المركبة الفضائية روزيتا في طريقها للتحطم فوق مذنب تشيريوموف-جيراسيمينكو

وقف العالم قبل عامين من اليوم لمشاهدة مركبةٍ فضائيةٍ صغيرةٍ صنعت التاريخ أثناء لحاق المجس فيليه (Philae) بمذنبٍ يتحرك بسرعة 18 كيلومتراً في الثانية (40 ألف ميل في الساعة)، وقد أنجز المجس هبوطاً مثالياً.


حان الآن وقت مشاهدة النهاية العظيمة للمهمة، لأنّ وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ستضع شريك المجس فيليه -المركبة الفضائية روزيتا- في وضع النوم أثناء اصطدامها مع المذنب 67P.


إنها لحظةُ مشرقة، لأنه وعلى الرغم من عدم شعورنا بذلك، فهذه هي نهايةٌ لمهمةٍ امتدت على 12 عاماً، وأعطتنا بعضاً من الرؤى التي لا تُصدق عن الأيام الأولى من تاريخ نظامنا الشمسي.


أقلعت المركبة الفضائية روزيتا في شهر آذار من عام 2004، وسافرت لمسافةٍ امتدت حوالي 6.4 مليار كيلومتر عبر النظام الشمسي، قبل أن تصل إلى المذنب تشيريوموف-جيراسيمينكو في 6 آب 2014. ومنذ ذلك الحين، تنتابنا سلسلةٌ من العواطف بفضل الصور التفصيلية التي التقطتها المركبة الفضائية للمذنب، إضافةً إلى اكتشاف فيليه لجزيئاتٍ عضويةٍ فوق السطح خلال الستين ساعةً الأولى من هبوطه، قبل أن تنفذ طاقته بوقتٍ أسرع من المتوقع ببضعة أيام.


ومؤخراً، ودعنا بشكلٍ رسميٍّ المجس فيليه، ومن ثمّ وفي وقتٍ مبكرٍ من هذا الشهر، سمعنا بأن روزيتا وجدت شريكها فيليه أثناء احتضاره وحيداً داخل أحد حفر المذنب، يا له من مسبارٍ صغيرٍ ومسكين.


الآن حان الوقت لنلقي الوداع على روزيتا أيضاً، لأن وكالة الفضاء الأوروبية جاهزةٌ الآن لإرسال المهمة إلى السرير. ففي يوم الخميس 29 أيلول/سبتمبر وفي تمام الساعة الرابعة وخمسون دقيقة مساءً بالتوقيت الشرقي، ستبدأ روزيتا هبوطاً متحكماً به على طول 19 كيلومتراً نحو وجهتها الأخيرة في موقعٍ يُعرف بماعت (Ma’at) -وهي إلهة مصرية قديمة للإيقاع- فوق مذنب تشيريوموف-جيراسيمينكو.


ولكن وفقاً لمادي ستون Maddie Stone، لا شيء إيقاعي في هذه العملية، ولا شيء متوازن أو مرتب حول ماعت. ويُضيف قائلاً: "ماعت مكان وعر وغير مضياف، فهو مغطى بالصخور المتناثرة والمجاري، ومعرض لوجود ثورانات عنيفة من الغاز والغبار"، ويُكمل قائلاً: "لكن المشهد المرعب نفسه لمكان هبوط روزيتا يُشكل منجم علمي ذهبي. في الحقيقة، من المحتمل أن تحتفظ هذه البقعة من المذنب بمفتاح رئيسي لفهم كيفية تشكل المذنبات".


وكما هي الحال مع الجندي، ستستمر روزيتا بإجراء العمليات العلمية على طول طريقها نحو قبرها. 
 

في الواقع، وبفضل اقترابها من المذنب على طريق اصطدامها معه، فإنه من المتوقع أن تكون ساعات روزيتا الأخيرة مليئةً بأفضل البيانات التي ستصلنا من المهمة، حيث ستعمل كل الأجهزة أثناء الهبوط، على التقاط صور عن قرب وأخذ قياساتٍ لدرجة حرارة سطح المذنب وكثافة الغبار والرياح الشمسية وحتى حقل الجاذبية.


من المحتمل أيضاً أن تنحرف روزيتا عن المسار -كما حصل مع فيليه عندما هبط- وتسقط داخل حفرة كبيرة فوق سطح المذنب، ولن يعرف أحد بما وجدته بالداخل.  يقول لورانس أورورك Laurence O’Rourke وهو عالم في مهمة روزيتا: "نحن نغوص حرفياً داخل المجهول، وندخل منطقة جديدة من العلوم".


إليك جدول روزيتا


  • في الساعة 4:50 مساءً بالتوقيت الشرقي (30 أيلول، الساعة 6:30 صباحاً بالتوقيت الاسترالي): ستبدأ روزيتا عملية الهبوط المتحكم به نحو المذنب، وسيكون هناك جلسة أسئلة حول الأمر تمتد من الساعة 8:30 صباحاً وحتى 12:30 صباحاً بالتوقيت الشرقي.
     
  • يوم الجمعة 30 أيلول، بين الساعة 3:55 صباحاً و4:05 صباحاً بالتوقيت الشرقي (30 أيلول 5:55 مساء و6:05 مساء بالتوقيت الاسترالي الشرقي): ستبدأ صالة التحكم بالمهمة بمعرفة كيف ستجري المناورة الأخيرة للمركبة الفضائية أثناء هبوطها في البقعة المخصصة، وسيجري تأكيد توقيت التحطم خلال هذه المرحلة.
     
  • يوم الجمعة 30 أيلول، بين الساعة 6"30 صباحا و7:40 صباحاً بالتوقيت الشرقي (يوم الجمعة 30 أيلول، بين الساعة 8:30 مساءً و9:40 مساءً بالتوقيت الاسترالي الشرقي): ستكون حينها قادراً على مشاهدة موت الأسطورة.
     

مسار تحطم المهمة
مسار تحطم المهمة

 

إذا ما كنت تتساءل عن سبب إنهاء وكالة الفضاء الأوروبية لهذه المهمة، فإنّ ذلك عن نفس السبب الذي أنهى مهمة فيليه، فقد نفذت الطاقة الشمسية من روزيتا مع ابتعاد المذنب عن الشمس كل يوم، ومن المحتمل أن تكون قادرةً على الاستمرار لشهر قادم أيضاً، لكن يُفضل المتحكمون أن ينهوا الأمر بأنفسهم.


يقول أوروك: "وصلت إلى نقطة لم يعد فيها لدى المركبة الفضائية ما يكفي من الطاقة للحفاظ على نفسها. ستتجمد المهمة، ولن يكون لديك أي طريقة لإيقاظها مجدداً عندما يحصل ذلك".


تابع روزيتا على تويتر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات