مجموعة من العلماء تقدم أدوات جديدة للتنبؤ بوصول العواصف الشمسية إلى الأرض

توضح الصورة أعلاه تدفقاً إكليلياً كتلياً أطلقته الشمس في فبراير/شباط 2007 وصورته المركبة الفضائية SOHO التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية وناسا.

المصدر: SOHO Consortium, ESA, NASA


عندما تقذف الشمس مليار طن من الحقول المغناطيسية والجسيمات عالية الطاقة إلى الفضاء بسرعاتٍ تتعدى مليار ميل في الساعة، وبوجود شروط مناسبة من الطقس الفضائي (space weather)، فإن العاصفة الجيومغناطيسية (geomagnetic storm) الناجمة عن ذلك يُمكن أن تؤدي إلى عواقب كارثية على أنظمة الملاحة والاتصالات، وشبكات الطاقة الكهربائية، وأن تُعرِّض رواد الفضاء إلى أخطار الإشعاع، بالإضافة إلى المسافرين على متن الطائرات وطواقم تلك الطائرات.

تُعتبر القدرة على التنبؤ بهذه الظروف بشكلٍ صحيح هدفاً علمياً رئيسياً. ويعمل اليوم باحثون من مركز علوم الفضاء في جامعة نيو هامشير (SSC) على إضافة بعض الأدوات القوية إلى الأدوات التنبؤية المتوفرة حالياً، معتمدين في ذلك على بيانات المركبة الفضائية مسنجر التابعة لناسا، والتي دارت حول الكوكب الداخلي في نظامنا الشمسي "عطارد" منذ مارس/آذار 2011 وحتى تحطمها الذي حدث فوق سطح الكوكب في 30 أبريل/نيسان 2015. 

وفي ورقة علمية نُشرت في مجلة "Geophysical Research-Space Physics"، يستخدم طالب دراسات ما بعد الدكتوراه ريكا وينسلو Reka Winslow وزملاؤه الأرصاد التي تم الحصول عليها من المركبة مسنجر لدراسة الاندفاعات الإكليلية الكتلية القوية بين النجمية (interstellar coronal mass ejections) أو اختصاراً (ICMEs) بالقرب من مصدرها، وذلك في مسعى منهم لتعقب وتحليل تطور تلك العواصف الشمسية وتحسين عملية التنبؤ بمواعيد وصولها إلى الأرض. 

يقول وينسلو: "كانت مسنجر المركبة الفضائية الأولى التي قامت بإجراء قياسات للوسط بين النجمي القريب من الشمس منذ ثمانينات القرن الماضي". ويُضيف بأنّ "البيانات الناتجة تُمثل فرصة فريدة لدراسة تطور الـ ICMEs أثناء توسعها وانتشارها للخارج قبل وصولها إلى الأرض".

ويعتبر هذا البحث فريداً من نوعه لأنّ مسنجر كانت مهمة كوكبية ركزت على فهم عطارد نفسه، لكن مقياس المغناطيسية الموجود على متنها جمع أيضاً كنزاً من المعلومات المتعلقة بالحقول المغناطيسية لـ ICMEs، وهو الأمر الذي يستخدمه باحثو نيو هامشير آملين بتحسين عملية التنبؤ بالطقس الفضائي. 

يقول وينسلو: "لم تكن أرصاد مسنجر مكرسة لـ ICMEs، ولذلك كان من المثير حقاً بالنسبة للمجتمع العلمي أن هذه البيانات موجودة ومتاحة للجميع حالياً". وبين الكثير من الأشياء، يُمكن للمجتمع العلمي الوصول إلى البيانات ووضعها في نماذج وعمليات محاكاة للمساعدة من التأكد من متانة القدرات التنبؤية الحالية ودقتها.

ستساعد البيانات أيضاً العلماءَ في التحضير لبعثات ناسا القادمة نحو الجزء الداخلي من نظامنا الشمسي خلال الأعوام الخمس القادمة، مثل Solar Probe Plus والمركبة الفضائية الشمسية المدارية، وكلاهما يتضمن علماء من جامعة هامشير.

يقول وينسلو: "ستستكشف هذه المهمات القادمة بعضاً من المناطق نفسها التي استكشفتها مسنجر، ولذلك فهي لا تُقدر بثمن من ناحية السماح بمقارنة البيانات والمراقبات".

تُركز إحدى الاكتشافات الرئيسية الأولية لبيانات مقياس المغناطيسية، والموجود على متن مسنجر، على سرعة وتباطؤ الـ ICMEs بعد انطلاقها من الشمس. وفي الوقت الراهن لا يعرف العلماء على وجه التحديد المكان الذي تتوقف ICMEs فيه عن التباطؤ قبل أن تتابع مسارها باتجاه الأرض بسرعات ثابتة، وهذا الأمر يُمثل جزءاً أساسياً مفقوداً من لغز عملية التنبؤ. 

يقول وينسلو: "نعرف بالاعتماد على بيانات مسنجر أن طور التباطؤ يستمر بعد تجاوز هذه التدفقات لمدار عطارد ويتوقف قبل أن يصل إلى الأرض، لكن المكان الذي تصل فيه هذه التدفقات إلى سرعتها الثابتة لا يزال غير واضح". ويتابع: "وإذا أردنا أن نكون قادرين على التنبؤ بمواعيد وصول ICME إلى الأرض بدقة أكبر، فينبغي أن نكون قادرين على التعاطي بشكل أفضل مع تباطؤ ICMEs بعد تجاوزها لمدار عطارد".

بالإضافة إلى ذلك، ونظراً لأن اتجاه الحقل المغناطيسي لـ ICME أمر مهم بالنسبة للشدة المحتملة للعاصفة الجيومغناطيسية، فإنّ علماء جامعة نيو هامشير يستخدمون أيضاً بيانات مسنجر للمساعدة في تحديد الكيفية المحتملة التي تقوم بها تلك الحقول المغناطيسية بالتطور وتغيير اتجاهها أثناء عبورها إلى الأرض. 

وباختصار، إذا ما اتخذ الحقل المغناطيسي لـ ICME عند عطارد اتجاهاً معيناً بحيث لا تتعرض الأرض للخطر، وكان بالإمكان تحديد ذلك الاتجاه وضمان بقائه على حاله طوال الرحلة الممتدة على 48 مليون ميل، عندها ستصبح عملية التنبؤ بالطقس الفضائي فوق الأرض واضحة بالكامل. 

ويعلق وينسلو: "نحن نُريد أن تصبح عملية التنبؤ لدينا من القوة بحيث نتمكن من أن نقول ‘حتى مع معرفتنا بأن تلك الـ ICME ستضرب الأرض، إلا أن اتجاه حقلها المغناطيسي متحاذٍ بطريقة لن تتسبب معها بحصول عاصفة جيومغناطيسية فوق الأرض’. وهذا الأمر نقوم باختباره الآن باستخدام أرصاد مسنجر".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التدفق الإكليلي الكتلي (Coronal mass ejections): أو CMEs، هي ثورانات مكونة من الغاز والمواد المُمغنطة القادمة من الشمس والتي قد تؤدي إلى أثار مدمرة على الأقمار الصناعية والتقنيات الأرضية.
  • عاصفة جيومغناطيسية (geomagnetic storm): هي اضطراب مؤقت في الغلاف المغناطيسي للأرض، وينتج عن موجة صدمة الرياح الشمسية، وسحابة الحقل المغناطيسي التي تتفاعل مع الحقل المغناطيسي للأرض.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات