الكهرباء الساكنة تعزز العواصف الغبارية الصحراوية


لاحظ علماء على مدى سنواتٍ عدةٍ العلاقة الطردية بين تغيّر الحقول الكهربائية بسرعةٍ داخل العواصف الغبارية والدوامات الرملية، وقذارة الزوابع المسرعة التي تجتاز العديد من المناطق الصحراوية. وتساءل البعض عن الكيفية التي تعمل بها هذه الحقول على تغيير حجم العواصف، دون أن يقوموا بإجراء أي قياسات. 


والآن، تكشف الاختبارات الميدانية الأولى من نوعها في الصحراء الغربية أن الحقول - المتولدة عند احتكاك حبيبات الرمل التي تحملها الرياح معًا - ترفع غبار الصحراء بفعاليةٍ أكثر مما كان معروفًا من قبل، مشكّلةً عواصف أكبر ولمدةٍ أطول من تلك الناتجة عن الرياح وحدها.

ويقول نيلتون رينو Nilton Renno، عالم الغلاف الجوي في جامعة ميشيغان في مدينة آن آربر، الذي لم يشارك في العمل الجديد: "إنني سعيد أن النتائج الجديدة أظهرت ما فسرناه نظريًا في السابق"، وأضاف: "لكنني لم أتوقع رؤية ذلك التأثير بوضوحٍ في البيانات".

عند بدء هبوب الرياح عبر سطحٍ رمليٍّ مغبر، لا تتحرك الدقائق الأخف وزنًا في البداية، ذلك لأن الكثير من الغبار إمَّا أن يلتصق بذراتٍ أكبر حجمًا أو يتجمع بينها.


ولكن عند بدء ارتداد حبيبات الرمل عن السطح، فإنها تضرب غيرها من الحبيبات، فيؤدي الاهتزاز الناتج عن ذلك إلى إطلاق الغبار، والذي يرتفع بعد ذلك في الهواء فوق الأرض مباشرةً، ويولّد كل ذلك الارتداد والاصطدام أيضًا الكهرباء الساكنة (النسخة الجيولوجية المماثلة لتوليد الكهرباء الساكنة من جر قدميك على السجاد).

وعند حدوث هذا، تنتقل عادةً الإلكترونات من حبيبات الرمل الأكبر إلى ذرات الغبار الأخف وزنًا، مما يعطي الغبار شحنةً سالبة، وترتفع ذرات الغبار في الهواء بسهولةٍ أكبر، في حين تبقى عادةً حبيبات الرمل -التي أصبحت الآن موجبة الشحنة- أقرب إلى مستوى الأرض، ويؤدي هذا الفصل بين الشحنات إلى تشكل مجالٍ كهربائيٍّ يمكن أن يساعد على كهربة بعض الغبار الذي ما يزال ملتصقًا بحبيبات رمل، وبالتالي زيادته في الهواء.

وتقول فرانشيسكا إسبوزيتو Francesca Esposito، عالمة الكواكب في المعهد الوطني للفيزياء الفلكية في نابولي، إيطاليا: "أشارت دراسات سابقة إلى أنَّ الحقول الكهربائية المتولدة أثناء المراحل المبكرة لعاصفةٍ رمليةٍ سيكون لها هذا التأثير، ولكن لا توجد أي قياساتٍ ميدانيةٍ لدعم هذه الفكرة". 


لذلك، بدأت هي وزملاؤها بالقيام بذلك، فقاموا بإنشاء محطةٍ لدراسة الطقس في موقعٍ مستوٍ وواسعٍ في جنوب شرق المغرب، تعمل باستمرارٍ على قياس سرعة الرياح ودرجة الحرارة والرطوبة والضغط الجوي وشدة الإشعاع الشمسي، وتقيس أجهزة استشعارٍ إضافيةٍ الحقل الكهربائي فوق سطح الأرض بمترين.

وجمع الفريق المعطيات خلال ذروة مواسم عواصف الغبار في الصحراء الكبرى في عامي 2013 و 2014.

وسجلت الأجهزة عدة عواصف غبارية ودوامات رملية ، وفي تلك الحوادث، نما المجال الكهربائي بشكلٍ أقوى من المعتاد، حصل ذلك غالبًا في بضع ثوان، مما يدعم فكرة أن احتكاك حبيبات الرمل يولّد الكهرباء الساكنة. 


بينما أظهرت المعطيات -وفقًا لتقرير الباحثين على الإنترنت في مجلة رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية Geophysical Research Letters- اتجاهًا آخر أيضًا: عند هبوب الرياح بسرعةٍ تتجاوز حدًا معينًا، يرتفع 10 أضعاف المقدار المتوقع من الغبار عن الأرض، وتقول إسبوزيتو: "في كل مرة، كان الارتفاع سريعًا جدًا، يشير ذلك إلى أن انبعاثات الغبار والمجال الكهربائي يعزّز كل منهما الآخر".

ويقول رينو -الذي شارك في تأليف ورقةٍ في عام 2008 تقترح على نحوٍ مماثلٍ حلقة تغذية راجعة تعمل على زيادة الغبار- إنه يرى ظواهر مماثلةً في الدراسات الميدانية في بحيرة أوينز في ولاية كاليفورنيا، إلا أنَّهُ في بعض الحالات، تختلف الحقول الكهربائية في الاتجاه عن تلك المقاسة من قبل إسبوزيتو وزملائها، ويعزو رينو السبب في ذلك إلى تشكل الرمال والغبار في الموقعين من معادن مختلفة.

وقد تكون هذه النتائج بمثابة هبةٍ لعلماء المناخ، وقد يكون لغبار الغلاف الجوي تأثيرًا قويًا على المناخ، وامتصاص أشعة الشمس وارتفاع درجة حرارة الجو عند بعض الارتفاعات عند تظليله وتبريده لطبقات الهواء التحتية. 


ويأتي جزءٌ من أكبر الشكوك حول عمل النماذج المناخية الحالية من تقديراتها واسعة النطاق لحجم وعدد ذرات الغبار في الغلاف الجوي، وتقدر الكثير من تلك النماذج أحجام وأعداد ذرات الغبار في الغلاف الجوي على أساس الظروف الجوية، لكنها لا تشمل تأثيرات المجالات الكهربائية. 


وتقول إسبوزيتو: "يمكن أن يؤدي تقليل الشكوك في النماذج إلى الحصول على تقييماتٍ أفضل للمناخ، وطويلة الأمد".


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات