقوم نظام المراقبة بتعديل درجة ميل الشفرات لتصبح غير متراصفةٍ مع الرياح، ما يؤدي إلى إبطاء دورانها. كما أنه لابد في نظام ضبط درجة الميل أن تكون زاوية تثبيت الشفرات (على الدوّار) قابلةً للضبط والتعديل.
     
  • التحكم عن طريق التهاوي (الانهيار) السلبي (التهاوي الآلي) :Passive stall control وفيه تكون الشفرات مركّبةٌ على الدوّار بزاويةٍ ثابتةٍ ومصمّمةٍ بحيث تقوم انحناءات هذه الشفرات نفسها بتطبيق الفرملة عندما تُسرع الرياح كثيرًا، حيث تُوجَّه الشفراتُ وفق زاويةٍ تسمح بإحداث اضطراب في الجهة المعاكسة لاتجاه الرياح من الشفرة عندما تبلغ سرعة الرياح حدًّا معينًا، محدثةً بذلك انهيارًا. بعبارةٍ أبسط، يحدث التهاوي الإيروديناميكي (في ديناميكا الهواء) عندما تكون زاوية الشفرة المواجهة حادةً جدًّا لدرجة أنها تبدأ بعدم (إزالة) قوة الرفع وخفض سُرعة الشفرات.
     
  • التحكم عن طريق التهاوي (الانهيار) الإيجابي (التهاوي المفتعل) :Active stall control وتكون الشفرات في نموذج ضبط الطاقة هذا قابلةً لتغيير درجة ميلها، تمامًا كما هي في نظام التحكم عن طريق ضبط درجة الميل المذكور آنفًا. على غرار نظام التحكم عن طريق ضبط درجة الميل، يقوم نظام التحكم عن طريق التهاوي الإيجابي بعمل قراءة لإنتاج الطاقة، لكنه بدلًا من تغيير درجة ميل الشفرات لتنحاز عن مسار الريح، يقوم بتغيير درجة ميلها لإحداث التهاوي (الانهيار).


عالميًّا، هناك على الأقل 50000 عنفةٍ هوائيةٍ تُنتج إجمالي 50 مليار كيلوواط ساعي (KWH) سنويًّا.
 

سنقف في الجزء التالي على وفرة مصادر الرياح، واستطاعة العنفات الفعلية لإنتاج الكهرباء.


مصادر طاقة الرياح والاقتصاد


ما هو الواط؟

  • الواط هو قدرة توليد الكهرباء. يمكن لـ 1 ميغاواط (يُعادل 1مليون واط) من طاقة الرياح إنتاج ما بين 2.4 وَ3 مليون كيلوواط ساعي من الكهرباء في السنة الواحدة.
  • الكيلوواط الساعي هو 1 كيلوواط (أو 1000 واط) من الكهرباء المنتجة أو المستهلكة خلال ساعة واحدة.


تولد عنفات الرياح حاليًا، على نطاقٍ عالميٍّ، من الكهرباء قرابة ما تولده ثمان 8 محطاتٍ لتوليد الطاقة النووية. ولا يضم هذا العنفات التي تسد احتياجات المنافع العامة فقط، بل العنفات الصغيرة الموجهة للاستعمال المنزلي أو التجاري الخاص (والتي تُستخدم أحيانًا بالتماشي مع الطاقة الشمسية). وتستطيع عنفةٌ صغيرةٌ باستطاعة 10 كيلوواط أن تولد طاقةً تفوق 16 ألف كيلوواط ساعي سنويًا، إذا اعتبرنا كما أن الاستهلاك السنوي لعائلةٍ ما في الولايات المتحدة هو 10 ألاف كيلوواط ساعي سنويًا تقريبًا.
 

أما بالنسبة للعنفة النموذجية الكبيرة فبإمكانها توليد حتى 1.8 ميغاواط من الكهرباء، أو 5.2 مليون كيلوواط ساعي سنويًا، ويكفي هذا في ظروفٍ مثاليةٍ لأن يزود قُرابة 600 منزلٍ بالطاقة. لكن محطات توليد الطاقة النووية ومحطات توليد الطاقة بالاعتماد على الفحم باستطاعتها إنتاج طاقة بتكاليف أرخص من العنفات الهوائية، لماذا إذا اللجوء إلى طاقة الرياح؟ الجواب هو وجود عاملَين أساسيَين لاعتمادنا على طاقة الرياح لتوليد الكهرباء أكثر من غيرها: فطاقة الرياح نظيفةٌ، ومتجدّدةٌ. فهي لا تُطلق غازاتٍ مؤذيةً وضارّةً في الجو كثاني أكسيد الكربون وأكسيدات النتروجين كما يفعل الفحم أو الكربون. وليس هناك خطرٌ من زوال ونفاذ الرياح في الوقت القريب. وهناك سببٌ آخر وهو: الاستقلالية المُرتبطة بتلك الطاقة، حيث يُمكن لأي بلدٍ توليد الطاقة داخليًا دون أيّ دعمٍ خارجيٍّ، وتستطيع العنفة الهوائية تزويد المناطق البعيدة والنائية التي لا تخدّمها شبكة الطاقة المركزيّة بالكهرباء.
 

لكن هناك بنفس الوقت جوانب سلبيةٌ ألا وهي: إنه لا يمكن للعنفات الدوران دائمًا بقوّة مئةٍ بالمئة كباقي محطات توليدالطاقة، وهذا لأن سرعة الرياح مُتذبذبةٌ. وهي مزعجةٌ وصاخبةٌ بالنسبة لمن يسكن بالقرب منها وقد تغدو أيضًا مؤذيةً للعصافير والخفافيش. ويبرز أيضًا خطر تعرية التربة عند تنصيب العنفات بالمناطق الصحراوية الوعرة.
 

إضافةً إلى هذا كله، تُعتبر الرياح مصدرًا غير موثوقٍ للطاقة ولا يمكن الاعتماد عليها دائمًا، إذ يعيد العاملون بمحطات توليد طاقة الرياح تشغيل النظام بقدرٍ صغيرٍ من الطاقة غير المتجددة والموثوقة بالأوقات التي تخمد فيها سُرعة الرياح. وهنا يبرز الجدل القائم حول كون استخدام طاقةٍ غير نظيفةٍ لدعم إنتاج طاقةٍ نظيفةٍ قد يُلغي فوائدها، بينما يزعم ممتهنو صناعة الرياح أن كمية الطاقة غير النظيفة الضرورية للحفاظ على التزويد الثابت بالكهرباء في النظام الهوائي صغيرةٌ جدًّا لتلغي إيجابيات توليد الطاقة من الرياح.


استخدام طاقة الرياح في الولايات المتحدة


أول 10 ولايات من حيث قدرة استغلال طاقة الرياح بيئيا ونطاقيا. حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006، الجمعية الامريكية لطاقة الرياح، وزارة الطاقة، المخبر الوطني للطاقة المتجددة.
أول 10 ولايات من حيث قدرة استغلال طاقة الرياح بيئيا ونطاقيا. حقوق الصورة: HowStuffWorks 2006، الجمعية الامريكية لطاقة الرياح، وزارة الطاقة، المخبر الوطني للطاقة المتجددة.


بغض النظر عن مساوئ طاقة الرياح، تمتلك الولايات المتحدة عددًا معتبرًا من عنفات الرياح، أنتجت مجتمعةً ما يفوق 9 ألاف ميغاواط عام 2006، أي ما يراوح 25 مليار كيلوواط ساعي من الكهرباء، ما يبدو لنا كميةً كبيرةً هو في الحقيقة أقل من 1% من القوة المولدة في البلد كلّ سنةٍ، توزّعَ إنتاج الكهرباء في الولايات المتحدة سنة 2005 كما يلي:

  • الفحم: 52%
  • الطاقة النووية: 20%
  • الغاز الطبيعي: 16%
  • الطاقة المائية: 7%
  • مصادر أخرى (الرياح، والكتلة الحيوية، والحرارة الأرضية والطاقة الشمسية): 5%

المصدر: الجمعية الأمريكية لطاقة الرياح.
 

أما حاليًا، فإجمالي توليد الكهرباء في البلاد هو 3.6 ترليون كيلوواط ساعي سنويًا. وللرياح القدرة على توليد أكثر من 1 بالمئة منها. وحسب جمعية طاقة الرياح الأمريكية American Wind Energy Association، فإن مصادر الولايات المتحدة من طاقة الرياح تقدر بنحو 10.8 ترليون كيلوواط ساعي سنويًا، ما يُعادل كمية الطاقة التي يمكن إنتاجها من 20 مليار برميل نفط، (التي تمثل الإمدادات العالمية من النفط سنويًا). كلّ ما نحتاج إليه لجعلِ طاقة الرياح ميسّرةً وموجودةً في منطقةٍ ما هو سرعة رياحٍ لا تقل عن 9 أميال في الساعة (أي 3 أمتارٍ في الثانية) للعنفات الصغيرة، أما العنفات الكبيرة فتحتاج لسرعة 13 ميلًا بالساعة (أي 6 أمتارٍ في الثانية)، وهي سرعاتٌ شائعةٌ ومتوافرةٌ في الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن جزءًا كبيرًا منها غير مسخرٍ.
 

عندما نتحدث عن عنفات الرياح، يُصبح مكان التنصيب أهم شيءٍ، إذ تُعد معرفة كميّة الرياح في منطقةٍ ما، وسُرعتها، ومُدة هبوبها، عواملَ مهمةً جدًّا في بناء مزرعةٍ فعّالةٍ لطاقة الرياح. فالطاقة الحركية في الرياح تزداد تصاعديًا حسبَ سُرعتها، لذا نرى أن زيادةً ضئيلةً في سُرعة الريح تؤدي بالحقيقة لزيادةٍ كبيرةٍ في القدرة الطاقية. حيث تقول القاعدة العامة لهذا النظام إن مضاعفة السرعة تؤدي لزيادة القدرة الطاقية ثمانِ مراتٍ أكثر، لذا فنظريًا، ستولّد العنفة المتواجدة في منطقةٍ معدّل سُرعة رياحها 26 ميلًا في الساعة، كميّة كهرباء أكثر ثمانِ مرّاتٍ من أُخرى متواجدةٍ في منطقةٍ يكون معدّل سُرعة رياحها 13 ميلًا في الساعة. ونقول "نظريًا" لأن هناك حدًّا، في ظروف العالم الحقيقي، لكميّة الطاقة التي باستطاعة العنفة التقاطها من الرياح يُسمّى حد بيتز (قانون بيتز) limit Betz، وهو يُعادل 59 بالمئة تقريبًا. ولكن أي زيادةٍ في سرعة الرياح ستقود حقًا إلى زيادةٍ هامةٍ وملحوظةٍ في إنتاجية الطاقة.
 

المزارع الهوائية


صورة مجاملة، General Electric Company مزرعة الرياح راهينليق Raheenleagh أيرلندا
صورة مجاملة، General Electric Company مزرعة الرياح راهينليق Raheenleagh أيرلندا

 

كمعظم الطرق الأخرى لتوليد الطاقة، تُعد كثرة أعداد العنفات التي تلتقط قوة الرياح عاملًا مهمًا في زيادة الإنتاج. تُدعى تجمعات العنفات الهوائية مزارع هوائية أو محطات توليد طاقة الرياح، وهي أكثر الأشكال مردوديةً في مجال القدرة الإنتاجية للطاقة. تتراوح قدرة العنفات ذات الاستخدام المنفعي بين 700 كيلوواط و1.8 ميغاواط. وتُجمَّع للحصول على أكبر كمية كهرباء ممكنةٍ من مصادر طاقة الرياح المتاحة، تُنصّب هذه العنفات بعيدًا في المناطق الريفية التي تتواجد بها رياحٌ ذات سرعاتٍ عاليةٍ، ونجد بأن تأثير المساحات الصغيرة التي تشغلها العنفات أفقية المحاور على استغلال الأرض الزراعية شبه منعدمٍ.
 

يمكن أن تتراوح قدرات مزارع الرياح بين ذات الإنتاج القليل وذات الإنتاج الكثير، وتُعد مزرعة Raheenleagh Wind Farm الواقعة على ساحل إيرلندا الأكبر في العالم، ستمتلك هذه الأخيرة، عند تشغيلها بكامل طاقتها، 200 عنفةٍ هوائيةٍ يمكنها إنتاج 520 ميغاوات، وستكلّف قرابة 600 مليون دولارٍ لبنائها، لكنها تعمل حاليًا بطاقةٍ جزئيةٍ.
 

هذا وقد تدنّت تكاليف طاقات الرياح ذات الاستخدام المرفقي بشكلٍ مثيرٍ في العقدين الأخيرين، وذلك نتيجة التطور في التكنولوجيا والتصميم الذي عرفه مجال إنتاج العنفات وتنصيبها، فقد كانت هذه الطاقة تكلّف ما يُقارب 30 سنتًا لكلّ كيلوواط ساعيٍّ مطلع ثمانينيات القرن الماضي، أما في 2006، أضحت منخفضةً لتكلّف بين 3 و5 سنتاتٍ لكلّ كيلوواط ساعيٍّ، خاصّةً في الأماكن ذات الرياح الغزيرة، بحيث كلما زادت سرعة الرياح مع الوقت في مناطق تنصيب العنفات قلّت كلفة الكهرباء المُنتجة. ونقول إن كلفة إنتاج طاقة الرياح في الولايات المتحدة الأمريكية تتراوح بين 4 إلى 10 سنت لكلّ كيلوواط ساعيٍّ.
 

مقارنة بين تكاليف الطاقة


 

معدل التكلفة (سنت لكل كيلوواط ساعي)                 نوع المصدر                
2-5 سنت الطاقة الكهرومائية
3-4 سنت الطاقة النووية
4-5 سنت الفحم
4-5 سنت الغاز الطبيعي
4-10 سنت الرياح
5-8 سنت الحرارة الأرضية
8-12 سنت الكتلة الحيوية
10-15 سنت بطارية وقود الهيدروجين
15-32 سنت الطاقة الشمسية


المصادر: الجمعية الأمريكية لطاقة الرياح، Wind Blog، جامعة ستانفورد لعلوم الأرض.

 

تُقدّم العديد من الشركات الكبرى للطاقة برامج "التسعيرة الخضراء green pricing" التي تسمح للمستهلكين بالدفع أكثر لكلّ كيلوواط ساعي لاستخدام طاقة الرياح بدلًا من الطاقة المتأتية من شبكة الطاقة العامة، والتي تُعد مصب الكهرباء المتجددة وغير المتجددة المنتجة في المنطقة ككُل.
 

فإذا ما اخترت أن تبتاع طاقة الرياح وكنت على مقربةٍ من مزرعة رياح، فستكون الكهرباء التي تستخدمها في منزلك على الأرجح مولّدةً من الرياح. يوجَّهُ السعر الزائد الذي تدفعه إلى دعم تكاليف إنتاج طاقة الرياح، بينما ستبقى الكهرباء المستخدمة في منزلك ناتجةً عن طاقة الشبكة العامة. وفي بعض الولايات التي حُرّرَ بها سوق الطاقة، أصبح باستطاعة المستهلكين شراء الكهرباء الخضراء Green electricity مباشرةً من مزوّد الطاقة المتجددة، حيث تكون الكهرباء المستخدمة في منازلهم بهذه الحالة حتمًا ناجمةً عن طاقة الرياح ومصادر متجددةٍ أخرى.
 

تنصيب نظامٍ صغيرٍ لعنفات الهواء للاستعمال الشخصي هو إحدى الطرق للتأكد من أن الطاقة التي تستعملها هي طاقةٌ نظيفةٌ ومتجددةٌ. يكلّف تجهيز العنفات للاستعمال المنزلي أو التجاري بين 5 آلاف و80 ألف دولار، أما التجهيز المُعدّ للاستعمال المرفقي فيكلّف أكثر من ذلك بكثير، فتنصيب عنفةٍ واحدةٍ باستطاعة 1.8 ميغاواط قد يكلّف 1.5 مليون دولار، دون احتساب تكاليف الأرض، وخطوط النقل، والتكاليف الأخرى للبُنى التحتية المُرتبطة بنظام طاقة الرياح. تكلّف مزارع الرياح تقريبًا 1000 دولار لكلّ 1 كيلوواط ساعي من الاستطاعة، لذا ستصل تكاليف بناء مزرعةٍ تتألف من سبعِ عنفاتٍ باستطاعة 1.8 ميغاواط إلى نحو 12.6 مليون دولار. على أن "وقت قطف الثمار" لعنفةٍ كبيرةٍ، أي الوقت الّلازم لتوليد كمية كهرباء كافيةٍ تعوّض عن تلك المستنفذة في بناء وتركيب العنفة، يُقدّر من ثلاثة إلى ثمانية أشهر، حسب ما أفادت بهالجمعية الأمريكية لطاقة الرياح.


الحوافز الحكومية


تُسهم حوافز الحكومة لصنّاع ومنتجي نظام طاقة الرياح على الصعيدين العام و الخاص في تكريس وتجسيد الجدوى الاقتصادية لهذا النظام. ومن برامج التنشيط الاقتصادي لأنظمة الطاقة المتجددة نذكر ما يلي:

  • التأمين الضريبي للإنتاج: بشكلٍ أساسيٍّ، يتلقى منتجو الطاقة، التجارية منها عادةً، 1.8 سنتًا  ابتداءً من كانون الأول/ديسمبر 2005 علاوةً على كلّ كيلوواط ساعيٍّ من طاقة الرياح المنتجة للتوزيع العام خلال العشر سنوات الأولى التي تبدأ فيها المزرعة بالإنتاج.
  • قياس الشبكة: في هذا النظام، يتلقى الخواص والتجاريون من منتجي الطاقة المتجددة مخصصاتٍ (رصيدًا) عن كلّ كيلوواط ساعي مُنتجٍ زيادةً عن حاجاتهم، فحينما ينتج أحدٌ ما كهرباءً فائضةً عن حاجاته، يتراجع عداد الطاقة لديه، مُرسلًا الكهرباء الفائضة تلك إلى شبكة الطاقة العامة. ويتلقّى مقابلها رصيدًا يُعد كتسديدٍ أو دفعٍ للكهرباء التي يسحبها من الشبكة أثناء عدم قدرة عنفاته على تزويد منزله أو متجره بالطاقة الكافية واللّازمة. (العديد من شركات الطاقة الكبرى لا تُعير اهتمامًا كبيرًا لهذا التجهيز بما أنهم يقومون بشكلٍ أساسيٍّ بشراء منتج الطاقة الفردية بسعر التجزئة بدلًا عن السعر الإجمالي الذي سيدفعونه في المزرعة).
  • ائتمان الطاقة المتجددة: لدى العديد من الولايات الآن حصص من الطاقة المتجددة لشركات الطاقة، بالمقابل، يترتب على هذه الشركات شراء نسبٍ مئوية محدّدة من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة. فمثلًا، إذا كان هناك شخصٌ ما يملك عنفةً خاصةً ويعيش في ولايةٍ ما لديها برنامج الائتمان الأخضر Green credit program، فسيتلقى أرصدةً تداوليةً tradable لكلّ ميغاواط ساعي من الطاقة المتجددة التي تنتجها عنفته في السنة. بإمكانه بعد ذلك بيع هاته الأرصدة لشركات الطاقة التقليدية الكبيرة التي تبحث عن حصصها من الطاقة المتجددة التي توفرها ولاياتها أو فيدرالياتها.
  • التأمين الضريبي للتركيب: توفر الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات ائتماناتٍ ضريبيةٍ لتكاليف تركيب نظام الطاقة المتجددة ،فميريلاند Maryland على سبيل المثال تُقدم للتجاريين وملاك الأراضي ائتمانًا بقيمة 25% من تكاليف شراء وإنشاء نظام توليد طاقة الرياح مع مراعاة "معايير خضراء green criteria" عمومًا.

 

صورة مجاملة، المخبر الوطني للطاقة المتجددة (على اليسار) و stock.xchng عنفة هوائية للاستعمال المنزلي (على اليسار)، وعنفة هوائية للاستخدام المرفقي.
صورة مجاملة، المخبر الوطني للطاقة المتجددة (على اليسار) و stock.xchng عنفة هوائية للاستعمال المنزلي (على اليسار)، وعنفة هوائية للاستخدام المرفقي.


قد تظل طاقة الرياح مدعومةً حكوميًا، لكنها تُعتبر حاليًا منتجًا تنافسيًا، و تستطيع، حسب معظم التقديرات، الاعتماد على نفسها بمفردها كمصدرِ طاقةٍ قابلٍ للنمو والازدهار. ويُقّدر مخبر العلوم و التقنيات التابع لوزارة الطاقة الأمريكية The Battelle Pacific Northwest Laboratory بأن طاقة الرياح قادرةٌ على توليد 20 بالمئة من كهرباء الولايات المتحدة المُعتمدة على مصادر الرياح فقط. بينما وضعت جمعية طاقة الرياح الأمريكية The American Wind Energy Association هذا الرقم نظريًا 100 بالمئة. وأيًّا كان التخمين الأصح، فمن المرجّح أن الولايات المتحدة لن ترى هذه النُّسب المئوية في القريب العاجل.
 

وستزوّد برامج جمعية طاقة الرياح الأمريكية لعام 2020 ستّة 6 بالمئة من كهرباء الولايات المتحدة الأمريكية. وبالرغم من أن الولايات المتحدة تمتلك واحدةً من أكبر قواعد طاقة الرياح المُنشأة عالميًّا من حيث القوة الكهربائية المُطلقة، لكنها متأخرةٌ من حيث النسبة المئوية عن الدول المُتطورة الأخرى. فقد اعتمدت المملكة المتحدة خطةً لكي تبلغ نسبة الاعتماد على طاقة الرياح 10% عام 2010. كما تُولّد ألمانيا نحو 8% من طاقتها عبرَ الرياح، وإسبانيا كذلك 6%، أما الدنمارك التي تُعتبر الرائدة عالميًا في استهلاك الطاقة النظيفة والنقيّة، فتحصل على 20% من كهربائها من خلال الرياح.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكهرومغناطيسية أو الكهراطيسية (electromagnetism): الكهرومغناطيسية هي مجال دراسة يُركز على القوة الكهرومغناطيسية التي تُمثل نوعاً من التفاعلات الفيزيائية التي تحصل بين الجسيمات المشحونة كهربائية. المصدر: العلوم الأمريكية
  • Doping (التنشيط): هي عملية إدخال مواد إضافية -غالباً ما تكون شوائب (impurities)- في معدن لتغيير خصائص التوصيل لديه. فيمكن أن تكون الموصلات فائقة التوصيل المُطعّمة (Doped superconductors) أكثر كفاءة من نظرائها النقية. فبعض تجاويف المسرّع مصنوعة من النيوبيوم (niobium) المُطعّم بذرات النيتروجين. ويُدرس ذلك لاستخدامه في تصميم المغانط فائقة التوصيل كذلك.

اترك تعليقاً () تعليقات