يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الطريق إلى استكشاف الكويكب المعدني الغامض

تُظهِر الصورة تصوراً فنياً خيالياً، يصف فيها ملامح المركبة الفضائية الحاملة على متنها بعثة كويكب سايكي Psyche، التابعة لوكالة ناسا الفضائية، بالقرب من المكان المستهدف للبعثة، وهو الكويكب سايكي، الذي يُعتقد أنه مجرد نواة كوكبية باقية من كوكب آخر. أُنشئت هذه الصورة في أيار/مايو 2017، لإظهار الصفائح الشمسية الخمسة المخطط لها للمركبة الفضائية. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech/Arizona State Univ./Space Systems Loral/Peter Rubin

تسعى وكالة ناسا الفضائية بمحاولات حثيثة إلى اكتشاف المناطق العميقة في النظام الشمسي، حيث يُعدّ هذا المجال واحداً من المجالات الرئيسة الهامة لدراسة الكون، الذي بإمكانه مساعدة الباحثين في الإلمام بماهية النظام الشمسي والكون.

أحد الأهداف التي تقصدها حملة جمع البيانات هو عالمٌ غامض يسمى كويكب سايكي، الذي يقبع في حزام الكويكبات asteroid belt.

يختلف كويكب سايكي عن ملايين الكويكبات الأخرى؛ بسبب سطحه المكشوف المحتوي معدنَي النيكل والحديد، ويعتقد الباحثون في جامعة ولاية أريزونا في مدينة تيمبي، بالشراكة مع مختبر الدفع النفّاث التابع لوكالة ناسا الفضائية في مدينة باسادينا في ولاية كاليفورنيا، أنّ نواة الكويكب المكتشف هي مجرد بقايا كوكب ظهر مبكراً في الكون (يعُتقد أنه كان عبارة عن جزء من نواة جسم أكبر بكثير انفصل عنه لأسباب غير معلومة، لكنها على الأغلب اصطدام كوني المصدر: ويكبيديا… المترجمة).

لا يستطيع الباحثون اكتشاف جوهر أي كوكب مباشرةً، بما في ذلك كوكبنا، إلا أن كويكب سايكي يعطي نظرة استثنائية إلى قلب التاريخ العنيف للنظام الشمسي.

يقول ديفيد أوه David Oh، مهندس أنظمة المشاريع الرئيس في مختبر الدفع النفاث: "يُعتبر حجم كويكب سايكي فريداً من نوعه؛ إذ يُعدّ أكبر كويكب معدني في الكون حتى الآن، حيث يبلغ حجمه حجم ولاية ماساشوستس، سيمنحنا استكشاف كويكب سايكي معطيات معرفية متعلقة بتشكيل الكواكب، حول كيفية تكون النوى الكوكبية، وبالقدر نفسه من الأهمية، سنتطلع إلى اكتشاف نوع جديد من العالم".

وأضاف: "لقد تفحصنا عوالم صخرية، وجليدية، وغازية، لكن لم تسنح لنا الفرصة لإلقاء نظرة حول العالم المعدني، وهو ما يشكل علامة فارقة بالنسبة للاكتشافات الحديثة ذات النمط الكلاسيكي، التي طالما أنتجتها وكالة ناسا الفضائية".

إنّ دراسة كويكب سايكي ليس بالأمر الهين؛ إذ يتطلب ذلك توفر نظام دفع متطور، وأداءً استثنائياً، بالإضافة إلى ذلك يجب أن يكون النظام مدعوماً أمنياً، وفعّالاً من ناحية التكلفة، وهذا ما دفع فريق البعثة للاستعانة بمركز جلين للأبحاث التابع لوكالة ناسا الفضائية، حيث لديها نظام دفع كهربائي متقدم SEP، استمر لعقود.

تستخدم الدافعات SEP غازات خاملة، مثل الزينون xenon، التي تُنشَّط بواسطة الطاقة الكهربائية المتولدة من صفائح الطاقة الشمسية، ما يمَكّنها من تفعيل عملية الدفع المعتدل بلا توقف.

وتوضح كارول توليبرت Carol Tolbert، مديرة مشروع اختبار نظام الدافع الخاص ببعثة كويكب سايكي في مركز جلين للأبحاث التابع لوكالة ناسا الفضائية: "إنّ نوع ومقدار الوقود اللازم لدفع المركبة الفضائية هو عاملٌ هامٌ بالنسبة لمخططي بعثات الفضاء السحيق، ويعتبر استخدام نظام الدفع SEP، مثل النظام المستخدم لهذا الغرض، فعّالاً وذا كفاءة بمستويات أعلى من نظام الدفع الكيميائي التقليدي، الذي سيكون غير عملي لهذا النوع من المهام".

علاوةً على ذلك، تتيح كتلة الوقود المنخفضة دخول البعثة إلى المدار الخاص بكويكب سايكي، وإعطاء مساحة إضافية للحمولة العلمية التابعة للبعثة، التي تشمل جهاز تصوير متعدد الأطياف، ومقياس المغناطيسية، ومطياف أشعة غاما، حيث ستقدم هذه الأدوات معطيات معلوماتية وافرة لفريق العلوم لاستكشاف أصل الكويكب، وبنيته، وتاريخه.

وتُعدّ المرونة والصلابة ميزتين إضافيتين يمتاز بها نظام الدفع SEP، ما يتيح للمركبة الفضائية الوصول إلى كويكب سايكي بسرعة وكفاءة تفوق سرعة وكفاءة نظام الدفع التقليدي.
 


الحقوق: مختبر الدفع النفاث
 

ستستخدم المركبة الفضائية لهذه البعثة التي سيتبناها مختبر الدفع النفاث بالشراكة مع شركة أنظمة الفضاء لورال (SSL Space Systems Loral) الدافع تحت تأثير هول SPT140 SPT-140 Hall effects thruster، لأن كويكب سايكي يبعد عن الشمس بمقدار ثلاثة أضعاف بُعد الأرض عن الشمس (يبعد الكويكب عن الأرض نحو 370 مليون كيلومتر، ويقع بين كوكب المريخ والمشتري...المترجمة)

كما يتطلب التحليق إلى كويكب سايكي اختباراً فريداً من نوعه للعملية التي يجريها الدافع ذو الطاقة المنخفضة، تحت ظل ضغوط منخفضة للغاية سيواجهها في الفضاء.

وقد دعا فريق البعثة التابع لمركز جلين للأبحاث، وعددٌ من الخبراء في مجال الطاقة والدفع الفضائي إلى تثبيت الدافع في مساحته المخصصة في مختبر الدفع الكهربائي التابع للمركز. وأوضحت توليبرت قائلة: "ستكون هذه البعثة أولى من تستخدم نظام الدافع تحت تأثير هول، خارج نطاق المدار القمري، لذلك كانت هناك حاجة ملحة لإجراء اختبارات عدة في مركز جلين للأبحاث، والتي لم يسبق لها مثيل قط، لضمان كفاءة أداء العملية التشغيلية للدافع، في بيئة الفضاء السحيق، كما هو متوقع منها".

يعتبر المرفق الموجود في مركز جلين للأبحاث التابع لوكالة ناسا الفضائية هدفاً رئيسياً لاختبار نظام الدفع الكهربائي والطاقة لمدة تزيد عن أربعين عاماً؛ إذ يضم المرفق بين جنباته غرفاً خاضعة لمقاييس البيئة الفضائية، التي تحاكي فراغ ودرجات حرارة الفضاء.

ويوضح أوه: "إنه أمر بالغ الأهمية للبعثة، لأننا نريد الحصول على اختبار أداء بالغ الفعالية يضاهي فعالية أداء تحليق المركبة الفضائية، وبالمثل نريد التحليق إلى الفضاء بمستوى عالي الكفاءة يضاهي مستوى أداء المركبة الفضائية للاختبار الفعّال. إذ لدى مركز جلين للأبحاث مرفقٌ متطورٌ بمقاييس عالمية، من شأنه أن يتيح لنا فرصة إجراء الاختبار، تحت ظل ضغوط منخفضة للغاية، لمحاكاة البيئة الفضائية، التي ستعمل المركبة الفضائية فيها، وبالتالي سيُكسبنا ذلك طريقةً مثلى لسبر معرفي عميق متعلق بكيفية اتخاذ الدافع عملية تشغيلية فعّالة في مدار يدور حول كويكب سايكي".

ويواصل أوه بقوله: "تؤكد نتائجنا للوهلة الأولى مصداقية توقعاتنا المتعلقة بالطريقة التشغيلية المثلى التي سيتبعها الدافع، لكن نحتاج إجراء المزيد من العمليات التحليلية الخاصة بصقل النماذج".

من المتوقع إطلاق البعثة في آب/أغسطس عام 2020، وحتى ذلك الحين، سيكرس فريق البعثة مهمته في الاستفادة من البيانات التي جمعها مركز جلين للأبحاث؛ من أجل تحديث نمذجة الدافع، ودمجها في مسارات البعثة.

تتضمن الأهداف العلمية التي تسعى بعثة كويكب سايكي لتحقيقها الآتي: إلقاء الضوء على كيفية تشكل لبنات الكوكب، واستكشاف نوعٍ جديدٍ من العالم فريدٍ من نوعه. ومن الجدير بالذكر، أن فريق البعثة يتطلع إلى الكشف عن غموض كويكب سايكي، للإجابة عن أحد السؤالين المحتملين: هل تصنف نواة كويكب سايكي كبقايا كوكب آخر ظهر في وقت مبكر في الكون، وكم يبلغ عمره؟، أو هل تشكل الكويكب بطرق مماثلة لبنية الأرض، وما هي طبيعة سطحه؟

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات