كواكب غازيّة شابة تدور قرب شموسها

رسم تخيلي لكوكب عملاق حديث التشكل في القرص الغباري المحيط بنجم جديد.

المصدر: NASA/JPL


اكتشف باحثون من جامعة سانت أندروز University of St Andrews مشتريات حارّة (hot Jupiters)، وهي كواكب خارجية عملاقة شبيهة بالمشتري تدور حول نجومها الحارّة على مسافة أقل بــ 20 مرّة من المسافة بين الأرض والشمس، ويمكنها أن تتشكّل وتهاجر نحو نجومها الوليدة خلال أقل من بضعة ملايين من السّنين.

ويمتلك فريق البحث الدولي الذي يقوده الفلكي الفرنسي الدّكتور جان-فرانسوا دوناتي Jean-François Donati، وباحثين من جامعة سانت أندروز، أدلة أوليّة تؤكد أن الكواكب الشّبيهة بالمشتري سرعان ما تتحرّك إلى مدارات قريبة حول نجومها الوليدة، على الرغم من أنّها كانت قد تشكّلت أصلاً على مسافة بعيدة عنها.

وقد نُشر هذا الاكتشاف في النشرة الشّهرية للجمعية الملكيّة الفلكية the Monthly Notices of the Royal Astronomical Society من خلال مطبوعات جامعة أكسفورد Oxford University Press، ما سيساعد الفلكيين على فهم كيفية نشوء النّظم الكوكبيّة المشابهة لمجموعتنا الشّمسيّة وتطورها ونضجها بشكل أفضل.

يقول الدّكتور غريغوري سكوت Gregory Scott الحائز على زمالة إرنست راذرفورد من مجلس منشآت العلوم والتّكنولوجيا STFC Ernest Rutherford Fellow في معهد الفيزياء وعلم الفلك بجامعة سانت أندروز والمؤلف المشارك في الدّراسة: "إذا حوّلنا عشرة مليارات سنة إلى ما يوافقها بعمر الإنسان، فإن عمر هذه النّجوم الوليدة سيعادل أسبوعاً واحداً".

ونجد في مجموعتنا الشّمسيّة أنّ الكواكب الصّخرية كالأرض أو المرّيخ تدور في مدارات قريبة من الشّمس، في حين أن الكواكب الغازيّة العملاقة كالمشتري وزحل تتخذ مداراتٍ أبعد من ذلك.


تَشكل النجوم والكواكب المحيطة بها في منطقة الثور (Taurus) التي تمثل مهداً لتشكل النجوم، كما يبدو بأطوال الموجات الميليمترية من خلال تلسكوب APEX في تشيلي. المصدر: ESO?APEX
تَشكل النجوم والكواكب المحيطة بها في منطقة الثور (Taurus) التي تمثل مهداً لتشكل النجوم، كما يبدو بأطوال الموجات الميليمترية من خلال تلسكوب APEX في تشيلي. المصدر: ESO?APEX

في عام 1995 اكتُشف كوكبٌ عملاق قريب جداً من نجمه الحار. وقد أظهر العلماء منذ ذلك الوقت أن مثل هذا الكوكب يجب أن يتشكّل في المناطق الخارجية للقرص الكوكبي –وهو القالب الذي يولد منه النّجم المركزي والكواكب المحيطة به– ليتوجّه بعدها نحو الدّاخل دون أن يرتطم بنجمه.

يمكن لهذا الأمر أن يحدث مبكراً في حياة هذه الكواكب حين كانت لا تزال جزءاً من القرص الابتدائي، وقد يحدث في مرحلة متأخرة قليلاً عندما تتشكّل عدة كواكب وتتفاعل بشكل متبادل كما لو كانت في رقصة غير مستقرّة، مما يدفع بعضها نحو الدّاخل لتصبح في المنطقة المجاورة تماماً لنجومها.




وقد اكتشف فريق البحث الآن دليلاً أولياً على أنّ أحد السيناريوهين يحدث بالفعل. يقول البروفيسور مويرا جاردين Moira Jardine أستاذ علم الفلك في جامعة سانت أندروز والمؤلف المشارك في الدّراسة: "رغم الحاجة إلى المزيد من البيانات لتأكيد هذا الأمر بشكل قاطع، إلا أنّ النّتائج الأوليّة واعدة للغاية وتدلّ بوضوح أنّ التقنية التي ابتكرها فريقنا فعّالة بما يكفي للإجابة على السّؤال المحيّر حول كيفية تشكّل المشتريات الحارّة ثم اقترابها من نجومها".

وقد تمّ تحقيق هذا الاكتشاف باستعمال تلسكوب كندا-فرنسا-هاوي في ماونا كيا، وهو بركان هادئ في جزيرة هاواي. وبالنّظر إلى النّجوم حديثة الولادة داخل المهد النّجمي في كوكبة الثّور (Taurus Stellar nursery) البعيد عنّا بحوالي 450 سنة ضوئيّة، يوضّح الفريق أنّ آخر نجم حديث الولادة تمّت دراسته، والمسمّى V830 Tau، يقدّم إشاراتٍ تشير إلى أنه يشبه إلى حدّ كبير النّجوم المحاطة بكواكب تُقدر كتلتها بــ 1.4 من كتلة المشتري، والتّي تدور حول نجمها الحار على مسافة أقرب بـ 15 مرّة من مدار الأرض حول الشّمس.

المادة الابتدائية ذات الشكل الشبيه بالقرص التي تتشكل منها النجوم والكواكب، كما تُشاهد بواسطة صفيف أتاكاما الميلمتري الكبير (ALMA) بأطوال الموجات الراديوية، وذلك حول نجمٍ وليدٍ واحدٍ في مهد تشكل النجوم في كوكبة الثور. ويقع النجم حديث الولادة في المنتصف، في حين أن الكواكب التي تتشكل تقع باتجاه الخارج. المصدر: ALMA/ESO/NAOJ/NRAO
المادة الابتدائية ذات الشكل الشبيه بالقرص التي تتشكل منها النجوم والكواكب، كما تُشاهد بواسطة صفيف أتاكاما الميلمتري الكبير (ALMA) بأطوال الموجات الراديوية، وذلك حول نجمٍ وليدٍ واحدٍ في مهد تشكل النجوم في كوكبة الثور. ويقع النجم حديث الولادة في المنتصف، في حين أن الكواكب التي تتشكل تقع باتجاه الخارج. المصدر: ALMA/ESO/NAOJ/NRAO


ويعتبر رصد النّجوم حديثة الولادة صعباً للغاية، رغم ما يوفّره ذلك من معلومات كثيرة حول تشكّل الكواكب.

ولمعالجة هذه المسألة، بدأ الفريق بإجراء مسح يهدف لوضع مخطط لأسطح النّجوم حديثة الولادة، والبحث عن أماكن الحضور القويّ للمشتريات الحارّة، والتي لا تزال تعتبر أجساماً غامضة رغم أنها قد اكتشفت منذ 20 سنة.

وفيما يتعلّق بـ V830 Tau فإنّ مؤلفي الدّراسة يسعون لتوليد نموذج للمجال المغناطيسي والبقع بشكل دقيق، وذلك لتنظيف التأثيرات المشوّشة الناجمة عنها والكشف عن إشارات أكثر قوة من الكواكب العملاقة المفترضة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات