الأسبوع القادم، حدوث كسوف شمسي كلي في أمريكا الجنوبية

تظهر هالة الشمس بشكلها الوديع فيما يحجب القمر أشعة الشمس أثناء الكسوف الكلي يوم 21 أغسطس/ آب 2017.
حقوق الصورة (ESO/P. Horálek/Solar Wind Sherpas project)


بدأ العد التنازلي ليوم 2 يوليو/ تموز.

في يوم الثلاثاء، 2 يوليو/ تموز، سيحجب القمر أشعة الشمس عن مساحات واسعة من مياه المحيط وبعض الأراضي الصغيرة، حيث سيشهد ذلك اليوم كسوفاً كلياً للشمس. وستتكرر هذه الظاهرة لأول مرة بعد الكسوف الأمريكي الكلي الذي وقع في يوم 21 أغسطس/ آب 2017.


ففي ذلك اليوم، سيعاود قرص القمر حجب نور الشمس حيث سيرسم ظلّه الداكن على سطح الأرض بمساحة يبلغ عرضها الوسطي 95 ميلاً (150 كيلومتراً). ولكن على خلاف الكسوف الكلي الذي شهده عام 2017، والذي أتاح عدة احتمالات لمراقبته من الأرض، فإنّ تأثير الكسوف لهذا العام 2019، والذي سيغطي 6800 ميل (11000 كيلو متر)، سيكون محصور تقريباً بمنطقة جنوب المحيط الهادئ.

 

مسار الكسوف



يبدأ تأثير الكسوف الكلي بالتزامن مع التوقيت المحلي لشروق الشمس، ليغطي 2175 ميلاً (4000 كيلومتر) شرق وشمال شرق العاصمة النيوزلندية ولينجتون. وسيلقي القمر بأولى ظلاله الداكنة عندما يتحرك فوق جزيرة أوينو، وهي جزيرة مرجانية نائية تشكل جزءاً من جزر بيتكيرن. وتوفّر جزيرة أوينو موقعاً فريداً لقضاء العطلات بالنسبة لسكان جزر بيتكيرن القلائل والذين يسافرون إلى هناك ويقيمون لمدة أسبوعين في شهر يناير/كانون الثاني، أي خلال فترة الصيف التي تطال نصف الكرة الجنوبي.


لا تتجاوز المساحة الكلية لجزيرة أوينو 120 فداناً، ولكن أبرز ما تعرف به هو طيور النوء مورفي Murphy التي تستعمرها، فمع احتضانها حوالي 12500 زوج منها، تُعتبر الجزيرة بحسب التقديرات ثاني أكبر مستعمرة لهذه الطيور في العالم. وستختبر هذه الطيور- وربما بعض مترقّبي ظاهرة الكسوف العظيمة- دقيقتين و53 ثانية من الكسوف الكلي عند الساعة 18:24 بتوقيت جرينتش.

تأتي لحظة الكسوف الأعظم بعد ساعة واحدة فقط، عندما يستمر على الخط المركزي لمسار الكسوف لأطول فترة وهي 4 دقائق و32,8 ثانية، وذلك في نقطة تبعد حوالي 1600 ميل (2,600 كم) جنوب غرب جزيرة إيزابيلا Isla Isabela التي تشكل جزءاً من جزر غالاباغوس Galapagos، مع بقائه فوق مياه المحيطات المفتوحة.

كما يتجاوز الظل في هذا الوقت جزيرة إيستر الرائعة، ليعبر نحو 670 ميلاً (1080 كم) إلى الشمال. ومع ذلك، ستحاول رحلة جوية خاصة "تعقّب" الظل باستخدام طائرة 787 دريملاينر Dreamliner، على أمل تمديد إجمالي المدة الزمنية إلى 9 دقائق.

لسوء الحظ، لن يكون هناك أي يابسة أخرى على طول مسار الظل فوق المحيط الهادئ والذي يبلغ 5900 ميل (9500 كم). ومن أصل المدة البالغة 161 دقيقة التي سيكون فيها ظل القمر واقعاً على الأرض، وفقط في الدقائق الأربعة الأخيرة سيخيّم الظلام على اليابسة مرة أخرى وتحديداً على وسط تشيلي عند الساعة 4:39 مساءً بحسب التوقيت المحلي (20:39 بتوقيت جرينتش)، قبل أن يواصل مساره بسرعة إلى جهة الشرق والجنوب الشرقي عبر وسط الأرجنتين. وسيختتم مسار الظل طريقه قبل الوصول إلى ريو دي لا بلاتا ودولة الأوروغواي، ليتلاشى عن الأرض عند غروب الشمس عائداً إلى الفضاء.

مراصد فلكية عالمية المستوى تتعقّب المسار



تُظهر هذه المحاكاة المسار المتوقع للشمس أثناء الكسوف فوق مرصد لا سيلا La Silla التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي في 2 يوليو/تموز 2019. حقوق الصورة (ESO/B. Tafreshi (twanight.org)/P. Horálek)
تُظهر هذه المحاكاة المسار المتوقع للشمس أثناء الكسوف فوق مرصد لا سيلا La Silla التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي في تشيلي في 2 يوليو/تموز 2019. حقوق الصورة (ESO/B. Tafreshi (twanight.org)/P. Horálek)


سيتجه مسار الظل باتجاه جنوبي شرقي، حيث يخيّم على وادي إلكي Elqui الذي يمتد على مسافة 87 ميلاً (140 كم) من المحيط الهادئ شرقاً إلى سفوح جبال الأنديز Andean. ويعرف هذا الوادي بطقسٍ جاف وصافٍ للغاية. ولعلّه السبب الرئيسي، برأي عالم الفلك وخبير الكسوف المخضرم فريد إسبيناك Fred Espenak، "وراء بناء سلسلة من المراصد الفلكية الدولية الكبرى هناك؛ فلا عجب أن يستقطب الوادي اهتمام العديد من بعثات دراسة كسوف 2019."

 

وبالفعل، من الغريب للغاية أنّ المرصد الأمريكي سيرو تولولو Cerro Tololo Inter-American Observatory؛ وهو منشأة عالمية من التلسكوبات الفلكية والأجهزة تقع على بعد 50 ميلاً (80 كم) شرق مدينة لاسيرينا في تشيلي، وعلى ارتفاع 7200 قدم (2200 متر)؛ سيدخل ضمن المسار الكلي ليشهد دقيقتان و6 ثوان من الكسوف الكلي.

وقد أعلنت حالياً العديد من المراصد الفلكية التي ستتعقب كامل مسار الكسوف الشمسي عن إمكانية بثه مباشر عبر شبكة الإنترنت؛ إليك كيفية مشاهدته مباشرة عبر الإنترنت.

بعد أن يمر الكسوف فوق تشيلي، تزداد سرعة الظل بشكل كبير ليبدأ في الاختفاء عن سطح الأرض تدريجياً. وفي الواقع، سيغطي الظل مسافة 800 ميل (1300 كم) عبر الأرجنتين في غضون 3 دقائق فقط. وهذا يعادل متوسط سرعة يبلغ 16000 ميل (26000 كم) في الساعة!

كسوف جزئي بنسبة ....



من المناطق الحضرية المعروفة التي ستشهد كسوفاً جزئياً كبيراً للغاية قُبيل غروب الشمس مدينتي مونتيفيديو (89٪) وسانتياغو (93٪).

لكن المنظر الأكثر تشويقاً على الإطلاق سيكون من بوينس آيرس، عاصمة الأرجنتين وأكبر مدنها، حيث سيتمكن سكان هذه المدينة البالغ عددهم 15,5 مليون نسمة من مشاهدة الظاهرة بمجرد أن يبدأ القمر بتغطية الشمس عند الساعة 4:36 مساءً حسب التوقيت المحلي، وبعد مرور ساعة وأكثر قليلاً أي عند 5:44 مساءً، سيختفي 99,5٪ من قرص الشمس، قبيل لحظات فقط من غروبها وراء الأفق. وستكون مواقع المشاهدة الرئيسية في المدينة هي أسطح المباني والأبراج الشاهقة، مما يوفر إطلالات خالية من العوائق باتجاه الشمال الغربي.

ولكن للاستمتاع بالمنظر العظيم للكسوف الكلي، سيحتاج المرء إلى التواجد ضمن مسار الكسوف عند اكتماله وذلك عبر السفر لمسافة حوالي 18 ميلاً (30 كم) باتجاه الجنوب الغربي. وهناك العديد من الطرق المؤدية إلى خارج المدينة نحو المسار. وأظن أنه سيكون هناك نزوح جماعي بعد ظهر ذلك اليوم من "باريس الجنوب"، من قبل أشخاص يأملون إلقاء نظرة العمر على الشمس المظلمة.

لسوء الحظ، فإن آفاق المشاهدة ليست جيدة. فبحسب ما كتبه عالم الأرصاد الجوية جاي أندرسن في "كتيّب أوبزرفر 2019" للجمعية الفلكية الملكية في كندا: "ينتهي مسار الكسوف في الضواحي الجنوبية لبوينس آيرس، لكن الموقع لا يُعتبر مغرياً بسبب ارتفاع الشمس بزاوية منخفضة عن الأفق وبلوغ معدل كثافة الغيوم في المنطقة حوالي 65٪".

كسوف في أماكن أخرى



سيظهر كسوف جزئي أيضاً من بنما وكوستاريكا وجزء من جنوب غرب نيكاراغوا، فضلاً عن معظم أمريكا الجنوبية، باستثناء القسمين الشمالي والشرقي.

في الجدول أدناه، قمت بإيضاح الظروف المحلية لـ 13 مدينة في أمريكا الوسطى والجنوبية وكذلك للمراكز السكانية الرئيسية في جزيرتين: جزر فوكلاند (F.I.) وجزيرة إيستر (E.I.). وتظهر المواعيد الزمنية في تواقيت المدن المحلية للأماكن المُدرجة في الجدول. وفي حالة غروب الشمس قبل انتهاء الكسوف، تم إعطاء ثلاث إشارات (- - -). كما تم إيضاح النسبة المئوية من قطر الشمس المحجوب بواسطة القمر. أما بالنسبة للكسوف الكلي، تشير العلامة النجمية (∗) إلى أنه الغروب أيضاً. بينما تشير العلامة النجمية المزدوجة (∗∗) إلى المقدار المخفي من قطر الشمس أثناء الغروب.


مواعيد حدوث الكسوف في مدن أمريكا الجنوبية.  حقوق الصورة: Space.com
مواعيد حدوث الكسوف في مدن أمريكا الجنوبية. حقوق الصورة: Space.com


في الختام، سيتعيّن على دول أمريكا الشمالية الانتظار حتى 10 يونيو/حزيران 2021 و14 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لاختبار ظاهرتين من الكسوف الحلقي ("على شكل حلقة نار")؛ وحتى في 8 أبريل/نيسان 2024 لاختبار الظاهرة المقبلة من الكسوف الأمريكي العظيم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات