نجم زومبي (حي ميت) يحير علماء الفلك!

عادةً ما يموت النجم عندما يصل إلى مراحله التطوّرية الأخيرة في المستعر الأعظم Supernova، ولكن من الممكن أن يغيّر اكتشافٌ جديدٌ نظرتنا لموت النجوم، فقد اكتشف علماء الفلك نجمًا وصل لمرحلة المستعر الأعظم وتمكّن من عبور هذه المرحلة، ثم بعد ستين عاماً، انفجر مرة أخرى! وليس من المفترض حدوث ذلك.

يُدعى النجم (iPTF14hls)، وقد اكتُشف المستعر الأعظم في عام 2014، وظهر في بداية الأمر مثل أي مستعر أعظم آخر في السماء وصُنّف من الفئة (II-P). وفي المستعرات العظمى من هذا النوع، تنهار نواة النجم الضخم لتُشكّل نجمًا نيوترونيًا مرسلةً بذلك صدمة موجية عبر الغلاف الخارجي الغني بالهيدروجين ليُلفَظ إلى الفضاء. حيث يتأين، ثم يبرد ويتجمع بعدها، وكانت السِمات الطيفية للمستعر الأعظم (iPTF14hls) مطابقةً لتلك التي من نوع المستعر الأعظم (II-P)، لكن بعد عدة أشهر لاحقة، فعل شيئًا لا تفعله المستعرات العظمى عادةً، لقد سطع مرة أخرى!

وبعد أكثر من 600 يوم من المراقبة، خفت وسطع عدة مرات (خمس مرات على الأقل على مدى أقل من ثلاث سنوات). وعادةً تصل المستعرات العظمى إلى ذروة السطوع Peak Brightness، وتُضيء لبضعة أشهر، ثم تخفت بشكل ثابت.
 

 
مقتبسة من أركافي وزملاء. 2017. مجلة نيتشر Nature حقوق الصورة: LCO/S. Wilkinson
مقتبسة من أركافي وزملاء. 2017. مجلة نيتشر Nature حقوق الصورة: LCO/S. Wilkinson
 
وعندما عاد العلماء من مرصد لاس كومبرس Las Cumbres Observatory واختصاراً LCO وفحصوا البيانات الأرشيفية، وجدوا شيئًا مذهلًا، انفجارٌ في نفس الموقع في عام 1954!
 
وقال الباحث الرئيسي ايير أركافي Iair Arcavi من جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا University of California Santa Barbara ومرصد لاس كومبريس: "خالف هذا المستعر الأعظم كل شيء كنا نظن أننا نعرفه عن طبيعتهم". وأضاف: "إنه أكبر لغز واجهته فيما يقرب من عقد من الزمن من دراسة الانفجارات النجمية".
 
وفي ورقة نُشرت في مجلة نيتشر Nature، حسب الباحثون أنّ النجم الأصلي iPTF14hls كان كبيراً -على الأقل أكثر ضخامة بمقدار 50 مرة من الشمس- وربما أكبر بكثير من ذلك. وفي الواقع، قال الباحث لارس بيلدستن Lars Bildsten، مدير معهد كافلي للفيزياء النظرية Kavli Institute for Theoretical Physics في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا: "قد يكون المستعر الأعظم iPTF14hls أكبر انفجار نجمي على الإطلاق". 
 
ويعتقد الباحثون أنّ التفسير المحتمل للنجم iPTF14hls هو أنه مستعر أعظم مزدوج متقلقل نابض Pulsational Pair-Instability Supernova- الذي يجعله أول حدث من هذا النوع يُرصد من أي وقت مضى. ويبدو أنّ هذا الحدث هو مستعر أعظم ولكنه لا يُدمر نجمه المضيف، حيث عادةً ما يحدث ذلك في النجوم ذات 95 إلى 130 كتلة شمسية تقريبًا، وخلال هذه الانفجارات، يُفجّر النجم طبقته الخارجية، متقلصًا ما بين 10 و25 كتلة شمسية، ليصل وزنه إلى أقل من 100. ويمكن لهذه الأحداث أن تتكرر حتى ينهار النجم في النهاية مُتحولًا إلى ثقب أسود. ولقد افتُرض، أنّ ثورة عام 1843 من إيتا كاريناي آي Eta Carinae A كانت مستعراً أعظمَ مزدوجاً، متقلقل نابض ولكن لم يؤكد ذلك.
 
وقال الباحث أندي هاول Andy Howell، وهو عضو هيئة تدريس مساعد في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا الذي يقود مجموعة المستعر الأعظم في مرصد LCO: "من المتوقع أن يُنظر إلى هذه الانفجارات فقط في الكون المُبكر ويجب أن تكون منقرضة اليوم". وأضاف: "إنّه كالعثور على ديناصور لا يزال على قيد الحياة اليوم، فإذا وجدت واحداً، سوف تسأل ما إذا كان ديناصورا حقاً".
 
ولكن هناك مشكلة مع هذه الفرضية. إذ لا يُفسّر نموذج المستعر الأعظم المزدوج المتقلقل النابض استمرارية وجود الهيدروجين، فبعد انفجار عام 1954، احتفظ المستعر الأعظم iPTF14hls بالهيدروجين في غلافه والمُقدّر بعشرات الكتل الشمسية. وبالإضافة إلى ذلك، فقد استخدم أحدثُ انفجارٍ للنجم طاقةً أكثر مما يُقدّر لمستعر أعظم مزدوج متقلقل نابض. وهو ما يعني إما أنّ المستعر الأعظم iPTF14hls هو حقاً مستعر أعظم مزدوج متقلقل نابض غريب جدًا أو أنّه شيء جديد بالكامل. ويواصل الفريق رصد المستعر الأعظم على أمل أن يتبيّن الجواب مع مرور الوقت.
 
ويقول الباحث بيتر نوجنت Peter Nugent من مختبر لورنس بيركلي الوطني Lawrence Berkeley National Laboratory: "هذا حدث من النوع الذي يُحيّر الفكر. في البداية، كنا نظن أنها طبيعية تمامًا ومملة، ثم ظلت بعدها مضيئة باستمرار، دون أن تتغير، لشهر بعد شهر. بتجميع كل الأشياء معًا، من عمليات الرصد الخاصة بنا في مصنع بالومار العابر Palomar Transient Factory، مرصد كيك Keck Observatory، والتلسكوب الكبير لمرصد لاس كومبريس LCOGT، حتى الصور من عام 1954 في مسح بالومار للسماء Palomar Sky Survey، قد بدأ بتسليط الضوء على ما يمكن أن يكون هذا. أود حقا أن أجد واحداً آخر مثل هذا".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات