الاختفاء السريع للعوالق النباتية في المحيط الهندي

يشكّلُ فقدانُ النباتات البحرية الدقيقة التي تكوّن الشبكة الغذائية الأساسية تهديدًا للحياة البحرية.
توماس سمنر THOMAS SUMNER، في 1 شباط/فبراير 2016.


 لون المياه: يرى بحث جديد أنّ العوالق النباتية (الطحالب) المنتجة للأوكسجين تتناقص تدريجيًا في غربي المحيط الهندي، فقد راقب البحث التباين في لون المياه عبر المحيط تبعاً لتواجد هذه النباتات أو عدمه، كانتشارات العوالق النباتية الدوّارة هذه، والتي شوهدت عام 2013. 

 

تحذِّر دراسة حديثة من التناقص السريع لكميات العوالق النباتية، والذي يهدد بتحويل غرب المحيط الهندي إلى "منطقة بيئية قاحلة"، فيما أظهر البحث أن تدهور تجمُّعات هذه النباتات مثيرٌ للقلق، حيث بلغ ما نسبتُه 30% خلال الست عشرة سنة الماضية.

 


أفصح باحثون في مجلة رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية (Geophysical Research Letters) بتاريخ 19 يناير/كانون الثاني عن سبب الهبوط في كميات هذه النباتات، والذي يعود إلى انخفاض معدلات امتزاج مياه المحيط بفعل مياه السطح الدافئة، إذ يساعد امتزاج طبقات المحيط على نقل غذاء هذه النباتات من أعماقه المظلمة إلى الطبقات السطحية المعرضة لأشعة الشمس، حيث تعيش النباتات الدقيقة.

 


كما نبّه المؤلف المشارك بالدراسة راغو مورتغود (Raghu Murtgudde) -وهو عالم محيطات في جامعة ماريلاند بمدينة كوليدج بارك (College Park)– على أنّ فقدان هذه الميكروبات والتي هي العنصر الأساسي في شبكة المحيط الغذائية، قد يؤدي إلى تقويض النظام البيئي للمنطقة.

 


ويقول مورتغود: "إذا قلّلنا الكميات المتواجدة في القسم الأسفل من السلسلة الغذائية، فإنها ستنهار بشكل تدريجي"، كما أن تناقص كميات العوالق النباتية قد يكون مسؤولاً بشكل جزئي عن تراجع معدلات صيد أسماك التونا بنسبة 50 إلى 90% في المحيط الهندي خلال النصف الثاني من القرن الماضي، ويردف قائلاً: "يعدّ هذا بمثابة جرس إنذار يدعو للبحث في احتمال حدوث أمور مشابهة في أماكن أخرى".

 


وفي القرن العشرين ارتفعت الحرارة السطحية لمياه المحيط الهندي قرابة 50% عن المعدل العالمي، وقد وجدت الدراسات السابقة أن هذا الارتفاع في درجة الحرارة أدَّى إلى زيادة نسبة العوالق النباتية، لكن رؤية هذه الدراسات اقتصرت على معطيات سنوات قليلة، وهي ليست كافية للتأكد من منحاها على المدى البعيد.

 


قام كل من روكسي ماثيو كول Roxy Mathew Koll -عالم المناخ في المعهد الهندي للأرصاد الجوية المدارية (The Indian Institute of Tropical Meteorology) في مدينة بون (Pune)- بالإضافة إلى مورتغود، وعدد من زملائهم، بمراقبة العوالق النباتية الدقيقة من الفضاء. وكما تكون عليه نباتات اليابسة، فإن هذه العوالق تبدو باللون الاخضر، فإذا ازدادت نسبتها في سطح البحر يكتسب الماء صبغة خضراء خفيفة، أما اذا قلّت نسبتها فتزداد زرقة الماء دكوناً.

 


ولدى تحليل صور القمر الصناعي لألوان المحيط والملتقطة خلال الست عشرة سنة الماضية، وجد الباحثون نقصًا بمقدار 30% في أعداد الميكروبات الخضراء في المتر المكعب الواحد من الماء. ولدى محاكاة هذه البيانات الخاصة بالمحيط الهندي بواسطة الحاسوب، تمكن الباحثون من معرفة تذبذب كميات العوالق النباتية في المنطقة خلال الستة عقود المنصرمة، حيث يُظهر البحث أن وجود هذه العوالق تراجع بمقدار 20% في غربي المحيط الهندي نسبةً إلى عام 1950.

 


كما أظهرت المحاكاة أن ارتفاع درجة حرارة السطح كان سببًا في انخفاض كميات العوالق النباتية على فترات طويلة. ولكي تبقى على قيد الحياة، فإن العوالق تعتمد على النترات المغذية التي تنتجها البكتيريا المتواجدة على عمق 100 إلى 500 متر تحت سطح البحر، إذ تتحرك هذه النترات للأعلى بفعل عدة عوامل، كعصف الرياح على سطح المحيط. وحيث أن الماء الدافئ ذو كثافة قليلة ويبقى قريبًا من السطح، فعندما تصبح مياه السطح أكثر دفئاً نسبةً إلى أعماق المحيط بسبب التغير المناخي، فإنه سيكون من الصعب امتزاج الطبقتين، ويقل تواجد المغذيات في الطبقة العليا المعرّضة لأشعة للشمس.

 


أمّاعالم المحيطات الفيزيائيّ مایکل مكفادين (Michael McPhaden)، والذي يعمل في مخبر البيئة البحرية للمحيط الهادئ (Pacific Marine Environmental Laboratory)، التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (National Oceanic and Atmospheric Administration) في سياتل (Seattle)، يقول أنَّ هناك دراسات مرتقبة يتم إجراؤها بواسطة السفن، ينبغي أن تؤكد هذه النتائج الجديدة. وحتى وقت متأخر، منع القراصنة على شواطئ الصومال مراكب بحثيّة من دراسة أجزاء من غربيّ المحيط الهندي، بيد أنه في هذا العام بدأت حملة استكشافية للمحيط الهندي تستمر لخمس سنوات.

 


يقول مكفادين: "يتضمن هذا العمل تنفيذ خطوات نوعية عديدة، سنعتمد فيها على معرفتنا بكيفية عمل هذا النظام. بيد أنّ الأمر يدعو دائمًا إلى الخروج والتحقق".
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات