ناسا تعيد تسمية مهمتها الشمسية تكريماً للفيزيائي الرائد يوجين باركر

أطلقت ناسا اسماً جديداً على المركبة الفضائية سولار بروب بلس Solar Probe Plus - وهي البعثة الأولى على الإطلاق المتجّهة نحو أحد النجوم، حيث ستنطلق عام 2018- ليصبح اسمها باركر سولار بروب  Parker Solar Probe وذلك تكريماً لعالم الفيزياء الفلكية يوجين باركر Eugene Parkerr، وقد صدر هذا التصريح في احتفاليةٍ في جامعة شيكاغو، حيث يخدم باركر بوصفه أستاذا فخريا في قسم الفيزياء الفلكية وعلم الفلك. 

في عام 1958 نشر باركر مقالاً في مجلة أستروفيزيكال جورنال Astrophysical Journal تحت عنوان" ديناميكا الغازات والحقول المغناطيسية بين الكوكبية"، وكان حينها أستاذاً شاباً في معهد إنريكو فيرمي التابع للجامعة. اعتقد باركر أنّ هناك موادّ تتحرك بسرعة كبيرة إضافةً إلى حقولٍ مغناطيسية منبعثةٍ من الشمس، وأنّ ذلك يؤثر على الكواكب والفضاء في كامل أنحاء نظامنا الشمسي.


وقد أُثبت وجود هذه الظاهرة التي نطلق عليها الآن اسم الرياح الشمسية solar wind مراراً وتكراراً عبر المشاهدات المباشرة، ويشكل عمل باركر الأساس لمعظم معرفتنا عن كيفية تفاعل النجوم مع العوالم الأخرى التي تدور حولها.

 

صورة توضيحية لمركبة باركر سولار بروب الفضائية وهي تقترب من الشمس) Credits: Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory
صورة توضيحية لمركبة باركر سولار بروب الفضائية وهي تقترب من الشمس) Credits: Johns Hopkins University Applied Physics Laboratory


يقول توماس زوربوتشن Thomas Zurbuchen، المدير المساعد لمديرية المهمات العلمية التابعة لناسا في واشنطن:" إنها المرة الأولى التي تطلق فيها ناسا اسم شخصٍ حيٍ على مركبة فضائية، ويعد ذلك دليلاً على أهمية عمله الذي وضع الأساس لمجالٍ علميٍ جديد والذي ألهمني شخصياً في بحثي الخاص إضافة إلى العديد من التساؤلات العلمية الهامة التي تتابع ناسا دراستها وتزيد فهمنا لها يوماً بعد يوم. إنني في غاية السعادة لمشاركتي شخصياً في تكريم رجلٍ عظيمٍ ذي إرثٍ لم يسبق له مثيل."


ويقول باركر: " ستنطلق سولار بروب نحو منطقة من الفضاء لم يتم استكشافها من قبل، إنه لمن المثير جداً أن نتمكن في النهاية من إلقاء نظرة على تلك المنطقة. قد يرغب المرء بالمزيد من القياسات المفصلة عما يجري في الرياح الشمسية، وأنا متأكد من وجود بعض المفاجآت، فدائماً هناك مفاجآت".


في خمسينيات القرن الماضي، طرح باركر مجموعةً من المفاهيم حول كيفية إطلاق النجوم- بما في ذلك شمسنا- للطاقة. ودعا هذه السلسلة من الطاقة بالرياح الشمسية، كما وصف أنظمةً معقدةً كاملةً من البلازما والحقول المغناطيسية والجسيمات المفعمة بالطاقة التي تؤلف بمجملها هذه الظاهرة. كما وضع باركر تفسيراً نظرياً للغلاف الجوي الشمسي فائق التسخين أو الهالة corona والتي هي -خلافاً لما توقعته قوانين الفيزياء- أشد حرارةً من سطح الشمس نفسه.

 

بداخل الدائرة باركر سولار بروب، بعثة تمس الشمس، أول بعثات ناسا للمضي نحو الشمس، هي بعثة باركر سولار برزب، وهي سميت بذلك تيمنا بيوجين باركروهو أول من قدم نظرية قائلة بأن الشمس تصدر باستمرار تدفقاً من الجسيمات والطاقة يدعى الرياح الشمسية) Credits: NASA/APL
بداخل الدائرة باركر سولار بروب، بعثة تمس الشمس، أول بعثات ناسا للمضي نحو الشمس، هي بعثة باركر سولار برزب، وهي سميت بذلك تيمنا بيوجين باركروهو أول من قدم نظرية قائلة بأن الشمس تصدر باستمرار تدفقاً من الجسيمات والطاقة يدعى الرياح الشمسية) Credits: NASA/APL

 

استمرت عدة بعثات لناسا في التركيز على تلك البيئة الفضائية المعقدة التي تحيط شمسنا، ويُدعى هذا المجال البحثي باسم الفيزياء الشمسية heliophysics


تقول نيكولا فوكس Nicola Fox، العالمة في مشروع باركر سولار بروب من مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جون هوبكنز: "سيجيب باركر سولار بروب عن تساؤلات في الفيزياء الشمسية أوقعتنا في حيرة لما يزيد عن الستة عقود، إنها مركبة فضائيةٌ مزودة بأجهزةٍ متطورةٍ ستحل العديد من أكبر الألغاز التي تتعلق بنجمنا، بما في ذلك اكتشاف سبب كون الهالة الشمسية أكثر سخونةً بكثير من سطح الشمس نفسه. ونحن فخورون لتمكننا من حمل اسم يوجين في رحلتنا الاستكشافية المذهلة هذه."


في معظم الأحيان، تعيد ناسا تسمية بعثاتها بعد إطلاقها والحصول على التراخيص؛ ولكن في هذه الحالة، ونظرا لإنجازات باركر في هذا المجال، وبسبب توافق هذه المهمة مع أبحاثه، فقد اتُخذ القرار بتكريمه قبل الإطلاق، وذلك للفت الانتباه لمساهمته الهامة في الفيزياء الشمسية وعلوم الفضاء.


وُلد يوجين نيومان باركر في العاشر من حزيران/يونيو عام 1927 في ولاية ميتشيغان، وحاز على شهادة البكالوريوس في الفيزياء من جامعة ولاية ميتشيغان، ثم حصل على الدكتوراه من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا. وبعد ذلك، عمل أستاذا في جامعة يوتا، ومنذ العام 1955 شغل باركر عدة مناصب في هيئة التدريس في جامعة شيكاغو ومعهد فيرمي التابع لها. كما تلقى مكافآت كثيرةً لقاء بحثه، نذكر منها جائزة جورج إليري هيل، و الميدالية الوطنية للعلوم، وميدالية بروس، وميدالية الجمعية الفلكية الملكية الذهبية، وجائزة كيوتو وجائزة جيمس كلارك ماكسويل.


يمضي باركر سولار بروب في طريقه نحو نافذة الإطلاق البالغة عشرين يوماً بدءً من 31 تموز/يوليو 2018. وتعدّ هذه المهمة جزءًا من برنامج Living With a Star التابع لناسا والهادف لاستكشاف مظاهر نظام الشمس والأرض الذي يؤثر مباشرةً على الحياة والمجتمع هنا على الأرض.

 

يدير مركز غودارد للطيران الفضائي التابع لوكالة ناسا في غرينبيلت، ميريلاند البرنامجَ لصالح مديرية المهمات العلمية التابعة لناسا في العاصمة واشنطن، ويدير مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جون هوبكينز المهمة لصالح ناسا، كما أنه يقوم بتصميم وبناء المركبة الفضائية وسيتولى تشغيلها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات