ما هي احتمالية اشتعال كرة نارية كبيرة في سمائنا ؟

الأثر الذي خلَفه الجسم الذي انفجر في سماء مدينة تشيليابنسك الروسية في شباط/فبراير 2013


المصدر: أليكس أليشيفسك Alex Alishevskikh/ Flickr


في 6 فبراير/شباط من سنة 2016، انفجرت كرة نارية فوق المحيط الأطلسي في حدث يعد الأقوى منذ فبراير/شباط من العام 2013 عندما تسبب "انفجار جوي" بإصابة أكثر من 1200 شخص في مدينة تشيليابنسك الروسية. 

على الرغم من أن الكرة النارية التي رأيناها الشهر الماضي كانت تحمل طاقة تعادل وزن 13000 طن من متفجرات الـ TNT، إلا أنه وبسبب حدوث الانفجار في مكان ناءٍ لم يكن هناك أي تقرير قدمه شهود عيان عن الحادث. (تم توثيق الحدث على صفحة ناسا لتقارير الكرات النارية والشهب المتفجرة).

حسبما قاله بيتر براون Peter Brown البروفيسور في جامعة غرب أونتاريو University of Western Ontari في كندا وعضو تجمع فيزياء النيازك الغربي Western Meteor Physics Group، فإن الشهب تشتعل في الغلاف الجوي للكرة الأرضية كل يوم، ولكنها بالمجمل صغيرة الحجم وتحلق تحت مستوى رصد أجهزة الرادار. أما الكرات النارية المشابهة لتلك التي ضربت في 6 فبراير/شباط، والتي سببها جسم يتراوح قطره بين 16 إلى 32 قدماً (5 إلى 7 أمتار)، فلا تحدث سوى مرة واحدة كل سنتين إلى ثلاث سنوات. 

ويضيف براون، إن الكرة النارية في 6 فبراير/شباط وعلى الرغم من مدى قوتها، لم تكن لتحدث ضرراً حتى ولو اصطدمت بالأرض فوق منطقة مأهولة. يقول براون لموقع Space.com: "إن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تتأذى بها هي في حال ارتطام هذه الصخور بالأرض وكنت سيء الحظ لتتعرض للإصابة بسبب بعض الحطام". 

كان الجسم الذي انفجر فوق مدينة تشيليابنسك منذ ثلاث سنوات بعرض 65 قدم (20 متر) حسب ما يقوله الخبراء، وكان يملك طاقة متفجرة بما يعادل 500 ألف طن. تسبب الانفجار بتحطم المئات من النوافذ؛ حيث أن معظم الإصابات كانت بسبب الزجاج المتطاير.

ربما تكون المصطلحات المرتبطة بالشهب مربكة في بعض الأحيان، لذلك سنقوم بتوضيحها بشكل موجز: الكويكب (Asteroid) هو عبارة عن صخرة فضائية (موجودة في الفضاء)، أما النيزك (Meteoroid) فهو صخرة فضائية على وشك الاصطدام بكوكب الأرض، بينما الشهاب (Meteor) هو صخرة فضائية مشتعلة في الغلاف الجوي للكرة الأرضية. وأخيرا الحجر النيزكي (Meteorite) هو صخرة فضائية وصلت وارتطمت بالأرض. (ومن ناحية تقنية، فإن الكرة النارية (fireball) هي عبارة عن شهاب يسطع بدرجة تصل إلى شدة سطوع كوكب الزهرة في السماء على الأقل). 

احتمالية الضرر متغايرة


قد تأتي النيازك بأشكال مختلفة، فنسبة صغيرة منها (حول 5%) مكونة من الحديد الصلب، وأخرى أشبه ما تكون بالمذنبات أي تتشكل من تراكمات مكونة من الجليد والغبار، وغيرها عبارة عن مجموعة من الصخور والغبار والجليد.

وكما يقول براون، إذا كان النيزك مكوناً من الحديد الصلب وكان حجمه كبيراً، فإن جزءاً منه سوف يصمد خلال رحلته داخل الغلاف الجوي لكوكب الأرض ويصل في النهاية إلى سطح الأرض، أما النيزك الذي يفتقد الصلابة فسوف يتفكك في الهواء.


اخترقت كل من صخرة تشيليابنسك وجسم يوم 6 فبراير/شباط الغلاف الجوي للأرض بزاوية سطحية تعادل تقريباً 20 درجة، الأمر الذي قلل من تعرضهما للحرارة وبالتالي السماح باختراقهما الغلاف الجوي بشكل أكبر. انفجرت كلتا الصخرتين على ارتفاع يقارب الـ 19 ميلاً (30 كيلومتراً) فوق سطح الأرض. وفي 30 يونيو/حزيران من عام 1908، حصل انفجار هوائي أشد قوة فوق إقليم تونجوسكا في سيبيريا، وأدى إلى القضاء على جزء من غابة تقدر مساحتها بـ770 ميلاً مربعاً (2000 كيلومتراً مربعاً).

حسب قول براون، فإن أفضل التقديرات الحالية تقدر قوة انفجار جسم تونجوسكا بما يعادل 5 إلى 15 ميغا طن، أو 10 إلى 30 ضعف الطاقة الكلية لانفجار تشيليابنسك. يعتقد الخبراء أن قطر نيزك تونجوسكا كان تقريبا 100 قدم (30 متراً) على الأقل، كما ويعتقدون أنه انفجر على ارتفاع أقرب ب 3 مرات للأرض من مكان انفجار جسيم تشيليابنسك – بين 4.3 إلى 6.2 ميل (7 إلى 10 كيلومتر) فوق قمم الأشجار السيببيرية.

صعوبة التتبع


تمتلك وكالة ناسا وغيرها من الوكالات برنامجاً قوياً لتتبع الكويكبات يستطيع ملاحقة الأجسام بقطر 16 إلى 32 قدماً (5 إلى 10 أمتار) بناء على مدى قربها من كوكب الأرض بالإضافة إلى ظروف الإضاءة وعوامل أخرى. وحتى الآن استطاعت عمليات المسح الكشف عن كويكبين بهذا الحجم قبيل ارتطامهما بالأرض وهما: 2008 TC3، الذي كان فوق السودان عام 2008، والاخر هو 2014AA الذي ضرب وسط المحيط الأطلسي في 2 يناير/كانون الثاني 2014.

يقول براون: إن أهم المراصد الفلكية المستخدمة لهذا الغرض هم مرصد كاتالينا لمسح السماء التابع لجامعة أريزونا University of Arizona's Catalina Sky Survey، ومرصد تلسكوب المسح البانورامي ونظام الاستجابة السريع Panoramic Survey Telescope & Rapid Response System أو اختصارا Pan-STARRS. تمكن مرصد Catalina من كشف كل من 2008 TC3 و2014 AA. كما أن كلا المرصدين يقوم بتطوير إمكانياته مما سيمكنهما من الكشف عن أجسام أخرى من هذا النوع في السنوات المقبلة. 

بالإضافة الى ذلك، تقوم جامعة هاواي بتطوير نظام الإنذار الأخير للاصطدام الأرضي Asteroid Terrestrial-impact Last Alert System أو اختصاراً ATLAS لتوفيره على الانترنت في الأشهر القليلة القادمة. لقد تم تحسين نظام الكشف عن الكويكبات هذا لرصد النيازك التي توشك على الاصطدام بالأرض، وسيقوم بمسح السماء مرتين ليلاً بحثاً عنها، كل ذلك بهدف إعطاء مهلة أيام أو حتى أسابيع قبل حدوث أي اصطدام. 

ولكن جهود التتبع هذه تهتم بالمقام الأول بالأجسام الكبيرة والتي تشكل خطورة أكبر من ذلك الجسم الصغير الذي أدى إلى الانفجار الهوائي في 6 فبراير/شباط.

وفي حديثه لموقع Space.com، يقول ليندلي جونسون Lindley Johnson، وهو الرئيس التنفيذي لبرنامج وكالة ناسا الجديد المسمى: مكتب تنسيق حماية الكواكب Planetary Defense Coordination Office أو اختصارا PDCO: "من الصعب جداً الكشف عن هذه الأجسام قبل دخولها الغلاف الجوي للكرة الأرضية، كما أنها تكاد لا تسبب أي ضرر يذكر، أما حادثة تشيليابنسك فتعد استثناءً واضحاً في هذه الحالة". 

يضيف جونسون: "لقد اصطدم جسم بهذا الحجم دون أن يلاحظ أحد ذلك"، مشيراً إلى صخرة 6 فبراير/شباط. "كنا الوحيدين الذين رصدنا ذلك في برنامج PDCO في ناسا، حيث قمنا بإدراجها في صفحة تقارير الكرات النارية، ولهذا يعلم الجميع بأمرها الآن". 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات