الكشف الأرضي لعملية عبورٍ لأرضٍ عملاقة يُمهِّد الطريق أمام الاستشعار عن بعد للكواكب الخارجية الصغيرة

 

قام فلكيُّون بقياس عبور أرض عملاقة أمام نجم لامع ومشابه للشمس وقريب، وتم ذلك باستخدام تلسكوب أرضي للمرة الأولى. ويُعتبر اكتشاف العبور الخاص بالكوكب الخارجي 55 Cancri e أكثر عمليات الكشف الخافتة جداً والتي تم إجراؤها من الأرض، وطالما أن عملية اكتشاف العبور هي الخطوة الأولى في تحليل الغلاف الجوي للكوكب، فإن هذا النجاح يُبشر بالخير بخصوص عملية توصيف الكثير من الكواكب الخارجية الصغيرة والتي ستقوم باكتشافها المهمات الفضائية القادمة خلال الأعوام القليلة المقبلة.

 

استخدم فريق البحث الدولي التلسكوب البصري نورديك ذو الفتحة 2.5 متر والموجود في جزيرة لابالما بإسبانيا وهو عبارة عن منشأة متوسطة الحجم بتعابير هذه الأيام ولكنها مجهزة بأدوات متطورة جداً من أجل إجراء هذا الكشف. اعتمدت القياسات السابقة لعملية العبور هذه على التلسكوبات الفضائية.

 

يقع النجم المُضيف والمعروف بـ 55 Cancri على بعد حوالي 40 سنة ضوئية منا وهو مرئي للعين المجردة؛ وأثناء عملية العبور، قام الكوكب بحجب كمية قليلة من الضوء النجمي ما أدى إلى خفوت النجم بمقدار وصل إلى واحد من ألفين ، أي حوالي 0.05%، لمدة ساعتين؛ ويوضح هذا الأمر أن الكوكب يمتلك حجماً يصل إلى ضعفي حجم الأرض –أي يبلغ قطره حوالي 16000 ميل.

 

يقول ارنست مويج (Ernst de Mooij) من جامعة الملكة في بيلفاست في المملكة المتحدة وهو المؤلف الرئيسي للورقة: " تُوضِّح مراقباتنا أنَّه بإمكاننا الكشف عن عمليات عبور الكواكب الصغيرة والموجودة حول نجوم مشابهة للشمس وذلك باستخدام التلسكوبات الأرضية". ويضيف "هذا الأمر مهم بشكلٍ خاص لأن المهمات الفضائية القادمة مثل TESS وPLATO يجب أن تكتشف العديد من الكواكب الصغيرة حول نجوم لامعة ونريد ان نتابع تلك الاكتشافات باستخدام أدوات أرضية".

 

TESS هي مهمة تابعة لناسا ومن المخطط أن تُقله في العام 2017؛ في حين أن PLATO مهمة تابعة لوكالة الفضاء الأوروبية ومن المقرر أن تُقلع في العام 2024؛ وستقوم كلا المهمتان بالبحث عن الكواكب الصخرية حول النجوم اللامعة والقريبة منا.

 

تقول المؤلفة المشاركة ميرسيدس لوبيز-موراليس (من مركز هارفارد-سيمثسونينا للفيزياء الفلكية) (CfA) "بوجود هذه النتائج، نحن نقترب أكثر من الكشف عن الأغلفة الجوية الخاصة بالكواكب الخارجية وذلك بالاعتماد على تلسكوبات أرضية. نقوم وبشكلٍ بطيء بتعبيد الطريق نحو الكشف عن البصمات البيولوجية للكواكب المشابهة للأرض والموجودة حول نجوم قريبة".

يقول المؤلف المشارك راي جاياواردهانا (من جامعة يورك في كندا) "من اللافت للنظر ما تمكنّا من القيام به عبر دفع التلسكوبات الموجودة نحو أقصى قدراتها وذلك بصرف النظر عن التعقيدات التي يفرضها الغلاف الجوي المضطرب للأرض. الاستشعار عن بعد ومن مسافات تصل إلى عشرات السنين الضوئية ليس بالأمر السهل أبداً، لكن يُمكن القيام به باستخدام التقنيات الصحيحة والقليل من البراعة".

 

يبلغ حجم الكوكب 55 Cancri e ضعفي حجم الأرض ويمتلك كتلة تفوق كتلة الأرض بحوالي ثمان مرات، وبفترته المدارية الممتدة على 18 ساعة، يُعتبر هذا الكوكب كوكب داخلي في نظام مكون من خمسة كواكب ولقربه الشديد من نجمه، تصل درجة الحرارة في الجانب النهاري من هذا الكوكب إلى أكثر من 3100 درجة فهرنهايت (1700 درجة سيلسيوس) وهي كافية من أجل صهر المعادن وبالتالي البيئة الموجودة فوق هذا الكوكب أبعد ما تكون عن استضافة الحياة. تم تأكيد وجود هذا الكوكب، الذي اكتشف في البداية منذ عقود باستخدام قياسات السرعة القطرية، بالاعتماد على مراقبات العبور القادمة من تلسكوبات MOST وسبيتزر الفضائيين.

 

حتى الآن، تم رصد عملية عبور وحيدة فقط لأرضٍ عملاقة –وهي الكوكب GJ 1214b الذي يدور حول قزم أحمر –بالاعتماد على التلسكوبات الأرضية. يجعل الهواء الأرضي من إجراء مثل تلك المراقبات أمراً صعباً جداً؛ لكن النجاح الذي أحرزه الفريق في اكتشاف 55 Cancri e يطرح آفاق جديدة بخصوص توصيف العشرات من الأراضي العملاقة والتي سيتم اكتشافها عبر عمليات المسح القادمة.

 

تقول لوبيز-موراليز "نتوقع من عمليات المسح هذه أن تكتشف العديد من الكواكب والعوالم الصخرية والتي لن تكون التلسكوبات الفضائية قادرة على اكتشافها، وملاحقتها جميعاً، بسهولة. ستكون التجهيزات الأرضية المستقبلية أمراً مهماً جداً في هذا المجال وتوضح هذه الدراسة أنه من الممكن القيام بذلك باستخدام هذه التجهيزات".

 

تضمن فريق البحث أيضاً رين كارجالينين (Raine Karjalainen) وماري هرودكوفا (Marie Hrudkova) من مجموعة إسحاق نيوتن للتلسكوبات، وظهرت اكتشافاتهم في ورقة علمية في مجلة The Astrophysical Journal Letters.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات