إزالة الضوضاء البصرية لتحسين الرؤية تحت الماء واستكشاف أعماق البحار

لطالما أنعم الجنس البشري النظر في أعماق البحار؛ فمن إيجاد السمك إلى تجنب الصخور، كانت القدرة على الرؤية إلى أبعد ما يمكن عبر الماء الكدر أمرا مهماً لآلاف السنوات.

لكن مؤخراً، يستخدم العلماء كاميرات دقيقة لدراسة جيولوجيا قاع البحر وسلوك حيوانات أعماق البحار، لكن ما يتحداهم دوماً هو الحصول على صورة واضحة للأعماق البعيدة للمحيط، لكن ربما الآن قد يساعد فريق من الباحثين من جامعة المحيط الصينية في كينغداو-الصين، في تحسين جودة الإظهار المرئي تحت الماء.

ففي منهجية جديدة لتحسين الرؤية تحت الماء، طبقوا مدخلاً رياضياً يعرف باسم "الرنين المنطقي الاحتمالي" logical stochastic resonance واختصارا LSR؛ فعندما طبقت هذه الخوارزمية LSR على صور مأخوذة تحت الماء وذات جودة منخفضة، حسنت من قدرة الفريق على تحديد الأجسام بصرياً. وقد نشرت نتائج استقصائهم في دورية Optics Letters التابعة لجمعية البصريات.

في الماضي كانت خوارزمية LSR محصورة بالبحث النظري بشكلٍ رئيسي، لكن الدراسة الحالية تمتد وتطبق LSR على مشاكل عملية تتمثل بتحديد الأجسام في وسط عالي التشتت كماء البحر العكر.

يشرح نان وانغ Nan Wang المؤلف الرئيس للدراسة من كلية علوم وهندسة المعلومات قائلاً: "يعد عملنا محاولة مثيرة للاهتمام لتطبيق LSR لمعالجة صورة منخفضة الجودة مصورة تحت الماء في وسط عكر؛ وهي تطور مفيد لأن الضوضاء البصرية المتأصلة وانعدام الخطّية البصرية تسبب صعوبة في معالجة هذه الصور بوساطة طرق معالجة الصور التقليدية".

حيث إن طريقتهم الجديدة في تطبيق LSR على مشكلة بصرية تبرهن على فعالية خوارزميتهم في استخراج المعلومات التي تساعد في تحديد الأجسام في خلفية كثيفة الضوضاء البصرية.


صورة أخذت في ظروف إضاءة طبيعية لمياه بحرية. بما أن قابلية الرؤية عبر الماء ضعيفة، فستكون جودة الصور منخفضة ويميزها ضوضاء بصرية عالية الكثافة وتباين منخفض.   حقوق الصورة: Nan Wang
صورة أخذت في ظروف إضاءة طبيعية لمياه بحرية. بما أن قابلية الرؤية عبر الماء ضعيفة، فستكون جودة الصور منخفضة ويميزها ضوضاء بصرية عالية الكثافة وتباين منخفض. حقوق الصورة: Nan Wang

أما مفهوم LSR فيعد مناقضاً لبديهتنا نوعاً ما، فالفكرة الأساسية هي مزج حزمة ضوضاء عريضة مع إشارة ضوضاء منخفضة في وسط غير خطي، وذلك لتعزيز العناصر المكونة لترددات الإشارة لتتغلب على ضوضاء الخلفية، وهذا نوع من عمليات التداخل البنّاء الذي يمكنه أن ينتج زيادة في وضوح إشارات قادمة من مصادر ذات ضوضاء.

وتعتبر LSR ذات أهمية أكبر عموماً فيما يرتبط بتقلبات الضوضاء والفولطية في الأنظمة الإلكترونية غير الخطية؛ ففي الإلكترونيات مثلاً يمكن استخدام LSR لتحليل أنظمة ديناميكية متعددة وخلق تفاعل منتج ـأو "منطقي"ـ يمكن ضبطه وتعديله، وهذا بدوره ينتج تياراً يمكن التحكم به وإلكترونيات ذات كفاءة بالنسبة للطاقة.

وفي الدراسة الحالية، جعل الباحثون خوارزمية LSR ملائمةً لمشكلة "الضوضاء البصرية" التي تخفض جودة معالجة الصور التقليدية؛ وفي هذه الحالة يعود سبب الضوضاء البصرية في الماء إلى جسيمات عالقة في الماء تسبب تباينات في امتصاص وتشتيت الضوء، وهي حالة عامة لمعظم الماء في الطبيعة وخاصة ماء البحار.

هذا وقد تطلبت تجربة LSR القيام بخطوات عدة وهي


أولاً، حصل العلماء على صورة تحت الماء مشوشة ومنخفضة الجودة بشدة، ثم وضعوها في نظام الـSLR كإشارة مُدخَلة، وبعدها أدخلوا تشويشاً إضافياً ليعاكس التشويش الأصلي ـ فكر بها على أنها خطوة تداخل بناءة لأنها ساعدت في فصل الأجسام في الصورة عن الخلفية؛ وهذه العملية نتج عنها تحديد أفضل للجسم عن طريق الدلالة على ما إذا كان البيكسل ينتمي إلى الجسم أو الخلفية.


يقول وانغ: "تبرهن النتائج في المناطق البعيدة عن الشاطئ على تأثير LSR في معالجة الصور، والطريقة المفترضة هذه تخلق تأثيراً مثيراً للاهتمام في معالجة الصور ذات الجودة المنخفضة جداً"، وأضاف أن خوارزميات التصحيح النهائي للألوان وتحسين التباين كموازنة الأبيض ومعادلة التواتر يمكن استخدامها لإنتاج صور مقنعة ومُرضِية بصرياً.

وقد أجرى وانغ وزملاؤه التجربة في خليج جياوزهو Jiaozhou شمال الصين؛ وخلال إجراء الدراسة واجه الفريق أمواجاً عالية لعدة أيام وهم على متن المركب، ما صعّب العمل. يقول وانغ: "جلبت لنا الأمواج العالية الكثير من المتاعب أثناء محاولتنا النقاط صور مفيدة"؛ وعلى الرغم من المصاعب فالباحثون يتوقون إلى إثبات موثوقية عملهم وصقله وتوسيع تطبيقاته باتجاه التغلب على عوائق الرؤية تحت الماء.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات