يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
رنين مغناطيسي مصغّر: فتحت جوهرة مجهرية باباً لتطوّرٍ جديد في تكنولوجيا الشرائح المدمجة lab-on-a-chip المغناطيسيّة

بلورة مجهريّة من العقيق (حجر أحمر قاتم) كانت المفتاح لإطلاق تقنيّة الرنين المغناطيسي الطيفي الخالط لعزم الدوران. قامت حزمة إشعاعيّة مركّزة من أيونات الغاليوم بنحت البلورة الوحيدة، وهي بقطر ميكرومتر واحد، على هيئة قرص من العقيق والحديد والإيتيريوم بدءاً من قطعة أكبر بكثير من الحجر المغناطيسي. الصورة هي منظور زاوي عبر ماسح إلكتروني مجهري، تُظهر القرص الميكروي قبل وضعه على الحساس النانو ميكانيكي الذي تم فيه رصد إشارات عزمٍ دورانيٍ ميكانيكيٍ دقيق للرنين المغناطيسي.

 

حقوق الصورة: د.فيك Vick وفاطمة فاني ساني Fatemeh Fani Sani، (المعهد الوطني لتكنولوجيا النانو، جامعة ألبرتا National Institute for Nanotechnology, University of Alberta).


بلورة عقيق بقطر ميكرون واحد فقط كانت ذات دورٍ أساسي لفريق من الفيزيائيين من جامعة ألبيرتا University of Alberta لإيجاد الطريق نحو تكنولوجيا "مختبر على رقاقة" lab-on-a-chip للرنين المغناطيسي، وهي أداة لتبسيط التحليل المغناطيسي المتقدم لتطوير الجهاز والتخصّصات العلميّة.

يقول مارك فريمان Mark Freeman وهو أستاذٌ في الفيزياء في جامعة ألبيرتا وعضوٌ في أبحاث فيزياء المادة الكثيفة في كندا: "بالنسبة للأغلبيّة، جوهرةٌ صغيرة جداً قد تكون عديمة القيمة، ولكنها بالنسبة لنا لا تقدر بثمن" ويضيف قائلاً: "لقد كانت أداةَ اختبارٍ مثاليّة لهذه الطريقة الجديدة".

في الطريقة الجديدة لقياس الرنين المغناطيسي، والتي نُشرت في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2015 في إصدار مجلة العلوم Science تبين أن الإشارة هي حركة لف ميكانيكيّة، ورُصدت باستخدام الضوء. إنّ النهج الجديد، بشكل طبيعي، مناسبٌ أكثر للتصغير من الطريقة الحاليّة، والتي تخلق إشارة كهربائية عن طريق التحريض. في الواقع، إنّ كامل وحدة الحساسيّة المغناطيسيّة المصنوعة باستخدام التكنولوجيا الجديدة مناسبة لوضعها على رقاقة صغيرة بمساحة سنتيمترٍ مربعٍ واحد.


يقول فريمان: "يخلق اكتشافنا الحالةَ التي فيها يكون الرنين المغناطيسي في الأساس ظاهرةٌ مغناطيسيّة وميكانيكيّة معاً، على اعتبار أنّ ثنائيات الأقطاب المغناطيسية تمتلك زخمًا زاويًّا"، مُشيراً إلى أنّ مفهوم المغناطيسيّة يعتبر أكثر جدوى عند النظر إلى خصائصها الميكانيكيّة. ويضيف: "المغناطيسيّة تحتاج أطبّاء دوران أفضل من الذي تمتلكه. كل شيء في العالم مغناطيسيٌّ عند مستوىً معيّن، وبالتالي فإنّ إمكانيّات التطبيقات العلميّة لهذه التقنيّة الجديدة لا نهاية لها".

يفتح هذا الاكتشاف عالماً من منصات التصغير الممكنة للرعاية الصحيّة والتكنولوجيا والطاقة والمراقبة البيئيّة واستكشاف الفضاء. يوضّح فريمان: "هناك تطبيقات فوريّة في الفيزياء وعلوم الأرض والهندسة، ولكنّنا بحثنا فقط في رنين اللف الذاتي للإلكترون. رنين اللف الذاتي للبروتون هو الخطوة الكبيرة التالية التي من شأنها أن تفتح تطبيقاتٍ في الكيمياء وعلم الأحياء".

 

مارك فريمان مع أعضاء الفريق من جامعة ألبرتا والمعهد الوطني لتكنولوجيا النانو. حقوق الصورة: جون أولان لجامعة ألبرتا.
مارك فريمان مع أعضاء الفريق من جامعة ألبرتا والمعهد الوطني لتكنولوجيا النانو. حقوق الصورة: جون أولان لجامعة ألبرتا.


لتعزيز تطوير هذه التقنيّات، يخطط فريق فريمان لتبادل المعلومات بشكلٍ علني عن كيفيّة تنفيذ هذه التقنيّة وتغذيّة حركة الصنع الحاليّة. كما كان من المهم للفريق عدم تسجيل براءة اختراع لهذا الاكتشاف – لأنّه غالباً ما يشكّل ضغطاً على العلماء لإجراء هذا النوع من الاكتشافات- وبدلاً من ذلك قاموا بنشر نتائجهم في مجلة علميّة لتوفير مصدر وصولٍ مفتوح، والذي من شأنه تحقيق التقدم في هذا المجال. يضيف فريمان قائلاً: "الطريقةُ التي يَصنعُ بها العلمُ التقدّم هي من خلال مشاركة الناس للاكتشافات". وأخيرًا يضيف فريمان أنّه يأمل من الآخرين أن يقوموا بتكييف التكنولوجيا لتلبية احتياجاتهم الخاصة".

ويعتقد فريمان، وهو الذي عمل لدى IBM قبل المجيء إلى جامعة ألبرتا، أنّ الأجهزة الميكانيكية المُصغّرة التي تعتمد على الرقائق – استنادًا إلى مقاسها الصغير وأدائها الفائق- ستأتي لتحل محل بعض الحسّاسات الإلكترونيّة في أجهزة كالهواتف الذكيّة ومسابر الاستكشاف الفضائيّة. يقول فريمان: "إنّه حلٌ رائع لمُشكلة صعبة. بسيطٌ لكنه غير واضح"؛ حيث عمل فريمان على حل تحدٍ تجريبيٍ تم حلّه في هذه الورقة على مر العقديْن الماضييْن. ويضيف: "إنّ العمل في فيزياء المادة الكثيفة أشبهُ بالحصول على أفضل مقعد في عرضٍ مذهل للتقدم".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات