إلى بلوتو ثمة وعدٌ بأن تلقي الشهورُ القادمة ضوءاً على العالم السفلي لنظامنا الشمسي

دائماً ما كان بلوتو يُعامل معاملة سيئة، فبينما حصل زيوس (Zeus) في الأساطير الكلاسيكية على السيادة على السماء، وبوسيدون على سيادة البحار، أُثقِل كاهل أخيهما بلوتو (المعروف سابقاً بهاديس [Hades]) بالعالم السفلي وجحافله من الموتى. أما بلوتو الكوكب، فقد جاء اكتشافه متأخراً بسبب معركة قانونية مدتها عقد من الزمان، ثم، بالكاد، حصل على مكانه في الكتب الدراسية (textbooks) للقرن الحادي والعشرين، قبل أن يقرر علماء الفلك سحب عضويته الكوكبية الكاملة. 

مع أن تصنيفه ككوكب قزم (dwarf planet) لا يزال محل اعتراض البعض، فإنّ بلوتو، في نظر آخرين، هو أول مثال على التصنيف البلوتوي للأجرام وراء النبتونية (plutoid category of trans - Neptunian objects).

ثم يأتي أمر أقماره؛ فعندما اكتُشِف رابع الأقمار التابعة لبلوتو في 2011، اقتَرَحت حملةٌ يقودها ويليام شاتنر Willian Shatner أحد ممثلي ستار تريك Star Trek الاسمَ ﭬولكان (Vulcan)، لكنّ علماء الفضاء - مفضلين الإبقاء على سمة العالم السفلي - اختاروا الاسم سيربيروس (Cerberus)، على غرار الكلب ثلاثي الرؤوس الحارس على الأرض –مع أنهم استقروا على اللفظ الإغريقي للاسم كيربيروس (Kerberos)، لأن "سيربيروس" كان اسماً ﻷحد الكويكبات.

تجتمعُ الأقمار الفرعية الأخرى، وهي ستيكس (Styx) "نهر كئيب، وبركة لغطسة واحدة للرضيع أخيل [Achilles]"، وهيدرا (Hydra) "حارس أفعواني متعدد الرؤوس"، ونيكس (Nix) "لفظ آخر لـ Nyx، إلهة الليل" مع قمر كبير بنصف حجم بلوتو، اسمه شارون (Charon) "مسؤول النقل عبر النهر ستيكس، وابن نيكس". 

يقول بعض علماء الفلك أن شارون يشكل مع بلوتو الكوكب الثنائي (binary planet) الوحيد في النظام الشمسي، أو أنه ربما يجب أن يكون نظاماً بلوتوياً مزدوجاً (double plutoid system).

بكلمات أخرى، لا يوجد شيء بسيط في تلك الزاوية من نظامنا الشمسي؛ فبينما تندفع المركبة الفضائية نيوهورايزونز (New Horizons) باتجاهه من أجل أول رؤية قريبة على تلك الأجسام، يضع علماء الفلك هذا الأسبوعَ أسئلة حول الجسم السماوي المعروف سابقاً باسم الكوكب بلوتو. 

يمكن للأسئلة، التي قد يأتي بعضها عندما تمر "نيو هورايزونز" أمام الكوكب القزم في منتصف تموز/يوليو، أن تساعد الباحثين في فهم كيفية تشكل الكواكب وأقمارها في المقام الأول.

قليلة هي معرفتنا عن تكوّن بلوتو، لكن علماء الفلك كانوا افترضوا أنه تشكل من بقايا اصطدام بين سليف بلوتو (proto - Pluto) وسليف شارون (proto - Charon)، أما الكواكب الأخرى فقد تكون أتت بعدها مع بعضها من القطع الصغيرة من بين حطام الاصطدام الملتف. 

يُعتبر اكتشاف ستيكس في 2012 شيئاً من قبيل المفاجئة؛ ﻷن الدراسات كانت اقترحت أن الأقمار الثلاثة الأخرى الأصغر كانت مجتمعةً قريباً جداً لدرجة أنه لم يكن متسعٌ لقمر آخر.

في الصفحة 45 من العدد الحالي من مجلة Nature يصف عالما الكواكب مارك شوولتير Mark Showalter، ودوغلاس هاميلتون Douglas Hamilton كيف حلّلا صور التلسكوب الفضائي هابل (Hubble Space Telescope)، ليبنيا صورة للترتيبات المدارية، ولسطوعات أقمار بلوتو الصغيرة. 

وجد العالمان أن ستيكس، ونيكس، وهيدرا محبوسون مع بعضهم فيما يسميه علماء الفلك رنينِ الأجسامِ الثلاثة  (Three body resonance)، وهي ظاهرة تربط توقيت مدارات هذه الاقمار وعادة ما تجعل حركتها ثابتة.

كما يقترحان أيضاً أن كيربيروس يبدو قليلاً في غير موضعه، ومع أن نيكس وهيدرا لهما سطحان ساطعان، يشبهان في ذلك سطح شارون، إلا أن كيربيروس يبدو داكناً كالفحم، وهذا الأمر يثير أسئلة حول كيفية إمكانية تشكل هذا النظام المختلط من الأقمار التابعة. "بلوتو هو الأسطع من بين تلك الأجرام، وبانعكاس قريب من انعكاس بحر من جليد".

استُبدل بلوتو بالاسم الأسطوري "هاديس"، كإله للعالم السفلي؛ ﻷن بلوتو له معنى أكثر إيجابية: فهو يربط الحاكم بالثروة المعدنية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات