نظام جديد لنقل الكهرباء لاسلكيًا!

تقتصر نواقل الكهرباء اللاسلكية التجارية في الوقت الحالي على ألواح شحن الهواتف النقالة، فبدلًا من أن تشبك هاتفك مباشرةً بالحائط، يمكنك وضعه ببساطة فوق لوح الشحن اللاسلكي. وفي المستقبل، قد يتوسع نفس المفهوم إلى مسافات أكبر بكثير، وبكفاءة نقل أعلى، مما يجعل غرفًا كاملة وحتى مبانيَ تعمل كمنطقة شحن لاسلكية للهواتف النقالة وأجهزة الحاسوب والأجهزة الكهربائية الأخرى.

على الرغم من اشتهار العالم تسلا∗ بابتكار "ناقل الكهرباء اللاسلكي" (wireless power transfer) أو اختصارًا WPT، في مطلع القرن العشرين، إلا أنه لم يرَ النور حتى عام 2007 عندما برهن فريق من العلماء في معهد ماساتشوستس للتقنية MIT على جدوى ناقل الكهرباء اللاسلكي أو (WiTricity)، حيث تمكنوا من تشغيل مصباح كهربائي بقدرة 60 واط من مسافة مترين بكفاءة تصل إلى 45%.

إكمالًا لهذا العمل وما تبعه، عمِل فريق من الباحثين بقيادة كل من بولينا كابيتانوفا Polina Kapitanova من جامعة ITMO وإليزافيتا نيناشيفا Elizaveta Nenasheva من معهد بحوث غريكوند Giricond Research Institute وكلاهما يقعان في سانت بطرسبرغ في روسيا، على اقتراح نظام نقل كهرباء لاسلكي WPT جديد. بحسب النماذج الرقمية، يمكن لنظامهم المقترح الحفاظ على فعالية تصل إلى 80% خلال مسافة 20 سنتيمترًا، في الوقت ذاته انخفضت الكفاءة بنسبة قليلة جدًا مع زيادة المسافة. 


وقد نُشر عملهم في عدد حديث من دورية Applied Physics Letters.


تُظهر الصوة اليسرى توضيحًا لنظام نقل الكهرباء اللاسلكي، بينما تُظهر اليمنى البنية التجريبية، تنتقل الكهرباء من إحدى كرات السيراميك إلى الأخرى عن طريق الرنين المغناطيسي المتماثل للكرتين.   المصدر: Song, et al. ©2016 AIP Publishing
تُظهر الصوة اليسرى توضيحًا لنظام نقل الكهرباء اللاسلكي، بينما تُظهر اليمنى البنية التجريبية، تنتقل الكهرباء من إحدى كرات السيراميك إلى الأخرى عن طريق الرنين المغناطيسي المتماثل للكرتين. المصدر: Song, et al. ©2016 AIP Publishing


مثل جميع نواقل الكهرباء اللاسلكية المقترحة تقريبًا، يعتمد الاقتراح الجديد على "الرنين المزدوج" (resonance coupling). تنتقل الطاقة من ملف نحاسي رنان إلى ملف نحاسي رنان آخر إذا كان الرنينان بنفس التردد، بالطريقة ذاتها التي ينقل فيها صوت مغني الأوبرا طاقة كافية إلى كأس زجاجي (لهما تردد الرنين نفسه) لتسبب تحطم الكأس، ولا تتأثر الأجسام الأخرى المجاورة؛ لأنها لا تمتلك تردد الرنين نفسه. 


عادة ما يقترن الملفان الحاملان للتردد نفسه في نظام WPT باستخدام الحقول المغناطيسية للحد من التفاعلات غير المقصودة بشكل أفضل؛ لأن الحقول المغناطيسية تتفاعل بشكل ضعيف جدًا مع معظم الأجسام الأخرى بما في ذلك جسم الإنسان.


مقارنة الكفاءات بالنسبة للمسافة للنظام المقترح تشغيله على نمط مغناطيس رباعي الأقطاب (الخط الأخضر) وعلى نمط مغناطيس ثنائي الأقطاب (الخط الأحمر المتقطع)، المقترح من معهد ماساتشوستس للتقنية MIT (الخط الأزرق المتقطع). المصدر: Song, et al. ©2016 AIP Publishing
مقارنة الكفاءات بالنسبة للمسافة للنظام المقترح تشغيله على نمط مغناطيس رباعي الأقطاب (الخط الأخضر) وعلى نمط مغناطيس ثنائي الأقطاب (الخط الأحمر المتقطع)، المقترح من معهد ماساتشوستس للتقنية MIT (الخط الأزرق المتقطع). المصدر: Song, et al. ©2016 AIP Publishing


برهن الباحثون في ورقة جديدة على إمكانية تقليل الطاقة المفقودة، وبالتالي زيادة الفعالية في نظام WPT بطريقتين. أولًا، استبدلوا ملفات النحاس العادية بعوازل رنينية "عالية السماحية ومنخفضة الفقد" (high-permittivity low-loss) وتبدو ككرتين من السيراميك. يمتلك هذان الرنينيان عامل انكسار عاليًا، مما يعني أن الأمواج الكهرومغناطيسية تسير فيها بتباطؤٍ كبير. بالنسبة لنظام WPT، تُترجَم هذه الخاصية إلى رنين مغناطيسي أقوى في كرات السيراميك، ويؤدي الرنين الأقوى إلى كفاءة أعلى.

أما التغيير الثاني الذي استخدمه الباحثون لتقليل الإشعاع المفقود فقد كان باستخدام تردد رنيني بطور أكبر من المستخدم عادةً (فقد استخدموا نمط المغناطيس رباعي الأقطاب بدلًا عن نمط المغناطيس ثنائي الأقطاب). يختلف هذان النمطان في أشكال ومقادير حقولهم المغناطيسية. وجد الباحثون أن كفاءة WPT للنظام الذي يُدار بنمط رباعي الأقطاب ليست فقط أكبر، بل أكثر مقاومة للتوجه العشوائي للمرسل والمستقبل في الفضاء أيضًا. كما يعرف أصحابُ ألواح الشحن اللاسلكية للهواتف النقالة، يجب أن يوضع الهاتف مباشرة على اللوح لاستقبال الطاقة. ولكنّ النمط رباعي الأقطاب لا يتطلب هذا التموضع التام.

تقول كابيتانوفا لموقع Phys.org: "الفكرة الرئيسة في هذا العمل هي إثبات ناقل الكهرباء اللاسلكي WPT الرنان المغناطيسي في المسافات القصيرة والمبني على الرنانات العازلة ذات معامل الانكسار العالي. فعلى عكس الملفات النحاسية التقليدية، تدعم الرنانات العازلة ذات معامل الانكسار العالي أطوارًا نمطية أكبر؛ ولذا فإننا نقترح أن تعمل على نمط مغناطيس رباعي الأقطاب بدلًا عن نمط المغناطيس ثنائي الأقطاب. وهذا يؤدي إلى كفاءة أعلى لناقل الكهرباء اللاسلكي بسبب انخفاض فقد المقاوم والإشعاع."

يخطط الباحثون في المستقبل إلى تطوير أفضل لنظام ناقل الكهرباء اللاسلكي عن طريق تصميم المستقبِل وإضافة مقاومة أفضل للتوجهات العشوائية في كل الاتجاهات، كما يخططون إلى تقليل حجم الرنانات ما يجعلها مناسبة للاستخدام.

تقول كابيتانوفا: "نعمل الآن على التصنيع والتحقّق المخبري للنموذج الأولي لنظام ناقل الكهرباء اللاسلكي القادم. قمنا بالتعاون مع معهد البحوث غريكوند بتصنيع رنانات سيراميك جديدة تتمتع بإمكانية عزل عالية (dielectric permittivity) ومنحنى تماس منخفض الفقد (low loss tangent)، نعتقد أن هذا النموذج سيكون قريبًا جدًا من التطبيق العملي."

"سبق للعالم الشهير نيكولا تسلا تصميم وإنشاء برج كهربائي في مدينة نيويورك عام 1905 بهدف نقل الكهرباء بدون أسلاك عبر الهواء، بيدَ أنّ محاولاته تلك باءت بالفشل.

Phys.org - News and Articles on Science and Technology

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات