كويكب غامض يفسر فناء الكويكبات قريباً من الشمس

إن الآلية الفعلية التي تسبب تعطل الكويكبات ما زالت غير معروفة ولكن هناك بعض السيناريوهات الواضحة مثل قوى المد والجزر التي تسببها الشمس والتسامي المباشر للسيليكات. أحد السيناريوهات المتبقية هي أن المواد المتطايرة داخل الكويكبات تتسامى في درجات الحرارة المعتدلة وتخلق ما يكفي من الضغط لتفجير الجسم. عملية مماثلة على نطاق أصغر تسمى التشظي يمكن لها أن تفتت الصخور السطحية 


المصدر: Lauri Voutilainen


كان يُعتقد لعقدين من الزمن أن معظم الأجسام القريبة من الأرض (NEOs) –مثل الكويكبات والمذنبات التي قد تشكل خطراً على الحياة على الأرض- ينتهي وجودها باندفاع نهائي مثير باتجاه الشمس. وجدت دراسة جديدة نشرت يوم الخميس 18 فبراير/شباط، في مجلة نيتشر Nature أن معظم هذه الأجسام تتدمر في موقع أبعد من الشمس أكثر بكثير مما كان يعتقد سابقاً. هذا الاكتشاف الجديد المثير للدهشة يوضح أرصاداً عديدة محيرة أُبلِغ عنها في السنوات الأخيرة.

عُين فريق دولي مكون من باحثين من فنلندا وفرنسا والولايات المتحدة وجمهورية التشيك لبناء نموذج حديث ومتطور لتوزع الأجسام القريبة من الأرض اللازمة للتخطيط لعمليات مسح للكويكبات في المستقبل وبعثات المركبات الفضائية. يصف نموذج التوزيع مدارات الأجسام القريبة من الأرض ويضع تقديراً لأعدادها وأحجامها المختلفة.

تنشأ الغالبية العظمى من الأجسام القريبة من الأرض في حزام الكويكبات الرئيسي على شكل دونات بين مداري المريخ والمشتري. يتغير مدار حزام الكويكبات الرئيسي ببطء نتيجة الضغط عليه من قبل الإطلاقات الحرارية المتقطعة لحرارة الشمس الزائدة من سطح الكويكبات. يتفاعل مدار الكويكب في نهاية المطاف مع الحركة المدارية لكوكب المشتري وزحل ويتغير مسارها لتصبح قريبة من الأرض. تصنف الكويكبات باعتبارها NEO عندما تكون أصغر مسافة بينها وبين الشمس أثناء دورانها حولها أقل من 1.3 مرة من متوسط المسافة بين الأرض والشمس.

استخدم الفريق خصائص 9000 من الأجسام القريبة من الأرض تقريباً، كُشفت في حوالي 100000 صورة حصل عليها ماسح السماء كاتالينا (CSS) بالقرب من توكسون، أريزونا، على مدى حوالي 8 سنوات لبناء نموذج جديد لتوزعها. إحدى أصعب المشاكل التي تواجه فريق الحوسبة هي: أي الكويكبات يمكنهم الكشف عنها؟.

 

يبدو الكويكب كنقطة ضوء متحركة على خلفية النجوم الثابتة لكن الكشف عنها في صورة يعتمد على عاملين – مدى إضاءته والسرعة التي يبدو أنه يتحرك بها. إذا كان التلسكوب لا يبحث في المكان المناسب وفي الوقت المناسب عندما يكون الكويكب مضيئاً وبطيئاً بما فيه الكفاية ليكشفه، فنحن ببساطة قد لا نجد الكويكب.

 

حساب نتائج مجموعة الأرصاد هذه يحتاج لفهم تفاصيل عمليات المنظار ونظم الكشف وقدراً هائلاً وقت الحوسبة حتى مع تقنيات رياضية سريعة وغير مألوفة. أنتج الفريق النموذج الأفضل لتوزيع الأجسام القريبة من الأرض من خلال جمع معلومات عن نتائج مختارة من CSS مع بياناته والنماذج النظرية للتوزيع المداري للأجسام القريبة من الأرض التي تنشأ في مناطق مختلفة من حزام الكويكبات الرئيسي.


لكن العلماء لاحظوا وجود مشكلة في نموذجهم – فالنموذج توقع أن يكون هناك جسيمات أكثر بـ 10 مرات تقريباً في مدارات تقترب من الشمس بمسافة 10 أقطار شمسية. أمضى الفريق بعد ذلك عاماً كاملاً يتحقق من حساباته قبل أن يصل إلى استنتاج مفاده أن المشكلة ليست تحليلاتهم ولكن في افتراضاتهم عن الكيفية التي يعمل بها النظام الشمسي.

 

 

 
افترض الدكتور ميكائيل كرانفيك Mikael Granvik، وهو عالم الأبحاث في جامعة هلسنكي والمؤلف الرئيسي لمقالة مجلة نيتشر، أن النموذج من الممكن أن يوافق الأرصاد بشكل أفضل إذا دمرت الأجسام على مقربة من الشمس وقبل فترة طويلة من الاصطدام الفعلي. اختبر الفريق هذه الفكرة ووجدوا توافقاً ممتازاً بين النموذج والتوزيع المرصود للأجسام القريبة من الأرض عندما استبعدت الكويكبات التي تقضي الكثير من الوقت ضمن حدود مسافة 10 أقطار شمسية عن الشمس.
 
علق الدكتور روبرت جيديك Robert Jedicke، أحد أعضاء الفريق في معهد جامعة هاواي لعلم الفلك: "اكتشاف أن الكويكبات يجب أن تتفتت عندما تصبح قريبة جداً من الشمس كان أمراً مستغرباً، لهذا أمضينا الكثير من الوقت للتحقق من حساباتنا".

ساعد اكتشاف الفريق على تفسير العديد من التناقضات الأخرى بين الأرصاد والتنبؤات الخاصة بتوزيع الأجسام الصغيرة في نظامنا الشمسي. الشهب والمعروفة باسم (النجوم السريعة shooting stars)، هي قطع صغيرة من الغبار والصخور التي طُردت من أسطح الكويكبات والمذنبات لتنهي حياتها حرقا اثناء دخولها الغلاف الجوي.
 
كثيراً ما تسافر الشهب في "تيارات" تتبع مسار الجرم الأصلي الذي جاءت منه، ولكن علماء الفلك لم يتمكنوا من مطابقة معظم تيارات الشهب في مدارات قريبة من الشمس مع أية أجرام معروفة.
 
تقترح الدراسة أن الأجرام الأصلية قد دمرت تماماً عند اقترابها من الشمس - مخلفة ورائها تيارات الشهب ولكن بدون أجرام أصل. ووجد الباحثون أيضاً أن الكويكبات الداكنة تُدمر أبعد عن الشمس من الكويكبات الأكثر أضاءة منها، ويوضح اكتشاف سابق أن الأجسام التي تقترب قريباً من الشمس هي مضيئة أكثر من تلك التي تبقي على مسافة منها. حقيقة أن الأجسام الداكنة يتم تدميرها بسهولة أكثر يفترض أن الكويكبات الداكنة والمضيئة لديها تكوين داخلي وتركيب مختلف.

ووفقاً لكرانفيك، فإن اكتشافهم للخسارة الكارثية للكويكبات قبل الاصطدام بالشمس سمح لعلماء الكواكب بفهم مجموعة متنوعة من الأرصاد الأخيرة من منظور جديد ويؤدي أيضاً إلى تقدم أكثر عمقا في علوم الكويكبات:

"لعل النتيجة الأكثر إثارة للاهتمام من هذه الدراسة هو أنه يمكن الآن اختبار النماذج الداخلية للكويكب ببساطة عن طريق تتبع مداراتها وأحجامها. هذا أمر رائع حقاً وكان تماماً غير متوقع عندما بدأنا بناء النموذج NEO الجديد."

للمزيد: اكتشاف كويكب مدار حدوة الحصان مرافق للأرض

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات