طائرات بلا طيار تبصر بعيون النحل

الأمر الوحيد الذي يقف عائقًا أمام ما يمكن للطائرات بلا طيار drones إنجازه هو مخيلتنا فقط: القدرة على توزيع الدواء إلى مزرعة بعيدة بشكل مستقل، أو نقل المعدات إلى مسرح حادث يصعب الوصول إليه، وما هذان إلا مجرد مثالين للإمكانيات المحتملة لهذه الطائرات. وبالرغم من شغف حياة إيميلي بيرد بعلم الروبوتيات robotics، فإن هذا النوع من الطائرات بلا طيار هو مجرد مسألة جانبية بالنسبة لها. إيميلي بيرد Emily Baird هي محاضرة كبيرة وإحدى الباحثين في مجموعة بصريات لوند Lund Vision Group المشهورة على مستوًى عالمي في قسم الأحياء في جامعة لوند.

"أستمتع بالبحث أكثر من أي شيء آخر، والجزء الأكثر متعة هو أنني مجبرة على أن أكون خلّاقة وأن أستمر في التقدم"، هذا ما قالته إيميلي بيرد، التي تعمل كباحثة في مجموعة بصريات لوند المشهورة عالميًا، في قسم الأحياء. حقوق الصورة: Gunnar Menander.
"أستمتع بالبحث أكثر من أي شيء آخر، والجزء الأكثر متعة هو أنني مجبرة على أن أكون خلّاقة وأن أستمر في التقدم"، هذا ما قالته إيميلي بيرد، التي تعمل كباحثة في مجموعة بصريات لوند المشهورة عالميًا، في قسم الأحياء. حقوق الصورة: Gunnar Menander.
تعتقد بيرد أنه لو كانت مسألة الطائرات بدون طيار التي تستطيع الرؤية هي هدف البحث منذ ابتدائها لمشروعها حول نحل الغابات المطيرة rainforest bees والإبصار لديها، لكان الأمر معرضًا أكثر للفشل، ولكان أقل نجاحًا. كما توضح أن الأمر الذي يدفعها في المضي في بحثها هو المتعة التي تشعر بها في عملها، وتوقها المستمر لفهم أمر لم يكن أحد يفهمه حتى ذلك الحين. عندما تأتي النتائج لاحقًا، فإنها عادة ما تقود إلى أشياء مفيدة ونافعة.

تقول بيرد موضحة: "كيف يكون لنحلة أن تكون قادرة على الملاحة والتوجه عبر غابة مطيرة ميلًا ميلًا، مع أنني أضيع لو انحرفت عن المسار خمسة مترات؟ هذه هي الأشياء التي تسحرني وتفتنني. مع أن هذا البحث قد يساهم في تطوير طائرات مبصرة بلا طيار تستطيع التوجه من تلقاء نفسها، إلا أن هذا ليس هدفي الرئيس".

وتكمل حديثها: "أستمتع بالأبحاث أكثر من أي شيء آخر، والجزء الأكثر متعة هو أنني مجبرة على أن أكون خلّاقة وأن أستمر في التقدم، فإني إن لم أفعل ذلك، فلن أكون قادرة على النجاة كباحثة، في ضوء العنف الذي تشهده المنافسة على منح الأبحاث. إذا لم تكن حقًا مهتمًا بالذي تعمله، وكنت تظن أن عملك عظيم، فإنه ببساطة لن ينجح".

نحل الغابات المطيرة هو ما يشغل وقت إيميلي بيرد، وبالأخص، قدرة النحل على التوجه في الغابة. وبهذا الصدد تقول إيميلي: "لا يمكنك أن تستمتع بهذا أكثر من ذاك، وبالأخص لو كانت طفولتك كلها تملؤها الطبيعة والحيوانات، وكل ساعات عملك تشغلها الرغبة بإبداع معلومات جديدة حول العيون والإبصار".

عندما قابلت مجلة جامعة لوند الباحثة، كانت عائدة لتوها من زيارة للغابات المطيرة في البرازيل.

النحلة السحلبية. حقوق الصورة:Emily Baird
النحلة السحلبية. حقوق الصورة:Emily Baird
تقول بيرد: "يفتنني أمر النحل هناك؛ فعلى الرغم من أدمغتها الصغيرة، وعيونها قليلة الدقة، فإنها تستطيع أن تتوجه جيدًا بشكل مذهل عبر النباتات الكثيفة. السؤال الذي يغلب على اهتمامي هنا هو كيف استطاع الدماغ إنشاء هذا السلوك".
 
نستخلص جزءًا من الإجابةِ من الفارق بين دماغ البشر ودماغ النحل؛ فبينما يستقبل دماغ البشر الكثير من المعلومات، أكثر مما يستطيع وعيه، فإن النحل والحشرات الأخرى ترسل أجزاء محددة من المعلومات للدماغ. والنتيجة هي أن الحشرات تستطيع رؤية الأنماط وليس رؤية التفاصيل. تساعدها الأنماط التي تراها على أن تتجنب الاصطدام، وأن تحافظ على السرعة المطلوبة.

توضح بيرد: "الاستراتيجية التي تتبعها شديدة البساطة؛ فهي تقيس سرعتها وارتفاعها فوق سطح الأرض عن طريق تسجيل سرعة قدوم النمط الذي تراه إليها، وكذلك سرعة مرور الأنماط أمام عيونها. وبذلك، فإنها تحافظ على الأشياء بحيث تكون قادمة نحوها بسرعة ثابتة عندما تطير. وإذا كانت في بيئة معقدة بنباتات كثيفة، يطير هذا النحل تلقائيًا بشكل أبطأ مما لو كان يطير في منطقة مفتوحة، حيث تكون الأشياء أقل قربًا".

وتكمل: "خُضتُ فيما مضى العديد من النقاشات مع المهندسين الذين يريدون بناء روبوتات خفيفة، وذاتية الطيران. وحتى الآن، لم ينجح أحد في تحقيق ما تستطيع النحلة فعله".

لا يزال هناك العديد من الأسئلة بدون إجابة، أسئلة تتعلق بإبصار النحل. على سبيل المثال: ما يراه النحل وكيف يدرك العالم من حوله.

تأمل إيميلي بيرد أن تجد إجابات عن هذه الأسئلة عن طريق إشعاع السينكروترون synchrotron radiation (وهو أحد أنواع السيكلوترونات والذي يسرِّع فيه تيارٌ كهربائي جزيئاتٍ مشحونة - المترجم) من أجل توليد صورة ثلاثية الأبعاد لما يراه النحل في الحقيقة. حتى الآن، لم تزل بيرد تعمل في منشأة في سويسرا وأخرى في المملكة المتحدة. مختبر MAX IV ليس خيارًا متاحًا الآن، حتى يُجَهَّز بمحطة اختبارية -وهو ما يطلق عليه اسم خط الحزمة beamline- بحيث يكون مهيأً لهذا النوع من البحوث، والتي قد تستغرق 10 سنوات أخرى.

وتلخص كلامها: "ولكنّ الواضح أنني أريد استخدام MAX IV -سيكون الأمر أشبه بالعمل في مركبة فضائية مع وجود الأنوار البراقة والأشياء التي تشكل علامات ضوئية- سيكون الأمر مذهلًا!".

جائزة إيج نوبل 
استلمت إيميلي بيرد مع زميليها ماري داكي وإيريك وارانت قبل بضع سنوات جائزة إيج نوبل (أو ما يعرف بجائزة نوبل للحماقة العلمية -المترجم) لاكتشافهم قدرة خنافس الروث dung beetles على توجيه أنفسها في البيئة المحيطة بمساعدة الضوء الناتج من مجرة درب التبانة. وهو بحث يبعث الناس على الضحك ومن ثم التفكير في أنه بحث جدير بهذه الجائزة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات