مركبة إنسايت تسجل صوت رياح المريخ

إحدى ألواح إنسايت الشمسية التي يبلغ عرضها 7 أقدام (2.2 متر) كما صورتها أداة التصوير المثبتة بالذراع الروبوتية للمركبة. حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech 
 

زودتنا مركبة ناسا المريخية إنسايت التي هبطت مؤخراً على المريخ بـ"الأصوات" الأولى للرياح المريخية على الكوكب الأحمر.

التقطت أجهزة استقبال إنسايت دمدمةً منخفضة ناتجة عن اهتزازات الرياح، وقد قُدرت سرعتها بين 10 إلى 15 ميل في الساعة (5 إلى 7 أمتار في الثانية) في الأول من ديسمبر/كانون الأول وهي تتحرك من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، وكانت هذه الرياح مترافقة مع اتجاه مسير دوامة رملية ضربت موقع الهبوط والتي رُصِدت من المدار.

يمكنك سماع الأصوات التي سجلتها مركبة إنسايت في الفيديو التالي:



يقول بروس بانيرت Bruce Banerdt، الباحث المسؤول في مختبر الدفع النفاث JPL التابع لناسا في باسادينا كالفورنيا: "التقاط هذا الصوت كان مفاجئةً غير متوقعة، ولكن أحد أهداف مهمتنا هو قياس الحركة على المريخ وطبعاً يشمل ذلك الحركة الناتجة عن موجات الصوت".


التقط جهازان فائقا الحساسية على المركبة اهتزازات هذه الرياح، وهما: جهاز قياس ضغط الهواء الموجود داخل المركبة ومقياس الزلازل الموجود على سطح المركبة الذي تستعد المركبة لنشره على سطح المريخ عن طريق الذراع الروبوتية الخاصة بالمركبة.


سجلت الأداتان ضجيج الرياح بطريقتين مختلفتين حيث قام حسّاس ضغط الهواء، وهو جزء من نظام الاستقبال الفرعي الإضافي والذي سيجمع بيانات الرصد الجوي، بتسجيل هذه الاهتزازات بشكل مباشر، في حين سجّل مقياس الزلازل اهتزاز المركبة الذي نتج عن تحرّك الرياح فوق الألواح الشمسية الخاصة بالمركبة، حيث يبلغ قطر اللوح الواحد 7 أقدام (2.2 متر) والتي تبرز من المركبة وكأنها أذنتين عملاقتين.


لن يتمكن مقياس الزلازل، والذي يدعى التجربة الزلزالية للبنية الداخلية SEIS، من رصد الاهتزازات المنعكسة من المركبة مباشرة إلا في هذا الجزء من المهمة لأنه بعد بضعة أسابيع سيوضع فوق سطح الكوكب عن طريق ذراع روبوتية وبعدها سيُغطّى بدرع لحمايته من الرياح وتغيرات الطقس، ولكن سيتمكن بالرغم من ذلك من رصد تحركات المركبة . في الوقت الراهن سيستخدم العلماء بيانات الاهتزاز لعزل الضجيج الناتج عن المركبة عندما يوضع المقياس فوق السطح مما سيسمح لهم برصدٍ أكثر دقة للزلازل المريخية.


عندما تحدث الزلازل على كوكب الأرض فإن اهتزازاتها، التي ترتد داخل كوكبنا، تولد صوتاً رناناً بشكلٍ مشابهٍ لرنين الجرس. ستدرس إنسايت أثر الزلازل المريخية على المريخ، حيث سيحدد مقياس الزلازل هذه الهزات التي ستخبرنا عما يوجد في باطن الكوكب الأحمر، ويأمل العلماء أن يزودنا هذا بمعلومات جديدة عن تشكل كوكبنا بشكل خاص وباقي كواكب المجموعة الشمسية بشكل عام.


يتكون SEIS من مجموعتين من أجهزة قياس الزلازل صنعهما المركز الوطني لأبحاث الفضاء الفرنسية، وستُسخدمان فور إنزالهما من المركبة إلى سطح الكوكب. ويتضمن SEIS أيضاً مستقبلَين من السيلكون قصير المدة طوّرهما معهد لندن الملكي بأدوات كهربائية من جامعة أوكسفورد Oxford في المملكة المتحدة. سيعمل هذان المستقبلان أثناء وجودهما على المركبة وهما قادران على تحديد الاهتزازات بترددٍ يساوي 50 هيرتز تقريباً، وهي العتبة الحدية السفلية لمجال السمع عند الإنسان.


يقول توم بايك Tom Pike، عضو في فريق العلماء ومصمم مستقبلات في معهد لندن الملكي: "تعمل مركبة إنسايت مثل الأذن العملاقة، حيث تستجيب الألواح الشمسية لتقلبات ضغط الرياح، كما لو أنّ إنسايت تثني أذنيها لكي تسمع صوت الرياح. يتطابق بحثنا عن اتجاه اهتزازات المركبة والناجمة عن الألواح الشمسية مع الاتجاه المتوقع للرياح في موقع الهبوط".

قارن بايك هذا الأمر مع علم تحركه الرياح، فعندما تصدم الرياح بالعلم فإنه يولد تذبذبات في ضغط الهواء تفسرها الأذن البشرية كتموجات في سطح العلم. من جهة أخرى، سيقوم جهاز الاستقبال بتسجيل التغيرات في الضغط من هواء المريخ الرقيق مباشرة.


يقول دون بانفيلد Don Banfield، عالم مسؤول عن جهاز الاستقبال في مهمة إنسايت من جامعة كورنيل في إيثاكا، نيو يورك: "هكذا هو الصوت حرفياً - تغيرات في ضغط الهواء، فأنت تسمع ذلك كلما تحدثت مع شخص ما في الغرفة".


على خلاف الاهتزازات التي يسجلها مستقبل قصير المدة، يسجل جهاز الاستقبال اهتزازات الصوت بتردد 10 هرتز، أي لا يمكن للأذن البشرية سماع ذلك.

اصطردت عينات الصوت الخام من جهاز قياس الزلازل بدون تعديل، أما النسخة الثانية فقد رُفعت أوكتافين اثنين لكي تسمعها الأذن البشرية - وخصوصاً عندما تُشغَّل عبر مكبرات الحاسب المحمول أو الموبايل. أما العينة الثانية فقد سُرِّعت لمئة ضعف مما زاد من ترددها.


لا يوجد صوت أكثر وضوحاً حتى الآن، ولكن بعد سنتين ستهبط مركبة ناسا الجوالة Mars 2020 محملة بمكبريّ صوت على متنها، الأول والذي صنعه مختبر الدفع النفاث JPL أضيف خصيصاً لتسجيل صوت الهبوط فوق المريخ للمرة الأولى، والثاني هو جزء من كاميرا فائقة سيتمكن من تحديد صوت الليزر أثناء مسحه لمواد مختلفة. سيساعد هذا بتحديد هوية هذه المواد بناء على التغير في تردد الصوت.


يدير مختبر الدفع النفاث مركبة إنسايت في مجلس إدارة مهمات ناسا العلمية في واشنطن، تعتبر إنسايت جزءاً من برنامج ناسا الاستكشافي والذي يديره مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لناسا في هانتسفيل، ألاباما.


صنعت شركةُ لوكهيد مارتن الفضائية في دنفر مركبةَ إنسايت بجزأيها (الجزء المتعلق بالسفر عبر الفضاء والجزء المتلعق بالهبوط فوق الكوكب)، كما أنها تدعم العلميات الفضائية المتعلقة بالمهمة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات