استخدام نبضات ضوئية فائقة القصر للحصول على حواسيب عاملة بالأمواج الضوئية

أظهرت بلورات أشباه الموصلات استطاعة غير مسبوقة في تشكيل النبضات الليزرية فائقة القصر ultrashort laser pulses.

حقوق الصورة: فابيان لانجر Fabian Langer، جامعة ريجينسبورغ Regensburg


تلخيص: أثبتت إحدى الفرق العلمية أن الحواسيب المستقبلية يمكن أن تكون أسرع بحوالي مئة ألف مرة من الحواسيب الحالية، وذلك باستخدام أمواج ضوئية فائقة القصر يتم تشكيلها بوقت قصير جداً من مرتبة الفيمتو ثانية (عشرة للقوة سالب 15 من الثانية).

أثبتت إحدى الفرق العلمية أن الحواسيب المستقبلية يمكن أن تكون أسرع بمئة ألف مرة من الحواسيب التي نستخدمها حالياً، وذلك باستخدام أمواج ضوئية فائقة القصر يتم تشكيلها بوقت قصير جداً من مرتبة الفيمتو ثانية femtosecond (عشرة للقوة سالب 15 من الثانية).

وقد أظهر الباحثون في جامعة ميشيغان Michigan ومن ضمنهم مهندسون، قدرتهم على التحكم بقمة النبضات الكهربائية باستخدام نبضات ليزرية، بل وأيضاً قدرتهم على ثني الضوء.

تتحرك الإلكترونات في هذه التقنية بسرعة أكبر وكفاءة أعلى من التيار الكهربائي علاوةً على أمانها وتأثيراتها الموثوقة على الحالة الكمومية للإلكترونات، وقد وصف ماكيلو كيرا Mackillo Kira أحد المساهمين في البحث والبروفيسور في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسب في جامعة ميشيغان هذه التقنية بالقفزة المستقبلية باتجاه ما يسمى "إلكترونيات الموجة الضوئية lightwave electronics"، وأيضاً في مجال الحواسيب الكمومية في المستقبل القريب.

تتحرك الإلكترونات في الحواسيب على سبيل المثال ضمن أشباه الموصلات مصطدمةً بعضها ببعض لتطلق الطاقة على شكل حرارة، لكن مفهوم إلكترونيات الموجة الضوئية يقترح أن تُقاد الإلكترونات بواسطة نبضات ليزرية فائقة السرعة، فبينما أن حركة السيارة بسرعة كبيرة تجعلها أكثر عرضة للاصطدام، فإن الإلكترونات ذات السرعة العالية تستغرق زمن انتقال أقصر وبالتالي تصبح أقل عرضة للاصطدام بأي شيء.


يقول روبرت هوبر Rupert Huber البروفيسور في علم الفيزياء في جامعة ريجينسبورغ Regensburg والذي قاد التجارب: " في السنوات القليلة الماضية، اكتشفنا والفرق الأُخرى أن الحقل الكهربائي المهتز للنبضات الليزرية فائقة القصر يمكن أن يحرك إلكترونات الأجسام الصلبة ذهاباً وإياباً "، ويتابع قائلاً: " تحمّس الجميع على الفور لفكرة إمكانية استغلال هذه القوانين لبناء حواسيب مستقبلية أسرع من الحواسيب المعاصرة بـ 10 أو 100 ألف مرة وهذه سرعة لم يسبق لها مثيل ".

لكن يتوجب على الباحثين أولاً التحكم بالإلكترونات في أشباه الموصلات، وهذا ما سيعطينا دفعة إلى الأمام في هذا المجال، وذلك باستخدام إشعاعات بتردد من مرتبة التيرا هيرتز (\(10^{12}\)) لتحريك مجموعة من الإلكترونات داخل أشباه الموصلات. وهو جزء من الطيف الكهرومغناطيسي الواقع بين الأمواج الميكروية والأشعة تحت الحمراء.


وقد قام العلماء بعرض نبضات ليزرية غاية في القصر داخل بلورة شبه موصل من سيلينيد الجاليوم gallium selenide يقل زمنها عن 100 فيمتو ثانية. كل نبضة تحفز إلكتروناً واحداً للانتقال إلى مستوى طاقة أعلى مما يجعله حر الحركة ومن ثم تدفعه للحركة للأمام، وبما أن النبضات الليزرية تدفع بلورات أشباه الموصلات للدوران باتجاهات مختلفة، ستتحرك الإلكترونات ضمنها باتجاهات مختلفة أيضاً في هذه البلورات، فعلى سبيل المثال ستتمكن من الانتقال عبر الحواجز الذرية أو التحرك ضمنهم.

يقول فابيان لانجر Fabian Langer طالب دكتوراه في علوم الفيزياء في جامعة ريجينسبورغ: "يمكن تمثيل مشاهد الطاقة المختلفة على هيئة طريق مستقيم ومسطح تسير عليه الإلكترونات باتجاه واحد، ويمكن أن يبدو للبعض وكأنه منحرف قليلاً على جوانبه"، وأضاف: "هذا يعني أن الإلكترونات لن تتحرك باتجاه حقل الليزر، بل ستفرض عليها بيئتها المجهرية حركة خاصة".


وعند انتقال الإلكترونات إلى مستويات طاقة أدنى تنبعث منها الطاقة على شكل ضوء، الأمر الذي يؤثر بدوره على النبضات الليزرية، ويكون الضوء المنبعث أقصر بكثير من الاشعاعات الكهرومغناطيسية الداخلة، وتدوم هذا الدفقات الضوئية لوقت قصير لا يتجاوز الفيمتو ثانية. وهذه السرعة تكفي لأخذ لقطة للإلكترونات الأخرى المتحركة بين الذرات، كما يمكن استغلالها لقراءة وكتابة المعلومات، ولهذا مازال على العلماء أن يسيطروا على هذه النبضات، وهذه البلورات توفر لهم الكثير من الوسائل المساعدة.


يقول كيرا الذي عمل وفريقه على تفسير تجارب البروفيسور هورب في جامعة ماربورغ Marburg في ألمانيا: " يتخلل هذه النبضات تذبذبات سريعة تشبه الإشارات، ويمكننا التحكم بموقع هذه الإشارات بسهولة من خلال تغيير دوران البلورة". وتبعاً لجهة دوران البلورة بالنسبة للنبضات الليزرية، يمكن أن تثني الأمواج الضوئية الخارجة منها أو تتركها على حالها.

ومن المرجح استخدام هذه التقنية للحصول على بتات كمومية Qbits للعمل في الحواسيب الكمومية وذلك لأن هذه النبضات قصيرة جداً حيث باستطاعتها اعتراض الإلكترونات وإبقائها ضمن حالة طاقة وسطية بين الحالة المثارة والحالة السابقة لها.


يقول كيرا: "تمكنا من إطلاق إلكترون واحد عبر مساري تهيج في نفس الوقت، وهذا أمر مستحيل في الفيزياء الكلاسيكية، هذا هو عالم الكم حيث تحصل الأمور الغريبة".


يسلك الإلكترون سلوكاً موجياً بالإضافة لتصرفه كجسيم وذلك بسبب صغر حجمه، بالإضافة إلى تغير طوله الموجي عندما يكون في حالته المثارة، وبما أن الإلكترون قد كان في حالتين طاقيتين مثارتين في نفس اللحظة، فتتداخل هاتين الإشارتين مخلفتين أثراً على النبضة الضوئية الصادرة عن الإلكترون.


يقول كيرا: " يمكننا ترجمة هذه التأثيرات الكمية العبقرية على النبضات على أنها تذبذبات مهتزة جديدة في الترددات والاتجاهات يمكن التحكم بها"، ويضيف: "إنها القوانين الأساسية في الفيزياء، وباتباع نفس الأفكار يمكننا تحسين التفاعلات الكيميائية، أو إيجاد طرق جديدة لترتيب البيانات والمعلومات أو إرسالها بشكل آمن باتباع طرق التشفير الكمية".


كما يفرد البروفيسور هوبر اهتماماً كبيراً لكاميرات التصوير البطيء المخصصة لقياس التردد وذلك لكشف السر وراء أسرع العمليات الموجودة في الطبيعة كحركة الإلكترون حول النواة. يقول هوبر: "تشكل الأجسام الصلبة المتبلورة مصدراً مدهشاً للضوء في هذا المجال، مع احتمالات هائلة للتحكم بشكل تلك النبضات".

سيتم نشر ورقة بحثية بعنوان "التحكم المتناظر بالبنية المؤقتة لحومل الحقول عالية الانسجام الصادرة عن البلورات الضخمة"، في Nature Photonics. تم تمويل هذا البحث من قبل مجلس البحث الأوربي ومؤسسة البحوث الألمانية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات