كيف يعمل العلماء لإنتاج سلالة دم خالدة؟

التاريخ: ٢٨ آذار ٢٠١٧


طوَّر الباحثون سلالة من الخلايا الجذعية الخالدة تسمح لهم بتوليد كميات غير محدودة من الخلايا الدموية الحمراء الاصطناعية حسب الطلب.


إذا نجحت التجارب السريرية على الخلايا الدموية الحمراء الاصطناعية هذه ستكون أكثر كفاءة بالاستخدام الطبي من منتجات الخلايا الدموية الحمراء المتوافرة حاليًا والتي تُنتَج من دم مُتبرَّع به، وسيكون هذا الأمر مهمًا جدًا للمرضى ذوي الزمر الدموية النادرة الذين يعانون حتى يتمكنوا من إيجاد متبرعين بزمر دموية مماثلة لزمرهم.


وهذا لا يعني أن تَحلّ هذه الخلايا الجذعية محل التبرع بالدم، فسيبقى التبرع بالدم مناسباً لعمليات نقل الدم المُعتادة. ولكن يعتبر توليد الخلايا الدموية الحمراء من دم مُتبرَّع به عملًا مُجهِدًا ففي المملكة المتحدة لوحدها يجب جمع ١.٥ مليون وحدة من الدم في كل سنة لتلبية حاجة المرضى خاصة ذوي الزمر الدموية النادرة الذين يعانون من حالات طبية مثل داء الخلية المنجلية sickle cell disease.


تقول الباحثة الرئيسية من جامعة بريستول Bristol في المملكة المتحدة جان فرين Jan Frayne: "عالميًا هناك حاجة لمصدر بديل للخلايا الحمراء. وللخلايا الدموية الحمراء المزروعة ميزات أكثر من الدم المُتبرَّع به مثل تقليل خطر نقل الأمراض المُعدِيَة".


حاول الباحثون في السابق تحويل خلايا جذعية مُتبرَّع بها مباشرةً إلى خلايا دموية حمراء ناضجة ونجحت التقنية ولكنها عملية غير فعالة بشكل كبير. حيث تنتج كل خلية جذعية حوالي ٥٠ ألف خلية دموية حمراء قبل أن تموت وهنا يحتاج الباحثون إلى تبرع جديد بالدم، ورغم أن الرقم ٥٠ ألف يبدو كبيرًا ولكن يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن كيس الدم النموذجي الذي يُستخدَم في المشافي يحتوي على ١ تريليون خلية دموية حمراء.


ولتجاوز ذلك قام فريق من جامعة بريستول بعملية مختلفة، حيث حوّلوا خلايا جذعية ناضجة إلى السلالة الأولى عالميًا من الخلايا الجذعية المُحمَرَّة الخالدة (تشير كلمة المُحمَرَّة erythroid إلى عملية إنتاج خلايا دموية حمراء). وأطلقوا على هذه السلالة الخلوية اسم السلالة المحمرة البالغة التابعة لبريستول Bristol Erythroid Line Adult أو اختصاراً خلايا BEL-A.


لإنتاج هذه الخلايا الخالدة، أوقفوا تطور الخلايا الجذعية الكَهِلة بشكل فعّال عند مرحلة باكرة من التطور وهذا يعني أنّ بإمكانهم تقسيم وتكوين خلايا دموية حمراء بشكل مستمر دون أن تموت وهذا يقلل الحاجة إلى التبرع المتكرر. وتقول فرين: "اعتمدت العمليات السابقة لإنتاج خلايا الدم الحمراء على عدة مصادر من الخلايا الجذعية التي يمكنها حاليًا إنتاج كميات محدودة جدًا".


وتقول للـ BBC: " لقد وصفنا طريقة عملية لإنتاج مستمر من الخلايا الحمراء من أجل الاستخدام السريري وأنتجنا عدة ليترات منها".


إن بدت كلمة الخلايا الجذعية مألوفة بالنسبة لك فذلك لأنه يوجد سلالة أخرى من الخلايا الجذعية الخالدة التي تستخدم في المختبرات حول العالم تُعرَف ب هيلا HeLa وأُخِذَت من نسيج امرأة تُدعى هينريتا لاكس Henrietta Lacks دون معرفتها. حيث كانت لاكس امرأة من أصول أميركية أفريقية وكان لديها ورم سرطاني أُخِذَت خزعة منه عام ١٩٥١ ولم تعلم أبدًا أن هذه الخلايا حُوِّلَت إلى السلالة الخلوية HeLa الخالدة والتي لعبت دورًا أساسيًا في حوادث هامة مثل تطوير لقاح شلل الأطفال ودراسات كبيرة عن السرطان ولا تزال تُستَخدَم إلى اليوم.


ومن جهة أخرى، اختيرت الخلايا الجذعية الناضجة BEL-A بشكل خاص من منتجات الدم المُتبرَّع بها بشكل طوعي وبهدف وحيد هو توليد خلايا دموية بشرية كهلة، إذا اجتازت منتجات الخلايا الدموية الحمراء التجارب السريرية فستثبت أنها ثورة حقيقة ومفيدة مثل خلايا لاكس.


صرّح ديف أنستي Dave Anstee مدير المعهد الوطني في المملكة المتحدة للبحث الصحي وحدة البحث الخاص بالدم والزرع في المنتجات الخلوية الحمراء والذي شارك في هذا البحث، في بيانٍ صحفي: "عمل الباحثون منذ سنوات على كيفية صنع خلايا دموية حمراء لتوفير بديل عن التبرع بالدم في معالجة المرضى. وأكثر من سيستفيد من ذلك هم ذوو الحالات المُعقَّدة والمُهدِّدة للحياة مثل داء الخلية المنجلية والثلاسيميا thalassemia والذين قد يحتاجون إلى عدة عمليات نقل دم مُماثِل بالزمرة".

 


وأضافَ: "ليس الهدفُ استبدال التبرع بالدم بل هو تأمينَ علاج مُخصَّص لمجموعات معينة من المرضى. ومن المحتمل أن يكون الاستخدام العلاجي الأول لمنتج الخلايا الحمراء المزروعة لمرضى ذوي زمر دموية نادرة لأنه من الصعب تأمين مصادر تبرع مناسبة وملائمة لهم من الخلايا الدموية الحمراء".


يجب أن تخضع الخلايا الدموية الحمراء الاصطناعية لتجارب سريرية عند البشر قبل أن نتأكد من أنها آمنة وفعّالة، وستبدأ تجارب السلامة الباكرة في نهاية هذا العام وإن تمت كما هو مُخطَّط لها سيجرب الباحثين منتجات خلايا BEL-A على المرضى بعدها بقليل.
وسنراقب هذا التطور عن قرب.


نُشِرَ البحث في المجلة الدورية Nature Communications.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات