كيوتيك (QuTech)، تي يو ديلفت (TU Delft)، سكسيل (Scixel)
من الممكن جداً أن يكون الإنترنت الكمي أول تكنولوجيا معلومات كمية تتحول لواقع. باحثون في كيوتيك QuTech في ديلفت Delft، هولندا، قاموا بنشر دليل شامل نحو هذا الهدف في مجلة ساينس Science. ويصف هذا الدليل ستة مراحل، يبدأ مع شبكاتٍ بسيطة من الكيوبتات (qubit) التي بإمكانها مسبقاً السماح باتصالاتٍ كمومية آمنة (وهي المرحلة التي من الممكن أن تتحقق في المستقبل القريب) وينتهي التطوير بشبكاتٍ من الحواسيب الكمية (Quantum computers) المتصلة كمياً بشكلٍ كامل. في كل مرحلة، تصبح تطبيقات جديدة متاحة، مثل تزامن دقيقٌ جداً للساعة، أو دمج تلسكوباتٍ مختلفة على الأرض في تلسكوبٍ فائق افتراضي واحد. هذا العمل يخلق لغة شائعة توحد مجال التشبيك الكمي المتعدد التخصصات من أجل تحقيق حلم الإنترنت الكمي العالمي.
سيحدث الإنترنت الكمي ثورة في تكنولوجيا الاتصالات من خلال استغلال ظواهر من الفيزياء الكمية مثل ظاهرة التشابك الكمي (quantum entanglement)، حيث يعمل الباحثون على تكنولوجيا تتيح انتقال البت الكمي (الكيوبت) (qubit) بين أي نقطتين على الأرض. مثل هذين البتيّن الكميين يمكن أن يكونا صفراً أو واحداً في نفس الوقت، وباستطاعتهما أيضاً التشابك، أي أن يتم دمج مصيرهما بطريقة تجعل أي عملية تجرى على إحدى الكيوبتات تؤثر مباشرةً على حالة الكيوبت الآخر.
هذا يجلب ميزتين تم برهنة عدم القدرة على وصولهما من خلال الإنترنت الذي نعرفه اليوم: الميزة الأولى هي أن التشابك يسمح بتنسيق مطوّر بين موقعين بعيدين، والذي بدوره يجعله مناسباً جداً لمهام مثل مزامنة الساعة أو ربط تلسكوبات بعيدة مع بعضها البعض من أجل الحصول على صورٍ أفضل. الميزة الثانية هي أن التشابك الكمي آمن بطبيعته، أي أنه إذا تشابك كيوبتين إلى أقصى حد، لن يستطيع أي شيء في الكون أن يملك أي جزء من ذلك التشابك. هذه الميزة تجعل التشابك مناسباً بشكلٍ فريد للتطبيقات التي تتطلب الأمن والخصوصية.
العديد من تطبيقات الإنترنت الكمي الأخرى معروفة مسبقاً، ومن المرجح أن يتم اكتشاف المزيد من التطبيقات مع ظهور الشبكات الكمية الأولى على الإنترنت. باحثون في كيوتيك QuTech، وهو تعاونٌ بين جامعة ديلفت Delft للتكنولوجيا، ومنظمة هولندا لأبحاث العلوم التطبيقية TNO، وضعوا قُدُماً مراحل لتطوير الإنترنت الكمي المتميز بالقدرات التكنولوجية والتطبيقات المنسجمة.
تسمح أدنى مرحلة من الشبكة الكمية الحقيقية - شبكة قياس وتحضير - بتوصيل الكيوبتات من طرف إلى طرف بين أي عقدتين بالشبكة، كيوبت واحدة في كل مرة. هذا كافي بالفعل لدعم العديد من تطبيقات التشفير لشبكة كمومية. إن أعلى مرحلة هي هدف بعيد المدى من توصيل حواسيب كمومية ضخمة حيث يمكن تنفيذ التطبيقات الكمية العشوائية.
بالإضافة إلى توفير دليل لمزيدٍ من التطوير، يضع العمل تحديات للجهود الهندسية ولتطور التطبيقات. تقول ستيفاني وينر Stephanie Wehner، المؤلفة الرئيسية للعمل: "من جهة، نود بناء مراحل أكثر تقدماً على هكذا شبكة، ومن الجهة الأخرى، يواجه مطوري البرامج الكمية تحدياً للحد من متطلبات بروتوكولات التطبيقات بما يتيح إطلاق هذه التطبيقات مع أكثر القدرات التكنولوجية تواضعاً في المرحلة الأدنى".
ويضيف الكاتب المشارك رونالد هانسون Ronald Hanson: "هذا العمل يعمل على إنشاء لغة مطلوبة بشدة في مجال فيزياء التشبيك الكمي العابر المتعدد التخصصات، علم الحاسوب، والهندسة".
يتوقع أن يتم إطلاق أول شبكة كمومية حقيقية في السنوات القادمة، والتي تسمح بانتقال الكيوبتات من طرف إلى طرف آخر في الشبكة، مبشّرةً ببزوغ فجر الإنترنت الكمي واسع النطاق.
