لأول مرة في العالم: مُسرِّع جُسيمات مدمج يمكن وضعه على الطاولة!

تمكن باحثون من تسريع جسيماتٍ دون ذرية إلى أعلى طاقةٍ يُسجلها مسرعُ جسيماتٍ مدمج compact على الإطلاق باستخدام أحد أقوى أجهزة الليزر في العالم. حيث استخدم فريق من مختبر لورنس بيركلي Lawrence Berkeley الوطني التابع لوزارة الطاقة في الولايات المتحدة أشعة ليزر استطاعتُها من رتبة البيتا واط (أي 10 أُس 15 واط) وغاز من الجسيمات المشحونة (يعرف بالبلازما) لتسريع الجسيمات. ويعرف هذا النظام بمسرع الليزر-بلازما، وهو فئة ناشئة من المسرعات التي يعتقد الفيزيائيون أن بإمكانها أن تختزل حجم المسرعات التقليدية، التي يصل طولها إلى عدة أميال، لتُصبح أجهزةً صغيرةً توضع على الطاولة.

 

قام الباحثون بتسريع الجسيمات التي كانت في هذه الحالة الإلكترونات، داخل أنبوبٍ طوله 9 سنتيمترات، إلى سرعة تتوافق مع طاقة 4.25 جيجا إلكترون-فولت. تعادل عملية التسريع خلال هذه المسافة القصيرة تدرج طاقة أكبر بألف مرة من المسرعات التقليدية، ولذلك فهي تُعتبر رقمًا عالميًا قياسًا في مجال طاقة مُسرعات الليزر-بلازما.

 

يقول د. ويم ليمانز (Wim Leemans) مدير قسم تكنولوجيا المسرعات والفيزياء التطبيقية في مُختبر بيركلي: "تتطلب هذه النتيجة تحكمًا دقيقًا في الليزر والبلازما". وتم نشر هذه النتائج في العدد الأخير من مجلة Physical Review Letters.

 

تزيد مُسرعات الجسيمات التقليدية من سرعة الجسيمات عن طريق تحوير (تعديل) الحقل الكهربائي داخل تجويفٍ معدني. وهذه التقنية محدودة بـ 100 ميجا إلكترون-فولت لكل متر قبل أن ينهار المعدن. يُعد مُصادم الهادرونات الكبير LHC الذي تمتلكه المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية مثالًا عن المسرعات التقليدية، ويبلغ طول محيطه 17 ميلًا.

 

أما مُسرعات الليزر-بلازما فإنها تتخذ نهجًا مختلفًا. ففي هذه التجربة تُطلق نبضة ليزر داخل أنبوبٍ صغيرٍ ورفيعٍ كالقشة يحتوي البلازما, فيُكَوِّن الليزر قناةً خلال البلازما بالإضافة إلى موجاتٍ تحتجز الإلكترونات الحرة وتُسرِّعها إلى طاقات عالية. تُشبه هذه الحالة الطريقة التي يكتسب بها راكب الأمواج البحرية السرعة عندما ينزلق هابطًا مواجهًا للموجة.

 

تم الحصول على النتائج المحطِّمة للرقم القياسي باستخدام مسرع ليزر العائد لمختبر بيركلي، المعروف اختصارًا بـ BELLA الذي بدأ تشغيله العام الماضي، وهو واحد من أقوى أجهزة الليزر في العالم، فهو ينتج استطاعة تصل إلى بيتا واط.

 

يقول د. جايمس سيمونز (James Symons) وهو مدير المختبر المساعد للعلوم الطبيعية بمُختبر بيركلي: "إنه لإنجازٌ رائعٌ للدكتور ليمانز وفريقه أن يصلوا إلى هذه النتائج التي حطَّمت الأرقام القياسية في أول تشغيل لمسرِّع BELLA".

 

يشتهر مسرع BELLA بدقته وإحكامه، بالإضافة إلى قدرته على تركيز استطاعة عالية في بقعة صغيرة. يقول د. ليمانز: "نقوم بإجبار شعاع الليزر على العبور من فجوة قطرها 500 ميكرون وتبعد 14مترًا، فشعاع الليزر في مسرع BELLA يمكن التحكم في توجيهه بثبات كافٍ للقيام بهذه العملية الدقيقة. كذلك فإن نبضات الليزر التي تنطلق مرة كل ثانية تبقى ثابتة فقط لجزء من المئة، لكن مع العديد من أجهزة الليزر لا يمكن أن يحدث ذلك".

 

احتاج الباحثون لمعرفة تأثير العوامل المختلفة على مخرجات التجربة عند الطاقات العالية، فاستخدموا المحاكاة الحاسوبية في مركز الحوسبة العلمية (NERSC) لاختبار النظام قبل تشغيل الليزر. يقول إريك ايساري Eric Esarey المستشار العلمي لقسم تكنولوجيا المسرعات والفيزياء التطبيقية في مختبر بيركلي: " تؤدي التغيرات الصغيرة في النظام إلى اضطراباتٍ كبيرةٍ، نحن نستهدف جوانب من عملية التشغيل وأفضل طرق التحكم في المسرع".

 

وضع ليمانز هدف الوصول 10 جيجا إلكترون نُصب عينيه لتحقيقه في المدى القريب، ولتسريع الإلكترونات إلى طاقاتٍ أعلى سيحتاج الباحثون إلى تحكمٍ أكثرَ دقةٍ بكثافة قناة البلازما التي يمر من خلالها الليزر. خلاصة القول أنهم يحتاجون إلى عمل قناةٍ ذات شكل يناسب التعامل مع إلكترونات ذات طاقات أعلى، وبحسب ليمانز، فإن العمل المستقبلي سيُظهر تقنيةً جديدةً لتشكيل قناة البلازما.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات