آلة اندماج نووي ثورية

على الأرجح أنك لم تلاحظ، لكن قبل عدة ساعات، خطى العالم خطوة كبيرة باتجاه تحقيق هدف الحصول على طاقة نظيفة وغير محدودة عن طريق الاندماج النووي. أعلن الفيزيائيون في ألمانيا بأنهم شغّلوا تواًّ وللمرة الأولى إحدى أكبر آلات الاندماج النووي -وتمكنت من احتواء قطرات من غاز الهيليوم عالي الحرارة المعروف بالبلازما.

الآلة التي يبلغ عرضها 16 متراً اسمها وندلستاين 7-إكس ( Wendelstein 7-X) أو اختصاراً (W7-X)، وهي نوع من أجهزة الاندماج النووي تسمى بالستيليريتر (stellarator). كان العلماء يتحدثون عن أمكانية الستيليريتر لعقود، وهذا المرة الأولى التي يتمكن فيها فريق من إثبات قدرتها على إنتاج البلازما والتحكم بها كما تفعل تصميمات مفاعلات الاندماج الأخرى.


نشر معهد ماكس بلانك لفيزياء البلازما the Max Planck Institute for Plasma Physics في العاشر من ديسمبر/كانون الأول هذه الصورة المذهلة على تويتر لآلة البلازما الجديدة خاصته:
 

الة البلازما
الة البلازما

يحدث الاندماج النووي عندما تندمج الذرات مع بعضها عند درجات حرارة عالية جداً منتجة بذلك طاقة، ويرجع سبب حماس العلماء بشأنه هو امتلاكه القدرة على إنتاج كميات غير محدودة تقريباً من الطاقة بالاعتماد على الماء المالح فقط لا أكثر. هذه العملية هي نفسها التي زودت شمسنا بالطاقة طوال الـ4.5 مليار سنة الماضية ويعتقد العلماء أنها ستستمر بفعل ذلك لـ4 مليار سنة أخرى.

بعكس الانشطار النووي، والذي يغذي محطات الطاقة النووية، الاندماج النووي أيضاً لا ينتج أي مخلفات مُشعة، وهو أكثر أماناً بكثير. لكنه شكّل صعوبة على العلماء لإنجازه، لأنه يتطلب منهم بناء جهاز يمكنه إنتاج قطرة بلازما تبلغ درجة حرارتها 100 مليون درجة سيلسيوس والتحكم بها.

مفتاح التحكم في البلازما هو استعمال مغانط ذات موصلية فائقة. قام العلماء بصنع عدة مفاعلات نووية عاملة تشبه قرص الدونات مثل مفاعل توكامكس tokamaks. لكن هناك مشكلة كبيرة بمفاعل توكامكس - بإمكانهم الحفاظ على البلازما فقط لـ6 دقائق و30 ثانية، وهذا لا يكفي للحصول على طاقة كبيرة. بمعنى آخر، تمكّنا من تحقيق اندماج نووي، لكنه استهلك طاقة أكثر من التي ولّدها.

لهذا السبب يُعد إطلاق الستيليريتر مثيراً للحماس، لأنه من المتوقع منه أن يستطيع السيطرة على البلازما لـ30 دقيقة في كل مرة. وهو ما لم يتم التوصل إليه من قبل. في أول مرة تم تشغيله، تم ملء الآلة بالهيليوم -وهو غاز غير نشط- وتم تسخينه بالليزر لما يقارب المليون درجة مئوية. هذه البلازما تم الحفاظ عليها لما يقارب جزءاً على عشرة من الثانية، والذي ربما يبدو ليس بالكثير، لكنه كان كافياً لإثبات أن الآلة تعمل.


 

 

يقول قائد الفريق هانز ستيفان بوش Hans-Stephan Bosch: "نحن راضون جداً". ويضيف:"كل شيء سار حسب الخطة". الخطوة القادمة ستكون زيادة المدة الزمنية لتفريغ بلازما الهيليوم، مع الهدف النهائي وهو إبقاؤها لـ30 دقيقة. سيبدأ العلماء بمحاولة إنتاج البلازما من الهيدروجين في يناير/كانون الثاني القادم، والذي سيُستخدم في آلة الاندماج النووي العاملة.

حتى نكون واضحين، نقطة W7-X لم تنتج أي طاقة. هذا الجهاز ببساطة هو إثبات لصحة مفهوم لإثبات أن تصور الستيليريتر يعمل حقاً. إن سار كل شيء حسب الخطة، فإن الأشياء التي تعلمناها من W7-X ستساعدنا لبناء الجيل الثاني من الستيليريتر والذي يمكنه حرفياً تغيير العالم، وإنهاء اعتمادنا على الوقود الأحفوري للأبد. أو كما قالها هذا المعلق بشكل مثالي على اليوتيوب: "ساعِدنا وندلستاين 7-X، أنت أملنا الوحيد".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات