التعلق بالفونونات: فريق أبحاث يقيس ذبذبات الغرافين

التمرير النفقي للإلكترونات من طرف مجهر مسح نفقي scanning tunneling microscope يحفز الفونونات في الغرافين. وتبين الصورة شبكة غرافين مع أسهم زرقاء تشير إلى اتجاه حركة ذرات الكربون لأحد أنماط الفونون منخفض الطاقة في الغرافين .

Credit: Wyrick/NIST


طوّر فريق أبحاث دولي، بقيادة علماء لدى مركز Nanoscale Science and Technology التابع للمعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا (National Institute of Standards and Technology) أو أختصاراً (NIST)، وسيلة لقياس ذبذبات البلورات في الغرافين، إذ يُعد فهم هذه الذبذبات خطوة حاسمة نحو التحكم في التقنيات المستقبلية التي تعتمد على الغرافين (graphene)، وهو شكل كثيف أحادي الذرة من أشكال الكربون.
وسينشر تقرير عن نتائج أبحاثهم في عدد 19 حزيران/ يونيو 2015 من Physical Review Letters.

تترتب ذرات الكربون في الغرافين بتكرار منتظم ضمن شبكة تشبه قرص العسل -بلورة ثنائية الأبعاد- ومثلها مثل غيرها من البلورات، فإنها عندما تتعرض لقدر كاف من الحرارة، أو غيرها من أنواع الطاقة، فإن القوى التي تربط الذرات ببعضها تؤدي إلى تذبذب الذرات ونشر الطاقة خلال المادة، على نحو مشابه لكيفية تردد صدى اهتزاز أوتار الكمنجة خلال جسمها كله أثناء العزف عليها.

ومثلما أن لكل كمنجة سماتها الخاصة الفريدة، فإن كل مادة تتذبذب بترددات فريدة، وتلك الذبذبات الجماعية التي يقع ترددها في مدى التيراهيرتز (terahertz-range) "بليون بليون ذبذبة في الثانية الواحدة"، هي ما يسمى "فونونات" (phonons).

يُوفر فهم كيفية تفاعل الفونونات أدلة عن كيفية إدخال الطاقة في داخل المادة أو إزالتها أو نقلها، وعلى وجه الخصوص، فإن إيجاد وسائل فعالة لإزالة الطاقة الحرارية، هو أمر حيوي من أجل التقليص المستمر لحجم الأجهزة الإلكترونية.

من بين وسائل قياس تلك الذبذبات متناهية الصغر، طرد "تحرير" الإلكترونات من المادة وقياس مقدار الطاقة التي نقلتها الإلكترونات إلى الذرات المتذبذبة، لكنها طريقة صعبة، إذ أن هذه التقنية التي تدعى "التحليل الطيفي النفقي غير المرن" (inelastic electron tunneling spectroscopy) أو أختصاراً (IETS)، لا تُبدي سوى ومضة صغيرة قد يصعب التقاطها عبر اضطرابات أكثر صخباً.

"كثيراً ما يُواجَه الباحثون بالعثور على طرق لقياس إشارات أصغر وأصغر"، كما يقول الباحث لدى NIST فابيان ناتيرر Fabian Natterer، ويتابع: "ولكبح الفوضى وإحكام السيطرة على الإشارات الصغيرة، فإننا نستخدم الخصائص المتميزة جداً للإشارة نفسها".

وخلافاً للكمنجة التي تصدر الأصوات بأخف لمسة، وفقاً لناتيرر، فإن الفونونات لها طاقة عتبة مميزة، ويعني هذا أنها لن تتذبذب إلا إذا حصلت على القدر المناسب تماماً من الطاقة، مثل ذاك الذي توفره الإلكترونات في "مجهر المسح النفقي" (scanning tunneling microscope) أو أختصاراً (STM).

لتصفية إشارة الفونونات من التشويشات الأخرى، استخدم باحثو NIST الـ STM لإحداث تغيير منهجي في عدد الإلكترونات التي تتحرك خلال جهاز الغرافين الخاص بهم، ومثلما تباين عدد الإلكترونات، تباينت أيضاً طاقة الإشارات غير المرغوب بها، ولكن الفونونات ظلت ثابتة على وتيرتها المميزة. وقد أدى توسيط الإشارات خلال التراكيز الإلكترونية المختلفة إلى تخفيف الاضطرابات المزعجة، ولكنه عزز الإشارات الفونونية.

ولقد تمكن الفريق من موضعة كل فونونات الغرافين بهذه الوسيلة، واتفقت نتائجهم اتفاقاً حسناً مع التنبؤات النظرية لمعاونيهم لدى Georgia Tech.

ووفقاً لزميل NIST، جو ستروتشيو Joe Stroscio، فإن تَعلم التقاط إشارة الفونونات قد مكنهم من رصد سلوك غير مألوف ومدهش.

يقول ستروتشيو: "لقد انخفضت كثافة إشارة الفونون بحدة عندما حولنا ناقل شحنة الغرافين من الثقوب إلى الإلكترونات -من شحنات موجبة إلى سالبة"، ويُضيف: "إن مفتاح معرفة ما الذي يُعزز، في البدء، إشارات الفونونات ومن ثم يتسبب بانخفاضها، هو أنماط دهليز الصدى whispering gallery modes، التي تمتلئ بالإلكترونات وتمنع الفونونات من التذبذب عندما نتحول من الثقب إلى تطعيم الإلكترون (electron doping)".

ويشير الفريق إلى أن هذا التأثير مشابه للتأثير الناجم عن الرنين (resonance)، الذي يُشاهد في الجزيئات الصغيرة. ويُخمن الفريق أنه إذا ما كان هذا التأثير نفسه هو ما يحدث هنا، فإن ذلك قد يعني أن النظام -الغرافين والـ STM- يحاكي جزيئاً عملاقاً، ولكنهم يقولون أنهم ما زالوا يفتقرون لأساس نظري متين لما يحدث.

هذا وقد صُنع جهاز الغرافين عالي النقاء على يد واي. شاو Y. Zhao الباحث لدى NIST في Center for Nanoscale Science and Technology's Nanofab، وهو مرفق للمستخدم الوطني، ومتاح للباحثين من الأوساط الصناعية والأكاديمية والحكومية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التحليل الطيفي (Spectroscopy): التحليل الطيفي ببساطة هو علم قياس شدة الضوء عند الأطوال الموجية المختلفة. وتُسمى المخططات البيانية الممثلة لهذه القياسات بالأطياف (spectra)، وهي المفتاح الرئيسي لكشف تركيب الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية. المصدر: ناسا
  • الالكترون (Electron): جسيم مشحون سلبياً، ويُوجد بشكلٍ عام ضمن الطبقات الخارجية للذرات. تبلغ كتلة الالكترون نسبة تصل إلى حوالي 0.0005 من كتلة البروتون.
  • الغرافين (graphene): مادّة كربونية ثنائية الأبعاد وذات بنية بلورية سداسية، وتُعدّ أرفع مادّة معروفة على الإطلاق بحيث يُعادل سمكها ذرة كربون واحدة.
  • الفونونات (phonons): الفونون: يُشير هذا المصطلح في الفيزياء إلى ترتيب دوري للذرات أو الجزيئات داخل المادة الكثيفة مثل المواد الصلبة وبعض السوائل. توجد الذرات والجزيئات داخل المواد في بنية بلورية وترتبط مع بعضها البعض بقوة، وبالتالي لا يُمكنها الاهتزاز بشكلٍ مستقل، وإنما يأخذ اهتزازاها أنماطاً جمعية تنتشر داخل المادة. تُعالج طاقات الاهتزاز في البلورة على أنها هزّازات توافقية كمومية. وهي لا تقبل أو تخسر الطاقة إلا بوحدات محددة بعلاقة بلانك hu. تُعرف أنماط الاهتزاز هذه الموجودة في البلورة والتي تقبل كميات محددة من الطاقة بالفونونات.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات