مصيدة عالية الطاقة في مركز مجرتنا

وفقاً لما جاء في التحليل الجديد لنظام الرصد المجسم عالي الطاقة (H.E.S.S.) ومرصد فيرمي الفضائي لأشعة غاما التابع لوكالة الفضاء الدولية ناسا، فإن مركز مجرة درب التبانة يحتوي على مصيدة تضم تجمعات من أشعة كونية عالية الطاقة.

 

إن الأشعة الكونية Cosmic rays عبارة عن جزيئات عالية الطاقة تتحرك في الفضاء بسرعة الضوء، تشكل البروتونات 90% منها تقريباً والبقية عبارة عن إلكترونات ونوى ذرات متنوعة، وتتأثر هذه الجزيئات المشحونة كهربائياً في رحلتها عبر مجرتنا بالحقول المغناطيسية، والتي بدورها تؤثر على مساراتها، الأمر الذي يجعل معرفة مصدر نشوئها أمراً مستحيلاً، إلا أنه يمكن لعلماء الفيزياء الفلكية معرفة الكثير عن هذه الأشعة الكونية عندما تتفاعل مع المادة مسببةً انبعاث أشعة غاما، والتي هي أعلى أنواع الضوء طاقةً.
 
 
ومن الجدير بالذكر أنه في عام 2016، أعلن الباحثون بعد استعانتهم بنظام الرصد المجسم عالي الطاقة H.E.S.S.، أن هناك أشعة غاما تُثبت النشاطَ العالي في منطقةٍ صغيرة تحيط بالرامي أ∗ (الثقب الأسود العملاق في مركز مجرتنا).
 
أنتجَ هذه الصورةَ المركّبةَ مرقابُ سبيتزر الفضائي التابع لناسا ومرصد تشاندرا الفلكي وتلسكوب هابل التابع لكل من وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية. توضح الصورة المنطقة المركزية في مجرتنا درب التبانة، لاحظ أن مركز المجرة موجود ضمن المنطقة الناصعة البياض إلى اليمين وإلى أسفل منتصف الصورة. حقوق الصورة: NASA / JPL-Caltech / ESA / CXC / STScI.
أنتجَ هذه الصورةَ المركّبةَ مرقابُ سبيتزر الفضائي التابع لناسا ومرصد تشاندرا الفلكي وتلسكوب هابل التابع لكل من وكالة ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية. توضح الصورة المنطقة المركزية في مجرتنا درب التبانة، لاحظ أن مركز المجرة موجود ضمن المنطقة الناصعة البياض إلى اليمين وإلى أسفل منتصف الصورة. حقوق الصورة: NASA / JPL-Caltech / ESA / CXC / STScI.
 
إذ استطاعوا العثور على توهج منتشر لأشعة غاما بطاقة تصل إلى حوالي 50 مليار إلكترون فولت، أي أكثر بحوالي 50 مرة من طاقة أشعة غاما التي رصدها مرصد فيرمي الفضائي لأشعة غاما (LAT)، ولتسليط الضوء على ما تعنيه هذه الأرقام، فإن طاقة الضوء المرئي تتراوح ما بين 2 إلى 3 إلكترون فولت.
 
في التحليل الجديد قام الفريق الدولي بقيادة الباحث من جامعة أمستردام الدكتور غاجيرو Gaggero بدمج بيانات منخفضة الطاقة من مرصد فيرمي مع بيانات عالية الطاقة مأخوذة من نظام الرصد المجسم عالي الطاقة، وكانت النتيجة طيفاً مستمراً من أشعة غاما يصف إصدار المركز المجري عبر مدى ألف ضعف من الطاقة.
 
ويقول الدكتور غاجيرو في هذا الصدد: "تشير النتائج إلى أن غالبية الأشعة الكونية في الجزء الداخلي من مجرتنا -وخصوصاً ذات الطاقة العالية منها- نشأت في مناطق عالية الطاقة تقع خلف المركز المجري، ومن ثم تحركت ببطء نتيجة تفاعلها مع السّحب الغازية"، ويكمل قائلاً: "تُنتِج هذه التفاعلات مقداراً كبيراً من أشعة غاما المنتشرة، والتي رصدها مقرابا فيرمي ونظام الرصد المجسم عالي الطاقة".
 
ويقول المنفذ المساعد في الدراسة الدكتور ماركو تاوسو Marco Taoso من معهد الفيزياء النظرية في مدريد والمعهد الوطني الإيطالي للفيزياء النووية(INFN): "عندما قمنا بعزل مصادر النقاط المضيئة وجدنا توافقاً جيداً بين بيانات فيرمي ونظام الرصد المجسم العالي، الأمر الذي كان مفاجئاً بسبب اختلاف نوافذ الطاقة وتقنيات الرصد المستخدمة". 
 
ويضيف: "يشير هذا التطابق إلى أن غالبية الأشعة الكونية (أي البروتونات الموجودة في بقية أجزاء المجرة)، مسؤولة عن أشعة غاما التي لُوحظت من مركز المجرة".
 
ويتابع تاوسو: "بيد أن أعلاها طاقة أي تلك التي تصل إلى 1000 TeV تتحرك في المنطقة بصورة أقل كفاءة من حركتها في أي مكان آخر في المجرة، وبحسب ما رصده نظام الرصد المجسم عالي الطاقة فإن وهج أشعة غاما يمتد لمستويات عالية من الطاقة".
 
ويقول المنفذ المساعد الدكتور ألفريدو أوربانو Alfredo Urbano من المنظمة الأوربية للأبحاث النووية (سيرن) والمعهد الإيطالي للفيزياء النووية: "تقضي معظم الأشعة الكونية عالية الطاقة وقتاً في الجزء المركزي من المجرة أكثر من المعتقد سابقاً، وبهذا فهي تترك أثراً أكبر على أشعة غاما". ولكن يُظهر الباحثون أن هذا المحاكاة المتضمنة هذا التغيير تعطي توافقاً أفضل من بيانات فيرمي.
 
أما المنفذ المساعد الدكتور انتونيو مارينيللي Antonio Marinelli من المعهد الوطني للفيزياء النووية INFN Pisa فيقول: "إن التصادم الجزيئي المسؤول عن إنتاج أشعة غاما يكون هو نفسه مسؤولاً عن إنتاج النيوترونات التي تُعرف بكونها أسرع الجسيمات وأخفها وزناً وأكثرها تعقيداً". ويتابع: "تسافر النيوترونات مباشرة إلينا من مصادرها وذلك لأنها تتفاعل بالكاد مع المادة الأخرى. ولأنها لا تحمل شحنة كهربائية فإن الحقول المغناطيسية لا يمكنها التحكم بها".
 
نُشرت النتائج في النسخة الإلكترونية من مجلة Physical Review Letters.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات