نموذج خلية آلن المتكاملة تأخذ العلماء إلى داخل الخلايا البشرية الحية

أطلق معهد آلن لعلم الخلية Allen Institute for Cell Science في شهر أيار/مايو من العام الحالي أول نموذج ثلاثي الأبعاد تنبؤي وشامل للخلية البشرية، ويدعى خلية آلن المتكاملة Allen Integrated Cell. من خلال السماح للباحثين حول العالم برؤية عدة هيكليات داخل الخلية في نفس الوقت، تؤمّن خلية آلن المتكاملة أساساً لفهم الخلايا ودراسة نماذج الأمراض البشرية.

 

تصورمرئي لعدة هيكليات معاَ ضمن الخلية البشرية. أخذ الباحثون صوراً لخلايا محقونة بمواد (وسوم) مشعة وطبقوا عليها الذكاء الاصطناعي، حيث استخدمت رؤية الحاسب الخاصة بالذكاء الاصطناعي ما تعلمته من الخلايا ذات الوسوم المشعة لإيجاد الهيكليات الخلوية في الخلايا غير المشعة. يمكن استخدام هذا النموذج عديم الوسوم بطريقة سهلة نسبياً للحصول على صور مجهرية مضاءة. حقوق الصورة: معهد آلن لعلم الخلية Allen Institute for Cell Science.
تصورمرئي لعدة هيكليات معاَ ضمن الخلية البشرية. أخذ الباحثون صوراً لخلايا محقونة بمواد (وسوم) مشعة وطبقوا عليها الذكاء الاصطناعي، حيث استخدمت رؤية الحاسب الخاصة بالذكاء الاصطناعي ما تعلمته من الخلايا ذات الوسوم المشعة لإيجاد الهيكليات الخلوية في الخلايا غير المشعة. يمكن استخدام هذا النموذج عديم الوسوم بطريقة سهلة نسبياً للحصول على صور مجهرية مضاءة. حقوق الصورة: معهد آلن لعلم الخلية Allen Institute for Cell Science.

 

يقول المدير التنفيذي لمعهد آلن لعلم الخلية الدكتور ريك هورويتز Rick Horwitz: "إنّها طريقة جديدة لرؤية ما بداخل الخلايا البشرية الحية... إنه كرؤية الخلايا بأكملها للمرة الأولى. في المستقبل، سيؤثر هذا على اكتشاف الأدوية وأبحاث الأمراض وكيفية تأطيرنا للدراسات الأساسية حول الخلايا البشرية".
 

يضيف مدير الخلية المتحركة The Animated Cell الدكتور غراهام جونسون Graham Johnson: "كل عالم أحياء لديه نماذج تخيلية لخلايا كاملة قام بتجميعها عبر مسيرته من خلال معلومات حصل عليها من عشرات الأنواع المختلفة من البيانات. توفّر خلية آلن المتكاملة خياراً جديداً ترتبط فيه التصورات المرئية ثلاثية الأبعاد لخلايا حية كاملة مع أدوات التحليل للسّماح باستكشاف وتوليد للنظريات أكثر مباشرةً واعتماداً على البيانات".


تلخِّص خلية آلن المتكاملة مجموعة كبيرة من الخلايا البشرية المعدلة جينياً من قبل معهد آلن لعلم الخلية لتتضمن وسوم بروتينية مشعة. هذه الوسوم تضيء هيكليات معينة داخل الخلايا كالنواة والميتوكوندريا. أخذ العلماء صوراً لعشرات الآلاف من هذه الخلايا المضيئة واستخدموا الذكاء الاصطناعي لدراستها.


في البداية، قام الباحثون بتطوير خوارزمية حاسوبية تقوم بدراسة شكل الغلاف البلازمي والنواة وغيرها من الهيكليات الخلوية ذات الوسوم المشعة لتعلُّم العلاقات المكانية بينها. نتج عن هذا التدريب نموذج احتمالي قوي يمكنه التنبؤ بدقة بالشكل والموضع الأكثر احتمالاً للهيكليات الموجودة في أي خلية، وذلك بالاعتماد فقط على شكل الغلاف البلازمي والنواة.
 

بعد ذلك، أخذ الباحثون صوراً لهذه الخلية الموسومة إشعاعياً ذاتها وطبّقوا عليها خوارزمية مختلفة لتعلم الآلة. استخدمت هذه الخوارزمية ما تعلمته من الخلايا ذات الوسوم الإشعاعية لإيجاد الهيكليات الخلوية ضمن الخلايا التي لا تحوي وسوماً إشعاعية. يمكن استخدام هذا النموذج عديم الوسوم بطريقة سهلة نسبياً للحصول على صور مجهرية مضاءة تحوي تصور مرئي لتكامل العديد من الهيكليات ضمن الخلايا في الوقت نفسه وبدقة عالية. عند مقارنة الصور الناتجة عن المنهجية عديمة الوسوم مع صور الخلايا ذات الوسوم المشعة فإنها تبدو مطابقة لها تقريباً.


تقول مديرة النمذجة الدكتور مولي ماليكار Molly Maleckar: "إن الإشعاع المجهري مكلف وسام للخلايا، ولاسيّما عندما يستخدم كوسم في عدة هيكليات. تسمح طريقتنا للعلماء برؤية الخلايا وإجراء التجارب بتكلفة أقل من الإشعاع المجهري مع المحافظة على قوة التعرف على الهيكليات التي يؤمّنها الإشعاع المجهري ولكن دون أثره السام. إنّها تشمل أفضل الميزات من الطريقتين".


الدكتور مايكل إلويتز Michael Elowitz البروفيسور في مجالات البيولوجيا والهندسة البيولوجية والفيزياء التطبيقية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology، يضيف: "حتى الآن، كانت قدرتنا على رؤية ما يجري داخل الخلايا البشرية محدودة جداً. في السابق، كنا نستطيع رؤية البروتينات التي قمنا بوسمها عمداً فقط. لكن خلية آلن المتكاملة رائعة حقاً، فهي تسمح لنا برؤية مختلف البروتينات والمواد العضوية دون الحاجة إلى استخدام أي وسم. هذا يمهّد الطريق أمام طريقة جديدة وقوية جداً لدراسة بيولوجيا الخلايا. هذه الطريقة ستغيّر مجرى هذا العلم بشكل مؤكد".


منذ الإعلان عن نموذج خلية آلن المتكاملة في شهر آذار/مارس من العام الحالي بدأ العلماء والباحثون في مختلف المجالات باستغلال هذا النموذج لدعم دراساتهم، وساعد في ذلك كون هذه التقنية متوفرة للعموم وبشكلٍ مجاني. في مجال الأمراض البشرية على سبيل لمثال، يمكن لهذا النموذج مساعدة الباحثين على حل مختلف الألغاز الطبية، من السرطان وحتى داء الزهايمر.


روجر برينت Roger Brent أحد الباحثين في مركز فريد هاتشينسون لأبحاث السرطان Fred Hutchinson Cancer Research Center ومن المشاركين في تطوير النموذج، بدأ باستخدامه منذ أشهر عدة وقد لاقى إعجابه بشدة، حيث يقول: "إنها تسمح لك بواسطة الميكروسكوب برؤية أشياء ستكون مفيدة للباحثين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المناطق الأقل ثراءً وتطوراً".
 

"إنها رائعة حقاَ". يضيف غريغ جونسون Greg Johnson أحد العلماء في مركز آلن والذين ساهموا في تطوير النموذج، ويوضّح أنّه يمكن لهذا النموذج تسريع الجهود الهادفة إلى اكتشاف الخلل المؤدي إلى أمراض كالسرطان، وذلك من خلال منح العلماء طريقة سهلة وغير مكلفة نسبياً لمقارنة التركيب الداخلي للخلايا الصحية والمريضة.
 

: مثال على خلية آلأن المضمنة – نموذج ثلاثي الأبعاد لخليتين جذعيتين بشريتين مع ألوان تمثل البُنى الداخلية المتعددة لها. حقوق الصورة: معهد آلن لعلم الخلية
: مثال على خلية آلأن المضمنة – نموذج ثلاثي الأبعاد لخليتين جذعيتين بشريتين مع ألوان تمثل البُنى الداخلية المتعددة لها. حقوق الصورة: معهد آلن لعلم الخلية


أثبت النموذج فائدته بالفعل بالنسبة لبرينت، والذي يدرس الخلايا المسببة لعدوى الييست بهدف فهم العوامل التي تؤدّي إلى مرض بعض الخلايا بينما تبقى بقية الخلايا سليمة، حيث قام مختبره بتطوير نسخةٍ من نموذج معهد آلن بإمكانها إظهار البُنى الداخلية لخلايا الييست. يقول برينت: "آمل أنّه بنهاية الصيف، سيكون لدينا نماذج مدرَّبة بشكل جيد بإمكانها مساعدة بقية الباحثين هنا".


ويضيف برينت أن العتاد المادي اللازم لتشغيل النموذج ليس مكلفاً، حيث أن نموذج خلية الييست الخاص به مُشغل بواسطة ثلاث معالجات صور رخيصة الثمن مصممة لتشغيل ألعاب الفيديو. كما يؤكّد أنّه خلال العشر سنوات القادمة ستصبح الهواتف الذكية قادرة على تشغيل نماذج الخلايا ثلاثية الأبعاد، وهذا يعني أنه حتى في الدول النامية سيكون بإمكان أي مختبر تقليدي النظر داخل خلية سرطانية وتحديد العلاج المناسب.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات