كل الشكر لإيفون بريل Yvonne Brill التي اخترعت نظام الدفع الذي منع الأقمار الصناعية الفضائية من السقوط من المدار، وبالتالي يمكننا بكل ثقة القيام بكل أعمالنا والبقاء على تواصل مع بقية العالم.
طورت بيل المفهوم لمحرك صاروخ جديد يدعى هيدرازين ريزيستوجيت hydrazine resistojet (ريزيستوجيت هي وسيلة لدفع المركبات الفضائية التي تؤمن الدفع عن طريق تسخين السائل الخامل).
هذه الطريقة من الدفع كانت مطبقة في الشركة الأمريكية الراديوية Radio Corporation of America عام 1983م ومنذ ذلك الحين أصبحت معتمدة في صناعات الأقمار الصناعية.
وساهمت بريل في نظام الدفع لأول قمر صناعي في الغلاف الجوي العلوي (Explorer 32) وأول قمر صناعي لرصد الطقس (Tiros) بالإضافة لذلك ساهمت في سلسلة من تصاميم صواريخ لمهام القمر نوفا ومراقب كوكب المريخ ومحرك الصواريخ لمكوك الفضاء التابع لناسا.
كما اخترعت بريل نظام دفع صاروخي يسمح للأقمار الصناعية بحمل وقود أقل والبقاء في الفضاء لمدة أطول. مكّنت أنظمة الدفع المتعدد المستخدمة في المركبات الفضائية قبل اختراعها أن يصحح الطاقمُ على الأرض الأخطاءَ وينفذ أوامر جديدة، مع ذلك طريقة الدفع هذه كانت ثقيلة لأن كل جزء له أنواع وقود منفصلة وبحاجة خزانات مختلفة.
ما فعلته بريل هو إدخال نوع واحد من الوقود لجميع الوظائف عوضاً عن عدد الأنظمة المختلفة.
وهنا سنشرح كيف يعمل هيدرازين ريزيستوجيت:
يتوزع الوقود السائل (هيدرازين) عبر متفرع (أنبوب يمتد إلى عدة فتحات) مغذياً سلسلة من الدوافع، ومجموعة واحدة من الدوافع مصممة للتوجيهات الأقوى والأخرى للتوجيهات الأضعف. يضغط كامل النظام عن طريق النتروجين وتراقب تغذية الغاز عن طريق محوّل الضغط بينما يُضبك تدفق الوقود الدافع عن طريق منظم الضغط.
ويوصَل تدفق الوقود الدافع إلى طبقة المحفّز بواسطة أنابيب مثقبة مشرّبة بمادة محفّزة، وبالتالي يتحلل سائل الهيدرازين بمجرد ملامسته للمادة المحفزة عند درجة حرارة عالية جداً مسبباً تمدّداً، ويخلق بذلك قوة دفع، ويمكن تعديل الضغط لمستويات محددة من الطاقة يدوياً بواسطة طاقم العمل على الأرض.
ما الذي جعل بريل عالمة صواريخ بارزة وما الذي جعلها تواصل سعيها نحو حلمها في الوقت الذي لم تعرف فيه أغلب نساء جيلها التعليم الجامعي؟
ولدت إيفون بريل بالقرب من وينيبيغ في مقاطعة مانيتوبا الكندية في 30 كانون الأول/ديسمبر من العام 1924.
كانت مع اثنين من أشقائها الجيل الكندي الأول (كلا والديها هاجرا من بلجيكا)، وإيفون كانت أول من ذهبت إلى الجامعة من عائلتها وقد أخبرها مدرس العلوم في المدرسة الثانوية بأن المرأة لن تصل إلى أي مكان في العلوم، كما أراد والدها أن يفتح لها متجر صغير في البلدة لكنها لم تستمع إلى أي منهما وبمنحة دراسية دخلت جامعة مانيتوبا، وبعد سنوات قليلة تخرجت بشهادة في العلوم (في البداية أرادت دراسة الهندسة ولكن الجامعة رفضت طلبها لأنها لا تقبل النساء).
عام 1945 وبعد تخرجها، قبلت عرض عمل في شركة الطيران دوغلاس في ولاية كاليفورنيا وانتقلت إلى الولايات المتحدة، أرادت الحصول على شهادة الماجستير في الكيمياء وقررت حضور الدروس المسائية في جامعة جنوب كاليفورنيا وهنا التقت زوجها المستقبلي وليام بريل وتزوجا في غضون عام ثم انتقلا إلى الساحل الشرقي، أولاً إلى كونيتيكت ثم إلى نيوجيرسي.
تمكنت إيفون من تحقيق التوازن بين حياتها العائلية والمهنية كما أنها تبعت زوجها (الذي كان باحثاً في الصيدلة) إلى أي مكان يأخذه إليه عمله فانتهى بهما المطاف في برينستون في نيوجيرسي، واستطاعت دائماً الحصول على عروض عمل في مجالات يسيطر عليه الرجال، في البداية كانت تعمل بدوام جزئي مما مكنها من الاعنتاء بأطفالها الثلاثة.
ويُعتقد أن بريل هي المرأة الوحيدة في الولايات المتحدة الأمريكية التي أجرت أبحاثاً في علم الصواريخ في منتصف أربعينيات القرن الماضي، لقد واجهت نصيبها من التحيز لكنها لم تشعر بأي مرارة قائلةً: "إنه مجرد أمر لم أفكر به مطلقاً"، وقد لاحظت ذلك عندما تذكرت أن الراتب الذي يُدفع لها أقل من الراتب الذي يدفع للرجال.
خلال آخر عشرين سنة من حياتها روّجت إيفون بريل لعمل نساء عالمات أخريات كما رشحتهنّ لجوائز مختلفة معتقدة أنهنّ يستحقنها.
وفي عام 2011، في مراسم البيت الأبيض منحها الرئيس باراك أوباما جائزة الميدالية الوطنية للتكنولوجيا والإبداع ولقب الشرف الرفيع للمهندسين والمخترعين.
عندما سئلت عن كيفية نجاحها بالرغم من كل المعوقات حيث أصبحت رائدة في مجالها أجابت: "امتلكت الشجاعة اللازمة لذلك".
توفيت إيفون بريل في 27 آذار/مارس 2013 في برينستون نيوجيرسي.