الروبوتات المتسلقة للصخور يُمكن أن تساعد في صيد الحياة على المريخ

قد يُساعدنا الروبوت، الذي مكننا من مواجهة المنحدرات الحادة، يوماً ما في استكشاف المريخ، والبحث عن دلائل على الحياة.

أظهرت أحدث التجارب على الروبوت "CliffBot" بأنه من الممكن أن يساعد في دراسة أماكن من الصعب أو من المستحيل على رواد الفضاء أن يصلوا إليها على الرغم من وجود حاجة إلى المزيد من التحسينات من أجل التغلب على العقبات وذلك وفقاً للنتائج التي تمَّ تفصيلها في مجلة البيولوجيا الفلكية.

تُشاهد الأخاديد والوديان ذات المنحدرات الحادة في جميع أنحاء المريخ؛ وربما قامت القنوات المائية القديمة بقطع العديد من هذه الوديان على الكوكب الأحمر، ممّا يُشير إلى أن المياه قد تدفقت في زمنٍ ما فوق سطح هذا العالم المعروف الآن كعالمٍ جاف ومغبر.

احتمالية تدفق المياه على سطح المريخ تُثير الأمل باحتمال وجود الحياة في السابق هناك، أو أنها لا تزال موجودةً هناك وربما مختبئة في خزانات تحت الأرض. وكما نعرف فالماء السائل هو عنصر أساسي للحياة، ولذلك تُوجد حياة في كل مكان تُوجد فيه مياه سائلة.

من أجل معرفة ما إذا كان تاريخ المريخ قد شمل الحياة، يرغب العلماء في معرفة المزيد عن ماضي الكوكب؛ وعلى الأرض غالباً ما يقوم الباحثون بهذا الأمر وذلك بالاعتماد على الحفريات -فكلما كانت المواد أقدم، كلما وُجدت عند أعماق أكبر.

على أية حال، الحفر على سطح المريخ أمر صعب لأن ذلك يتطلب معدات ثقيلة وليس من السهل أبداً التحليق بهذه المعدات إلى كوكبٍ آخر.

بدلاً من استخدام بعثات روبوتية أو بشرية من أجل الحفر على سطح المريخ، يُريد الباحثون معرفة ما إذا كان بالإمكان الاستفادة من كيفية حصول التشكل الطبيعي لطبقات الأخاديد والوديان على الكوكب الأحمر بالإضافة إلى طبقات الصخور المكشوفة. 

يُمكن للروبوت تسلق منحدرات هذه الوديان، وبإمكانه أن يكشف عن أدلة تتعلق بتاريخ المريخ. بمعنى آخر، كلما كان بإمكان الروبوت الانحدار أكثر، كلما كان بإمكانه العودة بالزمن إلى الوراء أكثر.

منذ عام 2001، تقوم جمعية كوكب المريخ (Association Planète Mars)، وهي الجزء الفرنسي من جمعية المريخ، بتجريب مجسات قادرة على مواجهة الانحدارات الشديدة باستخدام كابلات؛ والهدف من ذلك هو مساعدة رواد الفضاء على تشغيل مركبة استطلاع المنحدرات (CRV) يدوياً بدلا من قيامهم بالتعلق بالصخور بأنفسهم واستخدام الكاميرات والأدوات العلمية الأخرى الموجودة على متن الروبوت من أجل تحليل المواقع التي يصعب الوصول إليها.

تم إجراء سلسلة الاختبارات الأخيرة على (Cliffbot) كجزء من مشروع (MARS2013) التابع لمنتدى الفضاء النمساوي في فبراير/ شباط عام 2013؛ وتمت تلك الاختبارات بالقرب من أرفود في الصحراء المغربية لأن جيولوجيا الصحراء وتضاريسها هناك مشابهة لتلك الموجودة فوق المريخ.

تمت قيادة (Cliffbot) من قبل مشغلين يرتدون بدلة الفضاء (Aouda.X) -وهو زي يهدف إلى محاكاة ما قد يواجه رائد فضاء في فضاء حقيقي على سطح المريخ. على الرغم من أن (Aouda.X) عبارة عن بدلة ليست محكمة تماماً مثل بدلة الفضاء الحقيقية، إلا أنه بإمكانها محاكاة العديد من القيود الرئيسية المتعلقة بالبراعة والحركة التي توفرها البدلة الحقيقية على سطح المريخ (على سبيل المثال، نظام يَزِن 100 باوند (45 كيلوغرام)، ويحتاج إلى ساعتين من أجل ارتدائه).

جرب العلماء مع (Cliffbot) عمليات الهبوط من فوق منحدرات مرتفعة وأكثر علواً من أي وقت مضى (في السابق، تم اختبار الروبوت على منحدرات لا يتجاوز ارتفاعها 59 قدم (18 متر)، وهي موجودة في مناطق مثل فرنسا وأوتا).

وباستخدام كابل، نجح الفريق في إنزال (Cliffbot) لمسافة وصلت إلى 150 قدم (45 متر)؛ وتضمنت هذه التجارب إنزال الروبوت في مدخل كهف موجود على تلة طينية -وهي مساحات من الصعب جداً على رائد فضاء التعامل معها؛ وأضاف الباحثون أن انخفاض الجاذبية فوق المريخ يجب أن يجعل من عملية إنزال Cliffbot -من أجل مشاهدة الأماكن المهمة -أكثر سهولة على المشغلين لأن (Cliffbot) سيزن فوق المريخ حوالي 38% من وزنه فوق الأرض.

ساعدت الكاميرا عالية الدقة، وواسعة الحقل، والموجودة على Cliffbot في نقل صور للعديد من الأصداف البحرية الأحفورية المدفونة في المنحدرات المغربية؛ ويقترح هذا الأمر إمكانية قيام الروبوت بمساعدة رواد الفضاء في استكشاف المميزات الشاذة المماثلة والموجودة فوق سطح المريخ.

يقول آلان سوشير (Alain Souchier) وهو المؤلف الرئيسي للدراسة ومهندس ميكانيك ورئيس جمعية كوكب المريخ في فيرنون بفرنسا: "الهدف الضمني والمهم لتجارب Cliffbot هو البرهان على إمكانية استبدال الحفر العميق على سطح المريخ بمركبات يإمكانها الهبوط فوق المنحدرات".

لم يواجه Cliffbot مشاكل أثناء الاختبارات. وفي مرة واحدة فقط، لم يتمكن المشغلين من استرداد الروبوت من منحدر لادن، لأن صخرة ضخمة حجمها 15.7 بوصة (40 سم) علقت بين مكابح العجلة اليمينية؛ وإحدى الطرق الواعدة من أجل حل هذا التحدي في المستقبل هي استخدام العجلات الصلبة التي لا تمتلك مكابح.

وضع العلماء كاميرا مع المرآة، التي تسمح بمشاهدة ما يحصل خلف الروبوت، وساعدت هذه الكاميرا (Hazcam) المشغلين على رؤية المناطق المحيطة بالروبوت من أجل استباق الأخطار التي قد تواجهه. ومع ذلك، عندما علقت صخرة في مكابح الروبوت، لم يتمكن المشغلون من مشاهدة هذه المشكلة باستخدام Hazcam أو المرآة. من أجل المستقبل، اقترح العلماء إمكانية إضافة كاميرات موجهة إلى عجلات الروبوت من أجل الكشف عن مثل هذه المشاكل.

يقول سوشير: "هذه التعديلات سهلة من الناحية الفنية، لكن الأمر ليس كذلك عند الحديث عن التنفيذ".

وأضاف أن Hazcam ساعدت المشغلين في فهم ما كان يقوم به الروبوت عندما كان يخيم على المنحدرات بعيداً عن الأنظار.

يذكر الباحثون بأنه يُمكن لـ Cliffbot أن يحمل في المستقبل نفس أنواع الأجهزة العلمية المستخدمة اليوم مع الجوالين المريخيين من أجل القيام باستكشاف أفضل للمريخ -على سبيل المثال، يُمكنه أن يأخذ معه كاشفاً لغاز الميثان -وهو غاز عضوي قد يكون وجوده فوق المريخ إشارة على وجود الحياة. وسيكون جهاز (L.I.F.E laser) أداةً أخرى مفيدة، ويمكنها الكشف عن الجزيئات الأخرى التي قد تشكل علامات محتملة للحياة -مثل الكلوروفيل.

من المقرر أن تتم التجارب المستقبلية على Cliffbot في أوتا عام 2015؛ ووفقاً لـ سوشير فإنه من المتوقع أن يقوم طلاب هندسة الطيران الفضائي "بتقديم تحسينات أخرى على المركبة".


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات