آثار أقدام مثيرة للجدل تقترح أننا تطورنا في أوروبا بدلًا من إفريقيا!

اكتُشِفت مجموعةٌ من آثار أقدامٍ قديمةٍ عمرها 5.7 مليون سنةٍ على جزيرةٍ يونانيةٍ. ولكن يبدو أنها تعود لأحد أسلافنا أشباه البشر hominins.

في ذلك الوقت، يُعتقد أن أشباه البشر قد عاشوا في أفريقيا حصرًا. يؤيد هذا الاكتشاف الاقتراح المثير للجدل الذي ينص على أنًهم ربما كانوا يعيشون في أوروبا الشرقية أيضًا.
 
لا تزال المراحل الأولى من تطور أشباه البشر غامضةً. انفصلت سلالتنا عن الشمبانزي، أقرب أقربائنا الأحياء، قبل 7 - 13 مليون سنةٍ. اكتُشِفت أقدم حفريات أشباه البشر غير المشكوك فيها في شرق أفريقيا، ويصل عمرها إلى نحو 4 ملايين سنةٍ، ولكن هناك عددٌ قليلٌ من الأحافير القديمة التي قد يصل عمرها إلى 6 - 7 ملايين سنةٍ. وتشمل هذه أحفورة أورورين توجنسيس Orrorin tugenensis في كينيا، وإنسان ساحل التشادي Sahelanthropus في تشاد، اللتين يفصل بين مكاني اكتشافهما 2500 كيلومترٍ تقريبًا.
 
اكتشف جيرارد جيرلينسكي Gerard Gierliński، من معهد البحوث البولندي في وارسو، آثار الأقدام القديمة على بعد 2500 كيلومترٍ من تشاد (هذه المرة في الشمال الشرقي، في جزيرة تراكيلوس الصغيرة بالقرب من جزيرة كريت). تعاون جيرلنسكي مع زملائه، بما في ذلك بير ألبرغ Per Ahlberg في جامعة أوبسالا في السويد لتحليل الآثار. ووجد الفريق أنهم يستطيعون التعرّف على مجموعتين مختلفتين من آثار الأقدام، التي تعود على ما يبدو إلى حيوانٍ مشى منتصبًا على قدميه.

 

هل تعود آثار الأقدام هذه لأحد أسلافنا؟ حقوق الصورة Andrzej Boczarowski
هل تعود آثار الأقدام هذه لأحد أسلافنا؟ حقوق الصورة Andrzej Boczarowski
 
نزهة مشي خارجًا!
يشير شكل الآثار إلى وجود تشابهٍ بينها وبين أقدام أشباه البشر. ومن الواضح أنها تُركت من قبل حيوانٍ يسير على باطن قدميه، كما يفعل أشباه البشر، بدلًا من السير على أصابع الأقدام. وتظهر الآثار أنّ من تركها يمتلك خمسة أصابع أقدام، مع إصبع قدمٍ كبيرٍ متطورٍ بشكلٍ جيّدٍ وهي ميزةٌ أخرى لأشباه البشر. وليس هناك أيّ دليلٍ على وجود علامات مخالب، بما يتفق مع حقيقة أن أشباه البشر يمتلكون أظافرَ بدلًا من المخالب.
 
ولكن من المستغرب أنّ الأدلة الأحفورية والجيولوجية تشير إلى أنّ عمر آثار الأقدام يبلغ 5.7 مليون سنةٍ، وهذا يعني أنها تسبق الفترة التي يُعتقد فيها أنّ أشباه البشر قد غادروا أفريقيا بنحو 4 ملايين سنةٍ. يقول روبن كرومبتون Robin Crompton من جامعة ليفربول في المملكة المتحدة، والذي لم يشارك في الدراسة، ولكنه حلّل آثار أقدام أخرى لأشباه بشرٍ: "إنها بلا شكٍّ آثار أقدامٍ لحيوانٍ يسير على قدمين". مع ذلك، يبقى نوع الحيوان غير واضحٍ تمامًا.
 
أقدامٌ غامضةٌ!

تعود أقدم أحافير الأقدام المكتشفة لأشباه البشر إلى صنف أرديبيتكوس راميدوس Ardipithecus ramidus، حيث يبلغ عمر الأحفورة المكشفة 4.4 مليون عامٍ. لكن الأرديبيتكوس امتلك إصبع قدمٍ كبيرٍ مقابلٍ opposable (قادرٍ على لمس الأصابع الأخرى)، الذي كان من شأنه أن يترك نمطًا مميزًا في آثار الأقدام. يبدو أنّ من خلّف الآثار على جزيرة تراكيلوس قد امتلك خمسة أصابع قدمٍ متوازية.

يقول أهلبرغ: "هناك شيءٌ مضحكٌ قليلًا عن إصبع القدم الكبير. فشكله ووضعيته مشابهان جدًّا لإصبع قدم الإنسان الحديث، ولكن يبدو أنه أكثر قدرةً على الحركة"، كما هو الحال مع الإبهام المقابل للشمبانزي.

يقول ديفيد بيغن David Begun من جامعة تورنتو، كندا، متسائلًا حول هذه النقطة: "من الممكن نظريًا أن يستخدم أرديبيتكوس عضلاته للضغط على إصبع القدم الكبير بما يتماشى مع بقية قدمه موفرًا بصمة قدمٍ أكثر حداثةً". يقترح التفسير البديل أنّ آثار الأقدام لا علاقة لها بأشباه البشر، بل تعود إلى قردٍ ape تطوّر للسير منصبًا لبعض الوقت على الأقل. يشير كلٌّ من كرومبتون وبيغن إلى أنّ الغوريلا الحديثة تترك آثار أقدامٍ أكثر شبهًا بآثار أقدام الإنسان من آثار أقدام الشمپانزي، لذلك فربما طوّر قردٌ آخر ذي صلةٍ بعيدةٍ أقدامًا مماثلةً قبل 5.7 مليون سنةٍ.

 

 

جاء الإعلان عن اكتشاف آثار الأقدام بعد شهورٍ فقط من تقديم بيغون وزملائه أدلةً على أن غريكوبيتكوس Graecopithecus (وهو قردٌ منقرضٌ غير معروفٍ كثيرًا وُجدت أحافيره في صخورٍ عمرها 7.2 مليون سنةٍ في أوروبا الشرقية) قد يكون في الواقع من أشباه البشر.

وقد ثبت أن ذلك الاقتراح مثيرٌ للجدل إلى حدٍّ كبيرٍ. فقد عارض بعض الباحثين البارزين فكرة أن أشباه البشر المبكرين قد عاشوا خارج أفريقيا. يقول بيغن: "هناك أشخاصٌ يرفضون الفكرة ببساطةٍ لأنهم يعتقدون أنها غير ممكنةٍ. ولكن من المقبول على نطاقٍ واسعٍ أنً الكائنات التي أصبحت حيوانات السافانا الأفريقية (كالزرافات، والظباء، وحيوانات وحيد القرن) قد عاشت في جنوب البلقان وهاجرت من هناك إلى أفريقيا".
 
من حيث المبدأ، يقول بيغن أنّه من الممكن أنّ أشباه البشر قد نشأوا أيضًا في أوروبا الشرقية وهاجروا جنوبًا مع تلك الأنواع الأخرى. ويقول: "هذا لا يعني أنّ ذلك صحيحٌ، لكنه بالتأكيد معقولٌ".
 
وكما يقول بيغن، فحتى مناقشة هذه الفكرة في الأوراق الأكاديمية الرسمية هو أمرٌ صعبٌ. فقد استغرق الأمر شهورًا حتى عثر بيغن على مجلةٍ مستعدةٍ لنشر أبحاث غريكوبيتكوس، على الرغم من أنّ الأوراق قد كتبها باحثون جيدون. ويقول ألبرغ إن الورقة المتعلقة بآثار أقدام تراتشيلوس قد واجهت نفس الصعوبة في نشرها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات