مصدر الصورة: Nasa
قبل 42 سنة من الآن، يوم الخامس من شباط/فبراير عام 1974، صنعت مركبة مارينر 10 التابعة لناسا التاريخ بقيامها بخطوة رائدة، وذلك عندما قامت بأول تجربة فحص وتنفيذ للتقنية المعروفة باسم "الطيران المساعد بالجاذبية الكوكبية" planetary gravity assisted flyby التي تستخدم لتغيير سرعة ومسار المركبة بهدف الوصول إلى جسم سماوي آخر.

حلقت مارينر 10 (Mariner 10) بجانب الزهرة قبل 42 سنة لتتيح لنفسها اكتساب سرعة كافية وتبديل مسارها لتصبح بذلك أول مركبة تصل إلى عطارد، الكوكب الأقرب لشمسنا، وبالفعل كانت مارينر 10 أول مركبة تزور كوكبين معًا، والتقطت مارينر 10 أول صورة قريبة من الزهرة خلال تحليقها القريب.

منذ ذلك الحين، أصبحت مناورات المقلاع المعززة بالجاذبية تقنيةً مهمةً جدًا استخدمتها ناسا مرات عديدة للقيام ببعثات الاستكشاف الكوكبية والتي ما كانت لتتم دونها. فمثلًا، مسبارا ناسا المسميان فوياجر 1 وفوياجر 2 الذين أطلقا بعد ثلاث سنين، عام 1977، استخدما تسريع الجاذبية لتنفيذ رحلتهما الاستكشافية التاريخية وهي المرور بجانب كواكب نظامنا الشمسي الخارجية.
لم تستطع قاذفات الدفع لوحدها تزويد المركبات بسرعة بين كوكبية كافية للوصول للهدف. فمركبة جونو التابعة لناسا المدارية والتي ذهبت للمشتري، عادت وحلقت حول الأرض في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2013 لاكتساب السرعة المطلوبة للوصول إلى المشتري.

استخدم المسبار مارينر 10 (Mariner 10) فلتر الأشعة فوق البنفسجية لتصوير الكوكب بهدف الحصول على تفاصيل لسحب الكوكب والتي تبدو بدون معالم واضحة للعين البشرية (كما ستلاحظ وانت تنظر إليها عبر تلسكوب).
سطح الزهرة مخفي تمامًا بطبقة سميكة من سحب أكسيد الكربون، وتبلغ درجة حرارة سطح هذا الكوكب الجهنمي 460 سلسيوس أو 900 فهرنهايت.

بعد تحليقها الناجح قرب الزهرة، أكملت مارينر 10 طريقها لتنفيذ ثلاث تحليقات قريبة من عطارد عامي 1974 و 1975. حيث صورت تقريبًا نصف سطح الكوكب الشبيه بالقمر، ووجدت دلائل مفاجئة لوجود مجال مغناطيسي، واكتشفت أن نواة معدنية تشكل تقريبًا 80% من كتلة الكوكب، وقاست درجات حرارة تتراوح بين 187 سيليزيوس في مناطق النهار و-183 سيليزيوس في المناطق التي يخيم عليها الليل.
لم يتم زيارة المشتري مرة أخرى إلا بعد ثلاثة عقود عندما مرت مركبة ناسا مسنجر MESSENGER بقربه واتخذت مدارًا حوله في نهاية الأمر، وهي هناك حتى الآن.
أطلقت مارينر 10 في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1973 من مركز كينيدي للفضاء على متن صاروخ أطلس قنطور Atlas-Centaur، وبعد وقت قصير من الإقلاع التقطت صورًا للأرض والقمر.
في النهاية، كانت مارينر 10 أخر مركبة مهيبة تابعة لناسا في بعثات مارينر الكوكبية القادمة من فجر عصر الفضاء. تم تقليص مدى مارينر 11 و 12 بسبب تخفيضات في الميزانية من الكونغرس، وفي النهاية أُعيدت تسميتهما لتصبحا فوياجر 1 وفوياجر 2.
كان بروس موراي Bruce Murray قائد الفريق العلمي لمارينر 10، وأصبح موراي في النهاية مديرًا لمختبر الدفع النفاث. بعد أن توفي عام 2013، سمى الفريق العلمي لمهمتي أوبورتونيتي Opportunity وكيوريوسيتي Curiosity المعالم العلمية الهامة على قمم المريخ المستهدفة للتسلق، على شرف موراي.