يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
تطوير تقنية جديدة لتصوير العيوب في المواد

أمبر داغل Amber Dagel باحثةٌ في مختبرات سانديا الوطنية Sandia National Laboratories تضع عينة معايرة في آلة تصوير الأطوار المختلفة بالأشعة السينية الخاصة بالمختبر. تُعدّ داغل الباحثة الرئيسة لأبحاث المختبر في تصوير الأطوار المختلفة بالأشعة السينية لدراسة المواد منخفضة الكثافة.


المصدر: Sandia National Laboratories/Randy Montoya

 

من الصعب الحصول على صورة أشعةٍ للمواد منخفضة الكثافة كالنُسج بين العظام لأن الأشعة السينية تعبر الجسم كما يعبر ضوء الشمس عَبر نافذةٍ زجاجيةٍ، لكن ماذا لو أردنا رؤية منطقةٍ لا تحتوي على العظام؟


تقوم مختبرات سانديا الوطنية بدراسة عددٍ هائلٍ من المواد منخفضة الكثافة كطبقات الصفائح في أجنحة الطائرة والمواد الرغوية (foams) ومواد الإيبوكسي (epoxies) التي تُستعمَل لسدّ الفراغات، لذا قامت سانديا باستعارة واشتقاق تقنيةٍ يدرّسها الحقل الطبي (تصوير الأطوار المختلفة بالأشعة السينية) (X-ray phase contrast imaging) للنظر داخل الأجزاء الناعمة من الأشياء دون فصلها عن بعضها.

يجب أن تقدر سانديا على تحديد العيوب قبل التسبّب بفشلٍ عظيم العواقب لأن المواد لا تظهر جيدًا في حالة وجود الفراغات والشقوق أو في حال انفصالها عن السطوح المجاورة، ومثالًا عن ذلك لا يمكن للأشعة السينية الطبيعية الكشف عن عيبٍ يُدعى غرافويل (grafoil) (أي تَشكُّل حبيباتٍ ضمن الصفائح) في الطبقات لجناح الطائرة دون نزع الشبكة النحاسية الواقية التي تمتص الطاقة في حال إصابة الطائرة بالبرق، ولا يمكنها الكشف عن المواد الرغوية بالغة الأهمية والمواد الأخرى الواقية من الصدمات وانهيارات التوتر العالي والإجهادات الحرارية في مكونات الأسلحة النووية.


وعلى عكس الأشعة السينية التقليدية، لا يقيس جهاز تصوير الأطوار المتباينة بالأشعة السينية عدد فوتونات الأشعة السينية العابرة للعينة فقط، بل أيضًا مراحل الأشعة بعد مرورها عبرها، مقدمةً رؤيةً متكاملةً للأسطح الموجودة داخل عينةٍ معينةٍ.

تقول الباحثة الرئيسة أمبر داغل التي درست (الأنظمة الدقيقة ذات الأساس الفيزيائي): "قد تصبح إشارة هذه المرحلة أكبر بألف مرّةٍ من إشارة الامتصاص في المواد الأقل كثافةً كالبلاستيك والمواد الرغوية والبوليمر ومغلفاتٍ أخرى"، ويمكن استخدام تصوير الأطوار المتباينة بالأشعة السينية للتحرّي عن التغليف المُصنَّع بدقةٍ والدارات الكهربائية المُدمجة أو المكونات الكهروميكانيكية الدقيقة، وأيضًا لدراسة الخزفيات ومواد البوليمر والمواد الكيميائية أو المتفجرات، واستطاعت سانديا تحقيق تصوير الأطوار المختلفة بالأشعة السينية دون الحاجة لمسرِّع إلكترونات تزامنيّ أو ما يُعرف باسم السينكنترون (synchrotron) وهو عبارةٌ عن قطعةٍ باهظة الثمن بحجم ملعب كرة القدم.

 


بحاجة تقنياتٍ أكثر حساسيةً


التقنيات الأخرى الحديثة ليست حساسةً بشكلٍ كافٍ للتمييز بين المواد، تقول داغل: "لديك مادةٌ كثيفةٌ ممزوجةٌ بمادةٍ أخرى منخفضة الكثافة، والأشعة التقليدية لا تستطيع تمييز المادة قليلة الكثافة، لذا لا نستطيع معرفة ما إذا كانت الفراغات مملوءةً بمادةٍ منخفضة الكثافة أو بالهواء". خذ برتقالةً، وكان لدى داغل واحدةٌ في مكتبها، مدركةً أنها قليلة الكثافة، حيث قامت هي وزملاؤها بتصويرها لتشرح طريقة عمل نظامها.

 

يوضع جهاز تصوير الأطوار المختلفة بالأشعة السينية الخاص بمختبرات سانديا الوطنية على طاولة الاختبار، ويوجد حاجزٌ شبكيٌ أمام أنبوب الأشعة السينية على اليمين مشكلًا صفوفًا منتظمةً من الأشعة التي تعبر إلى العينة الموجودة في الحلقة. وخلف العينة يوجد الحاجز الشبكي المحلّل والكاشف. Credit: Sandia National Laboratories
يوضع جهاز تصوير الأطوار المختلفة بالأشعة السينية الخاص بمختبرات سانديا الوطنية على طاولة الاختبار، ويوجد حاجزٌ شبكيٌ أمام أنبوب الأشعة السينية على اليمين مشكلًا صفوفًا منتظمةً من الأشعة التي تعبر إلى العينة الموجودة في الحلقة. وخلف العينة يوجد الحاجز الشبكي المحلّل والكاشف. Credit: Sandia National Laboratories

 

ووضّح الفريق كيف سيبدو المطياف الكتليّ للنموذج المعياريّ في عدّة نماذجٍ للتضخّم، كما أنّهم وضّحوا كيف أنّ هذا المطياف الكتليّ مطبوعٌ في الشكل الهيكليّ للنطاق العام للكون. وتمهّد هذه الدراسة الطريق أمام اكتشاف فيزياء جديدةٍ.

ويكمل يي وانج: "إنّ الرصد المتواصل للإشعاع الخلفيّ الكونيّ بالإضافة إلى الهيكليّة العامّة قد حقّقا لنا دقّةً مذهلةً في معلوماتٍ قد تساعدنا في استنباط كيفيّة استخراج تشكيل الهياكل الأوّليّة المجهريّة، فأيّ رصدٍ في هذا المصادم الكونيّ لإشارةٍ تختلف عن طبيعة الجسيمات في النموذج المعياريّ ستُعتبَر إشارة لفيزياء جديدةٍ".

يُعدّ هذا البحث خطوةً صغيرةً باتجاه حقبةٍ مثيرةٍ ستُظهر لنا الدقّة الكونيّة فيها طاقتها الكاملة.

ويضيف شيانيو: "أمّا إذا حالفنا الحظّ بشكلٍ كافٍ لنرصد هذه البصمات فلن نتمكّن من دراسة فيزياء الجسيمات والمبادئ الأساسيّة للكون البدائيّ وحسب، بل سنتمكّن من فهم التضخّم الكونيّ بشكلٍ أفضل، ويبقى أمامنا كونٌ برمّته من الأسرار لنستكشفه بهذا الخصوص".

تفاصيل هذا البحث متاحةٌ في ورقةٍ علميّةٍ نُشرت في مجلّة Physical Review Letters في 29 حزيران/يونيو 2017. كما تتوافر نسخة ما قبل الطباعة على شبكة الإنترنت.

مركز هارفارد- سميثسونيان للفيزياء الفلكيّة، الموجود في مدينة كامبريدج بولاية ماساتشوسيتس، هو عملٌ مشترك بين مرصد سميثسونيان للفيزياء الفلكيّة ومرصد كلّيّة هارفارد. ويدرس علماء المركز، الموزّعون على ستة أقسامٍ للبحوث، أصل الكون وتطوّره ومصيره النهائيّ.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات