مدة مواسم الحرائق أصبحت أطول

في الصورة أعلاه، يشير اللونان الأحمر والبرتقالي إلى المناطق التي شهدت زيادة في مدة مواسم الحرائق بين عامي 1979 و2014؛ ويشير اللون الأصفر إلى المناطق التي بقيت فيها مدة المواسم كما هي دون زيادة أو نقصان؛ ويشير اللون الأزرق إلى المناطق التي شهدت انخفاضاً في مدة الحرائق الموسمية؛ أما اللون الرمادي فيشير إلى المناطق التي لا تحتوي نباتات يمكنها المساهمة في تغذية تلك الحرائق.
حقوق الصورة: وكالة ناسا.


 


أكد تحليلٌ جديد شمل بيانات الأرصاد الجوية خلال 35 سنة ازدياد مدة مواسم الحرائق؛ ويُعرف موسم الحرائق (Fire season) بأنه الفترة من السنة التي يكثر فيها احتمال اشتعال حرائق الغابات الهائلة وانتشارها بشكلٍ واسع، مما يسبب ضرراً كبيراً في الموارد، وهو يختلف بموعده ومدة استمراره تبعاً للمنطقة التي يحدث فيها.

قاد فريق الباحثين في هذا التحليل مات جولي Matt Jolly، عالم البيئة وعضو مكتب حماية الغابات في أمريكا (U.S. Forest Service)؛ وركز التحليل في دراسته على أربع متغيراتٍ مناخية تلعب دوراً مهماً ومؤثراً في طول مدة موسم الحرائق، وهي: درجات الحرارة القصوى (maximum temperatures)، والحد الأدنى للرطوبة النسبية (minimum relative humidity)، وعدد الأيام الخالية من الأمطار (rain-free days)، وسرعة الرياح القصوى (maximum wind speeds). 

وبحسب معطيات التحليل، تطول مدة موسم الحرائق وتتسع بقعة انتشاره عندما يتزامن ارتفاع درجات الحرارة، مع الرطوبة المنخفضة، وهبوب الرياح عالية السرعة، وعدم هطول الأمطار. وقد استخدم جولي وزملاؤه الباحثون بيانات مستقاة من تحاليل المركز الوطني للتنبؤات البيئية (NCEP) التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، ومن قسم الطاقة في المركز (NCEP-DOE) الموجود في NOAA، بالإضافة إلى المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF).

ووجد الباحثون أن رقعة مواسم الحرائق قد انتشرت لتغطي ما يعادل ربع المساحة الخضراء في الأرض. وقد تؤدي أية زيادة بسيطة في مدة مواسم الحرائق كل سنة في مناطق معينة، إلى تغيير كبيرٍ في المدة التي تقترحها الدراسة. فعلى سبيل المثال، تعاني الآن مناطق في الولايات المتحدة الأميركية والمكسيك والبرازيل وأجزاء من شرق إفريقيا من موجةٍ كبيرةٍ من حرائق الغابات. وسيشهد موسم الحرائق هذا زيادةً في مدته تبلغ أكثر من شهر، مما يجعلها أطول مما كانت عليه قبل 35 سنة.

ويعزو الباحثون طول مدة موسم الحرائق في غرب الولايات المتحدة الأميركية إلى حدوث عدة تغيراتٍ في توقيت ذوبان الثلوج، وفي توقيت هطول الأمطار الربيعية، بالإضافة إلى ازدياد ضغط البخار. ويربط الباحثون بين هذه التغيرات وبين ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية والتغير المناخي (climate change). ومن ناحية أخرى، يعتقد الباحثون أن انخفاض معدلات الجفاف في غربي إفريقيا وشواطئ المحيط الهادي في أمريكا الجنوبية، يعود سببه إلى قصر مدة مواسم الحرائق في تلك المناطق.

يقول جولي أن عدة أجزاء من العالم تشهد حدوث حرائقَ موسمية قوية بشكل متكرر. ويعلق جولي على هذا بقوله: " تظهر الخريطة اتجاهاتٍ ثابتة على امتداد وانتشار الحرائق الموسمية".

وعلى ما يبدو، عانت العديد المناطق التي شهدت نمواً تدريجياً في طول مدة الحرائق الموسمية من حدوث تلك الحرائق فيها بشكل متكرر. إلا أن هذين المعيارين ليسا بالضرورة مترافقين على الدوام في كل المناطق. فعلى سبيل المثال، لم تشهد أستراليا حدوث زيادةٍ في مدة مواسم الحرائق فيها، ولكنها مع ذلك تعاني بعض المناطق في شرقها من حدوث حرائق موسميةٍ عنيفة أصبحت أكثر تكراراً على مدار السنين.

وعموماً، شهد ما معدله 54% من مساحة المناطق الخضراء في العالم مواسم حرائق طويلة المدة. ووفقاً لجولي، فقد حدثت هذه المواسم بشكل أكثر تواتراً في الفترة الممتدة بين عامي 1996 و2013، وذلك بالمقارنة مع الفترة الممتدة بين عامي 1976 و 1996. ويعني هذا المعدل وجود مضاعفةٍ في المساحة الإجمالية للأراضي المحروقة التي تأثرت بمواسم حرائق طويلة. ولإجراء عملية الحساب، يعرف موسم الحرائق الطويل (long fire season) بأنه مدة تمثل انحرافاً معيارياً واحداً فوق المعدل التاريخي.

ومما يجدر بنا ملاحظته أن هذه الدراسة تظهر لنا البيئات التي أصبحت أكثر عرضة لحدوث الحرائق فيها، إلا أنها لا تحدد ما إذا كانت حرائق الغابات شديدةً جداً، أم أنها سببت احتراق مساحات أوسع من الأراضي. فعلى الرغم من طول مدة تلك المواسم وتكرر حدوثها، إلا أن هناك عوامل أخرى يمكنها التأثير في حدوثها وفي كيفية سلوكها. ونذكر من هذه العوامل: إمكانية تسبب البرق أو النشاط البشري في حدوث الحرائق، ومدى الجهد الذي يبذله الإنسان في سبيل إطفائها، وإمكانية وجود بعض خزانات الوقود التي ربما ستساهم في تغذية تلك الحرائق.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الإدارة الوطنية للغلاف الجوي والمحيطات (NOAA): وهي منظمة حكومية أمريكية تعنى بدراسة الغلاف الجوي والمحيطات، وNOAA اختصار لـ National Oceanic and Atmospheric Administration.

اترك تعليقاً () تعليقات