أول تصميم لروبوت قادر على التنقل دون الحاجة للاتصال بنظام تحديد المواقع GPS


يمتلك نمل الصحراء قدرات استكشافية غير اعتيادية، ومنها استلهم الباحثون تصميماً جديداً للروبوتات أطلقوا عليه اسم آنتبوت AntBot، وهو أول روبوت قادر وبشكل عشوائي على استكشاف محيطه، والعودة مرةً ثانيةً إلى المنزل تلقائياً، دون الحاجة إلى الاتصال بنظام تحديد المواقع GPS أو الحصول على توجيه. يفتح هذا العمل الجديد المجال من أجل المزيد من الاستراتيجيات الخاصة بتنقل المركبات ذاتية الحركة أو الروبوتات.

في الوقت الذي تمتاز العين البشرية بكونها غير حساسة للضوء المستقطب والأشعة فوق البنفسجية، فإنّ الأمر مختلف بالنسبة للنمل الذين يستخدمونه لتحديد مكان وجودهم في الفراغ. حيث يمكنُ لنمل الصحراء، وعلى وجه الخصوص نوع كاتاغلفيز Cataglyphis، أن ينتقل لعدة مئات الأمتار وتحت أشعة الشمس المباشرة في الصحراء بحثاً عن الطعام، ومن ثم العودة في خط مستقيم إلى قريته، من غير أنْ يُضيع الطريق. لا يمتلك هذا النمل القدرة على استخدام الفيرمونات، ولكنها تخرج حين تكون درجة الحرارة كبيرة جداً. تعتمد تلك الموهبة الاستثنائية للنمل في التنقل على جزئيتين صغيرتين من المعلومات: (1) تحديد الوجهة المطلوبة باستخدام ما يشبه "البوصلة السماوية" من أجل توجيه نفسها باستخدام ضوء الاستقطاب السماوي، (2) المسافة التي تقطعها والتي يتم قياسها ببساطة عن طريق حساب عدد الخطوات وإضافتها إلى كمية الحركة بالنسبة إلى الشمس والتي تقاس بشكل بصري باستخدام العين. وعليه، فإنّ المسافة والوجهة هما الجزءان الأساسيان من المعلومات المطلوبة والتي يسمح دمجهما بعودة سلسلة للنحل العودة إلى قريتهم.

تمكّن الباحثون في مركز CNRS وجامعة إيكس مرسيليا (AMU) في ISM، من استنساخ القدرات الاستثنائية للنمل الصحراوي في التنقل. يتميز هذا التصميم الجديد بكونه مزوداً ببوصلة ضوئية تستخدم لتحديد الوجهة وذلك باستخدام الضوء المستقطب، وبمستشعر حركة بصري موجّه نحو الشمس لغرض قياس المسافة المقطوعة. متسلحاً بهذه المعدات، أظهر روبوت آنتبوت القدرة، كما هي الحال مع نمل الصحراء، على اكتشاف البيئة المحيطة والعودة بمفردها إلى قاعدتها الخاصة بها، بدقة تصل إلى 1 سنتمتر بعد قطعها مسافة تبلغ 14 متراً. يمتلك هذا الروبوت، الذي يبلغ وزنه 2.3 كغ فقط، ستة أقدام لزيادة القدرة على الحركة وبما يسمح لهم بالتنقل في البيئات المعقدة، وعلى وجه الخصوص في الأماكن التي يصبحُ فيها نشرُ الروبوتات والطائرات بدون طيار مسألة معقدة (على سبيل المثال، في مناطق الكوارث، والتضاريس الوعرة، واستكشاف التربة خارج كوكب الأرض، وما إلى ذلك).

تتميز هذه البوصلة الضوئية التي طورها العلماء باستشعار الأشعة فوق البنفسجية المستقطبة الموجودة في السماء. فباستخدام هذه "البوصلة السماوية"، يتمكن هذا الروبوت من تحديد الوجهة بدقة تبلغ 0.4 درجة سواء كان الطقس صحواً أو غائماً. أثبتت دقة التنقل المتحققة باستخدام أجهزة استشعار الحد الأدنى المذكورة بانّ الروبوت المستوحى من كائنات حية يمتلك قدرة هائلة على الابتكار. ومن خلال ما تقدم، يتضح لنا وجود ثلاث فوائد متحققة من الابتكار السابق: الفائدة الأولى تتمثل بوضع تصميم لروبوت جديد، الفائدة الثانية هي تصميم نوع جديد ومبتكر وغير اعتيادي من المستشعرات البصرية، أما الفائدة الثالثة فتتمثل بتحقيق فهم جديد لكيفية تجوّل النمل الصحراوي، وذلك من خلال تجربة العديد من النماذج التي تصورها علماء الأحياء لمحاكاة هذا الحيوان. ومن هنا نستنتج بأنه وقبل البحث عن التطبيقات التي يمكن تحقيقها والمتعلقة بصناعة الروبوتات الهوائية أو السيارات، على سبيل المثال، إنّ من الضروري إحراز تقدم بخصوص تلك الروبوتات. من تلك الأشياء هو كيفية تشغيل هذا الروبوت أثناء الليل أو تجربة إرساله لمسافات أطول.

تتكون البوصلة من بكسلين اثنين يعلوها اثنان من المرشحات المستقطبة بإمكانها التحول إلى مستشعر بصري مكافئ لها يتكون من صفين من 374 بكسل. حيث مثّل تحويل المرشحات وبشكل ميكانيكي أحد الابتكارات التي كان له دور بارز في تقليل كلفة إنتاج المستشعرات إلى حد كبير. بالتحديد انخفضت كلفة الإنتاج من 78000 يورو إلى بضع مئات من اليوروات، وذلك فيما يتعلق بالمحاكاة البيولوجية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات