يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
عملية قياسٍ واحدة قد تتنبأ بانهيار نظامٍ بيئيٍ برمته!

انهيار النظام البيئي وتداعيه من الممكن أن يكون مدمِّرًا للعديد من الصناعات ومهددًا للعديد من مصادر الغذاء، فقط فكِّر في انهيار النظام البيئي لأسماك القد في المحيط الأطلنطي في أوائل التسعينات، أو تفشي الحشرات التي دمرت غابات الصنوبر والتنوب الشمالية في السبعينات، ولكن هذه الدراسة قد تأتي بطريقة للتنبؤ وربما حماية النظام البيئي من الانهيار وفقدان الأنواع التي تدعم هذا النظام، وذلك عن طريق عملية قياس واحدة.

لسنواتٍ كان العلماء دارسو البحيرات والأنظمة البيئية الأخرى يتنبؤون بانهيار الأنظمة البيئية قبل حدوثها باستخدام بيانات عن العوامل البيئية وصحة سكان هذا النظام البيئي والتي يتم تجميعها على مدى طويل، ولكن العلماء يريدون إشارات تحذيرية لا تتطلب سنوات من المراقبة والملاحظة المُكلفة.

 

ففي العام 2013 قام الفيزيائي جيف جور "Jeff Gore" من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالتقدم خطوة في هذا المجال عن طريق التنبؤ بموعد موت مستعمرات الخميرة تحت تأثير الضغط بسبب ضعف الكثافة السكانية للمستعمرات. حيثُ كلما طالت المسافة بين المستعمرات السليمة والمستعمرات غير السليمة كلما زادت احتمالات انهيار النظام البيئي لهذه المستعمرات، وقد سمّى جور وزملاءه هذا القياس بطول التعافي.

وللتحقق من فعالية طريقة القياس تلك على أرض الواقع تعاون جور مع ليساندرو بينيديتي-سيشي "Lisandro Benedetti-Cecchi" عالم البيئة في جامعة بيسا بإيطاليا لدراسة الطحالب على امتداد شاطئ الجزيرة الإيطالية الصغيرة كابرايا. حيث أقاموا مقاطع للدراسة بطول مترين تحتوي كل منها على مناطق متجاورة لنوعين من الطحالب: الطحالب البنية المخضرة من نوع سيستوزيرا أمانتسيا التي تدعم نظام الغابات الصغيرة البيئي، والطحالب العشبية التي تغذي تنوعًا بيولوجيًّا أقل بكثير.

 

قام الباحثون بإزالة نسب مختلفة من طحالب سيستوزيرا أمانتسيا من كل قطاع دراسة بلغت 0%، و25%، و50%، و75%. ولاحظوا أنه كلما ازدادت نسبة الإزالة كلما ازداد غزو الطحالب العشبية. ثم حدّد الباحثون طول التعافي لكل قطاع دراسة عن طريق قياس مدى انتشار الطحالب العشبية، وبعد مرور سنتين على القطاعات التي فقدت 75% من طحالب السيستوزيرا أمانتسيا، انقلب النظام البيئي وتحول إلى طحالب عشبية بشكل كامل ولم تنمو طحالب السيستوزيرا أمانتسيا مجددًا، مُظهرًا أنَّ طول التعافي يمكن أن يتنبَّأ بانهيار النظام البيئي، وهذا ما دوَّنه الباحثون في مجلة Nature Ecology & Evolution.

يقول جور وبينيديتي أن طول التعافي يمكنه أن يشير إلى التحولات الوشيكة في الأنظمة البيئية المهمة الأخرى. يحلم جور باختبار هذه الفرضية على مصائد الأسماك حيث تتاخم مناطق المحميات السمكية لمناطق يتم فيها الصيد بكثافة، وإذا نجحت هذه الطريقة يأمل أن يستخدمها مُديري المصائد لتحديد حد الصيد لتجنب الانهيار.

 

كذلك فإن عالم البيئة في جامعة ويسكونسن في ماديسون ستيفن كاربنتر "Stephen Carpenter" متحمس لهذه الطريقة وإمكانية استخدامها لإعطاء إشارة سريعة على حدوث انهيارات وشيكة للنظام البيئي، وقد نتمكَّن مثلًا من استخدام صور الأقمار الصناعية للتنبؤ فيما إذا كانت المراعي في غرب الولايات المتحدة والأماكن الأخرى على وشك الانهيار نتيجة انتشار الأعشاب الضارة أو التصحر.

ولكن يحذِّر الباحثون أنه ليس من السهل أو الممكن قياس طول التعافي في جميع الأنظمة البيئية حيث يشكك كاربنتر في فائدته مثلًا إذا ما طبّقه على البحيرات التي درسها حيث أن المياه ذات الجودات المختلفة تميل للاختلاط بشكل سريع.

سيظل اختبار هذه النظريات خارج المخبر خطوة قيمة حيث يقول مارتن شيفر "Marten Scheffer" عالم البيئة في جامعة فاغننغن بهولندا: "إنه من الجيد أن نرى هذا العمل على أرض الواقع".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات