علماء فلك يؤكدون الحجم الضخم لأكبر مركز معروف لمجرة مستنزفة

تصور فني لانفجار نجمي لنجمٍ يقع جزئياً خلف ثقبٍ أسود. 


حقوق الصورة: James Josephides, Swinburne University of Technology


يقول علماء فلكٍ من جامعة سوينبرن للتكنولوجيا، إنهم ربما توصلوا إلى هوية ذلك المجرم الكوني، حيث يختلف الجاني في هذه المرة عن المشتبه بهم العاديين، وذلك في أثناء قيامهم بالتحقق من ملايين النجوم المفقودة من مركز مجرتين كبيرتين.

أكد العلماء أن أحد المركزين المستنزفين هو أكبر مركزٍ من نوعه يتم رصده، لكن تقاريرهم تشير إلى أنه ربما لم يتشكل بالطريقة نفسها المُعتقدة سابقاً. في المجرات ذات الحجم العادي، تزداد كثافة النجوم بسلاسةٍ كلما تحركنا باتجاه المركز، مع ذلك، رصد علماء الفلك على مدى عدة عقود نقصاً في النجوم في مراكز العديد من المجرات الكبيرة.

قال باولو بونفيني Paolo Bonfini، المؤلف الرئيسي الذي يعمل الآن في الجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك: "من المُحتمل أن المجرة الأصغر من بين المجرتين اللتين تفحّصناهما -ذات المركز المستنزف الأصغر- قد تكونت على الأرجح من تصادم مجرتين متشابهتين، حيث تحتوي كل منها في مركزها على ثقبٍ أسود عملاقٍ بكتلٍ أكبر من الشمس بمليارات المرات.

 

في هذه العملية المدروسة جيداً، يهاجر الثقب الأسود باتجاه مركز المجرة المُتشكلة حديثاً عن طريق الإطاحة بالنجوم الموجودة هناك مسبقاً، بقذفها خارجاً في مناورة مقلاع جاذبي gravitational slingshot manoeuvre، حيث يعمل زوجٌ من الثقوب السوداء معاً بفاعليةٍ للإطاحة بالنجوم الفردية في مركز المجرة".

قال البروفيسور أليستر غراهام Alister Graham، من جامعة سوينبرن والمؤلف المشارك في الدراسة، إن النجوم الأقل حظاً والقريبة جداً من أحد الثقبين الأسودين سيتم تمزيقها وابتلاعها.


وقال: "تنتج هذه الأحداث العنيفة انفجاراتٍ ذات طاقةٍ كبيرةٍ من الأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية كما رأينا سابقاً داخل الباطن الساخن للنجوم، وذلك أثناء تمزقها بفعل المجال المغناطيسي الهائل لكلٍ من الثقبين الأسودين، كما تنبعث سلسلةٌ من الموجات الثقالية (gravitational waves) عندما يندمج الثقبين الأسودين ببعضهما أخيراً". 


مع ذلك، فقد أظهرت عمليات المحاكاة أنه إذا تضمنت التصادمات المجرية استهلاك المجرة الأكبر حجماً للمجرة التابعة الأقل حجماً، فعندها يمكن للأمور أن تسلك منحى مختلفاً.



 اندماج زوجٍ من الثقوب السوداء الضخمة بشكلٍ لولبي. 
حقوق الفيديو: James Josephides Swinburne University of Technology



إذا تمتعت المجرة الصغيرة بمركزٍ كثيف، فعندها يمكن لتلك المنطقة المتماسكة بإحكامٍ أن تنجو دون أن تصاب بأذى خلال ذلك الاندماج العنيف، حيث لن تقذف سوى النجوم الخارجية. 

قال البروفيسور بن مور Ben Moore، صانع النماذج المجرية ومدير في جامعة مركز زيورخ للفيزياء الفلكية النظرية وعلم الكونيات في سويسرا: "تتحرك المجرة المأسورة باتجاه مركز المجرة الكبيرة في عملية كبحٍ يتم خلالها ضخ النجوم خارج مركز المجرة الأكبر. أظهرت عمليات المحاكاة أن المجرتين تقومان بذلك بطريقةٍ ما بحيث يتشكل مركزٌ له كثافة نجمية ثابتة، وتحوم حوله التوابع شبه المهضومة".

على خلاف المجرة الأصغر من بين المجرتين اللتين درساهما العلماء، فإن النجوم الموجودة في مركز المجرة الأكبر تتمتع بتوزيعٍ متجانسٍ كما تتضمن تلك المجرة عدة عقدٍ نجميةٍ كثيفةٍ بالقرب من حافة مركزها.

تتمتع إحدى تلك العقد النجمية بكتلةٍ ضخمةٍ تساوي 45 مليار مرةٍ من كتلة شمسنا -ما يقارب كتلة جميع النجوم الموجودة في مجرتنا درب التبانة- وبالتالي فهي قادرة على إحداث الكثير من الأضرار.

علاوة على ذلك، يتمتع مركز المجرة الأكبر -الذي اكتشفه مارك بوستمان Marc Postman عام 2012 في معهد علوم تلسكوب الفضاء في الولايات المتحدة الأميركية- بحجمٍ أكبر بعشر مراتٍ تقريباً من مراكز المجرات الضخمة التي تُرصد عادةً.

يضيف البروفيسور غراهام: "نحن نظن أن ذلك المركز الضخم يتكون بشكلٍ أساسيٍ من المجرات التابعة المأسورة، بدلاً من الثقوب السوداء الضخمة. في الواقع، يبدو أنه تم القبض على الجناة متلبسين حرفياً".

تتمتع المجرة الأكبر، المُسماة 2MASX J17222717+3207571، بكتلةٍ أكبر بـ 75 مرةً من كتلة مجرة درب التبانة، وهي ألمع مجرة وسط عنقود مجري باتجاه كوكبة هرقل. 


في حين تتمتع المجرة الأصغر ذات المركز الأصغر، المعروفة باسم 2MASX J09194427+5622012، بكتلةٍ أكبر بـ 30 مرةً من كتلة مجرة درب التبانة، حيث تقع بالقرب من كوكبة الدب الأكبر، تبعد كلتا المجرتين 4 مليارات سنةٍ ضوئية تقريباً.

يساعد هذا البحث في فتح نافذةٍ جديدةٍ على دراسة مراكز المجرات والعمليات التي تشكل تطور المجرات الكبيرة.  سيوفر تلسكوب جيمس ويب الفضائي -المُخطط إطلاقه عام 2018- صوراً أفضل لمراكز المجرات، ونأمل أن يكشف عن عدد المرات التي يتم فيها استنزاف المجرات التابعة قليلة الحظ.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأمواج الثقالية (gravitational waves): عبارة عن تموجات في الزمكان، نشأت عن حركة الأجسام في الكون. أكثر المصادر التي تُنتج مثل هذه الأمواج، هي النجوم النترونية الدوارة، والثقوب السوداء الموجودة خلال عمليات الاندماج، والنجوم المنهارة. يُعتقد أيضاً بأن الأمواج الثقالية نتجت أيضاً عن الانفجار العظيم. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات