استخدام الضوء لابتكار الصوت

 

يطور الباحثون أسلوب استشعار كيميائي جديد و مبتكر

العلماء يستخدمون الضوء لاستشعار المواد الكيميائية


قام الباحثون بتطوير أسلوب استشعار كيميائي جديد وواعد مرتكز على الألياف البصرية والتي تستخدم الضوء بداخل الليف البصري لتحريض أمواج صوتية خارجه، مُقدمةً معلومات غير مباشرة عمّا يحيط بهذا الليف. وبالتغلب على القيود الكثيرة في المستشعرات الحالية، يمكن أن يحسن الأسلوب الجديد من قدرات الاستشعار على نطاق واسع من التطبيقات بما فيها العمليات الصناعية والكشف عن المواد الكيميائية عن بعد. 


يقول أفي زادوك Avi Zadok الذي قاد فريق البحث مع طالب الدراسات العليا يار أوتمان Yair Autman في كلية الهندسة ومعهد تكنولوجيا النانو في جامعة بار إيلان Bar-llon في إسرائيل "يوجد عائق أساسي يجعل من استشعار المواد الكيميائية صعب جدًا وهو وجوب حدوث تداخل بين الضوء والمادة التي يتم قياسها. كانت هذه القيود تعيقنا لعدّة سنوات في أجهزة الاستشعار المعتمدة على الألياف البصرية."


ويعرض الباحثون أسلوبهم الجديد كليًّا في الاستشعار في مجلة Optica التي تُعنى بالأبحاث العلمية ذات التأثير الكبير والتابعة للجمعية البصرية The Optical Society يقول زادوك: " نقوم بتوظيف التداخل بين الضوء والصوت واستخدام الصوت كساعي بريد للعالم الخارجي."

التغلب على التناقض 



إن الألياف البصرية مناسبة للاستشعار الكيميائي لأنها صغيرة جدًا و يمكن استخدامها عن بعد فهي قادرة على قياس المواد الكيميائية حتى على بعد عشرات الكيلومترات، ويمكن تركيبها تقريبًا في أي مكان حتى في البيئات الخطرة كآبار النفط مثلًا حيث لا يمكن استخدام الطاقة الكهربائية، ومع ذلك تتطلب تقنيات الاستشعار عن طريق الألياف البصرية الحالية وجود ضوء بداخل الليف نفسه لتحقيق الاتصال مع المادة التي يتم قياسها وهذا يتناقض مع ما صُممت الألياف البصرية من أجله وهو: الحرص على عدم هروب الضوء.


سابقًا كان يتطلب العمل على هذه التناقض تعديلات قاسيه مثل حفر فجوات في الألياف أو خرطه وجعل قطره -أي الليف البصري- رقيق جدًا لدفع الضوء على للخروج، يقول زوداك: "بينما تستطيع الحصول على حساسات رائعة باتباع تلك النهج ولكن في الواقع أنت مضطر للقيام بهذه التعديلات مما يجعل الأمر أكثر صعوبة لإنتاج حساسات كهذه والتي تؤثر أيضًا على متانتها".


بدلًا عن استخدام الضوء مباشرة ابتكر أوتمان فكرة استخدام الضوء الذي ينتقل عبر الألياف البصرية ليشكل موجات صوتية أو ذبذبات صوتية، مستفيدًا من وجود ظاهرة تُعرف بـِ "انتشار برويون المحفز" (stimulated Brillouin scattering) بالرغم من أن ظاهرة "انتشار برويون المحفز" تُستخدم اليوم في أجهزة الاستشعار بالألياف الضوئية التجارية، إلا أن الأجهزة الموجودة حاليًا تُبقي كلًا من الأمواج الصوتية والضوئية داخل الليف البصري.

يقول زوداك:" كانت الغاية من هذه الخطوة الحرجة هو البحث في سلوكيات ميكانيكية معينة لإيصال الأمواج الضوئية إلى خارج الألياف البصرية والاستفادة منها، كما نجد أنه يمكن استخدام ظاهرة انتشار برويون المحفز في السعي قدمًا لتزويدنا بمعلومات عما يدور خارج الألياف".

 

تعمل الطريقة الجديدة باستخدام موجات ضوئية شديدة الكثافة لإحداث ذبذبات صوتية تصل لخارج الألياف، تتضائل هذه الذبذبات بشكل تدريجي وذلك اعتمادًا على خواص المادة التي تحيط بالألياف، مقدمًا أسلوب استشعار غير مباشر للمحتوى الكيميائي في البيئة المدروسة. ولأن الضوء يبقى داخل الليف البصري، تسمح هذه التقنية باستخدام الألياف البصرية التقليدية بدون تعديلات هيكلية حيث توجَّب على الباحثين فقط أن يزيلوا الطبقة الرقيقة البلاستيكية التي تحمي الليف البصري.

اختبار التقنية الجديدة 



قام الباحثون باختبار تقنيتهم الجديدة في الإيثانول والماء منزوع الأيونات حيث قاموا بأخذ قياسات المقاومة الصوتية والتي تعطي معلومات حول كثافة السائل وسرعة الموجة الصوتية المنطلقة عبر السائل. أمّا النتائج فقد كانت مطابقة للقيم المعروفة وبدقة تصل إلى ١٪، كما استطاع الباحثون التمييز بنجاح بين عينات من الماء مع مستويات مختلفة من الملوحة.
يومًا ما يمكن أن تكون هذه التقنية مفيدة من أجل مراقبة عمليات تحلية المياه أو العمليات الكهروكيميائية كخلايا الوقود fuel cells أو لكشف التغييرات في تركيز الأيونات أو الأملاح المذابة والمستخدمة في العمليات الصناعية الكيميائية.


من المحتمل أيضًا تبني التقنية الجديدة للكشف عن مواد كيميائية معينة. وعن طريق معالجة السطح الخارجي بأسلوب يجذب المواد الكيميائية المطلوبة أصدر العلماء نظرية وهي أنَّ الأمواج الصوتية قد يتم تعديلها بطريقة تمكننا من اكتشافها عندما تلمس المادة الكيميائية الهدف بالألياف البصرية. وبالرغم من أن هناك حاجة لمزيد من الاختبارات ولتطوير إضافي ولكن نجاح مثل هذا النهج من الممكن أن يكون مفيد للكشف عن المتفجرات أو مسببات الأمراض.


يقول زوداك: "مع أننا نود استكشاف تطبيقات لاستخدامها في المستقبل ولكننا في هذا العمل كنا أكثر تركيزًا على حل مشكلة معلقة والتي كانت تبدو أقرب للمفارقة وهي أنه لا يمكنك التواجد داخل وخارج الألياف في نفس الوقت ولكننا وجدنا طريقة للالتفاف حوله".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات