أخبارٌ رائعة: انخفاضٌ كبير في أعداد وفيّات فيروس نقص المناعة البشري (HIV).

حقوق الصورة: GettyImages


نُشر في ديسمبر/كانون أول 18، 2020، 6:30 صباحًا
روبرت هـ. شميرلنج Robert H. Shmerling، دكتوراه في الطب
المحرر المسؤول بالكلية، Harvard Health Publishing

تركّز الأخبار العالمية بالطبع في هذا الشهر على محاولات احتواء جائحة كوفيد-19، إذ أصبحت اللقاحات الأوّلية متاحة، ولكن يمكننا الاحتفال أيضًا بنجاحٍ باهرٍ آخر في محاربة فيروس عالميّ كارثيّ مختلف، وهو فيروس نقص المناعة البشري.

في أثناء تدريبي كطبيبٍ في الثمانينات، كانت أجنحة المستشفىيات تمتلئ في أغلب الأوقات بمرضى يموتون بسبب فيروس نقص المناعة البشري، ومنذ ذلك الحين حوّلت الأدوية المضادّة للفيروسات -بشكل كبير- تشخيصَ عدوى فيروس نقص المناعة البشري، أو الإيدز من مرضٍ فتاك، وإيذانٍ بالموت إلى مجرّد مرض مزمن، وأصبحت حياة مرضى فيروس نقص المناعة البشري حياةً طبيعية -ولم يكن هكذا الحال من قبل-،
وقد قَلّلت الإجراءات الوقائية الموضَحة أدناه عدد الأشخاص المعرّضين للإصابة من الأساس، كما انخفضَ عدد الأشخاص الذين شُخّصوا حديثًا بفيروس نقص المناعة البشري في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أكثر من الثلثين منذ ذروة الإصابات بهذا الفيروس في الثمانينات.

تستمرّ الوفيات بسبب عدوى فيروس نقص المناعة البشري في الانخفاض إذ سَجلت دراسة نُشرت في التقرير الأسبوعي عن المراضة، والوفيّات في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 تقدمًا ملحوظًا:

• انخفض إجماليّ عدد الوفيات الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشري إلى أكثر من الثلث بين عامي 2010 و2018، من 19.4 إلى 12.3 لكل 1000 شخص.
• انخفضَت معدّلات الوفيّات المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشري إلى النصف تقريبًا من عام 2010 حتى 2017، من 9.1 إلى 4.7 لكلّ 1000 شخص.
• سُجلت أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشري بين ذوي البشرة الداكنة، ومن يعرّفون أنفسهم بلقب "العرق المختلط"، ومن يعيشون في الجنوب.
• معدّلات الوفيات بين الرجال المصابين بفيروس نقص المناعة البشري أقلّ قليلًا من النساء.
وقد عزى مؤلفو الدراسة انخفاض معدلات الوفيات إلى التشخيص المبكر والعلاج المتطور.

لا يزال هناك مجالٌ واسعٌ للتطوير:

لقد انخفضَ عدد الحالات الجديدة المصابة بفيروس نقص المناعة البشري بشكلٍ كبير في الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقد الماضي، ولكن في الوقت ذاته أشارَت أحدث البيانات من 2014 إلى 2018 إلى أنّ هذا الانخفاض قد يتباطأ، وأنه ليس بإمكان الجميع إجراء اختبار فيروس نقص المناعة البشري أو الحصول على الأدوية الأكثر فعاليّة، وهذا حقيقيّ بالأخصّ عند الأشخاص الذين لا يمتلكون تأمينًا صحيًا، أو تغذيةً جيدة، أو موارد أخرى.

هناك تباينٌ واضح في الرعاية الصحية بين الأشخاص المصابين بهذا الفيروس -كما هو التباين في ظروف كثيرة أخرى- ففي جميع أنحاء العالم، يؤثر الجنس، والعرق، والموقع الجغرافيّ على من يصاب بالمرض، ومن يتلقّى علاجًا فعالًا في الوقت المناسب، فتتعرض بعض المجموعات للمعاناة، والموت أكثر من غيرها.

يستحق تحقيق التقدم في منع، وعلاج فيروس نقص المناعة البشري احتفالًا، ولكن يظلّ أمامنا طريقٌ طويلٌ لنقطعه قبل إعلان النصر.

ماذا يمكنك أن تفعل الآن؟

إذا كنتَ غير مصابٍ بفيروس نقص المناعة البشري، اتبع التدابير اللازمة لبقاء الأمر كذلك:
• حدد نشاطك الجنسيّ لشريكٍ واحد، والذي بدوره يمارس الجنس معك فقط.
• استخدم الواقي الذكريّ دائمًا.
• لا تشارك الإبر أبدًا.
• إذا تعرّضتَ لخطر العدوى (مثلًا عن طريق الاتصال الجنسي أو الإبر)، تحدث مع مقدّم الرعاية الصحية الخاص بك، أو اذهب إلى مراكز الرعاية العاجلة ليعطوك أدويةً لمنع عدوى فيروس نقص المناعة البشري.
• ينتشر فيروس نقص المناعة البشري عن طريق ممارسات عالية الخطورة، مثل مشاركة الإبر، أو ممارسة الجنس غير الآمن مع شريك مصاب بفيروس نقص المناعة البشري، أو شريك لا يعرف حالته الصحية من حيث الإصابة به، إذ يمكن للأدوية المعروفة بPrEP (الوقاية قبل التعرض) أن تمنع العدوى إذا أُخذَت بانتظام، تحدث مع طبيبك بهذا الشأن.

إذا كنت مصابًا بفيروس نقص المناعة البشرية بالفعل، اذهب إلى طبيبك للمتابعة والعلاج، إذ يتوفّر عدد من الأدوية الفعالة للغاية التي تعمل على تقليل كمية الفيروس داخل جسدك، ويمكن لهذا منع مضاعفات إصابتك، وتقليل احتمالية نقل العدوى للآخرين.

إذا لم تكن متأكدًا من إصابتك بفيروس نقص المناعة البشري، ولكنك قد تعرّضت لاحتمالية العدوى، عليك حينها إجراء اختبار، إذ تشير المعدلات إلى أنّ واحدًا من بين كلّ سبعة أشخاص مصابين بفيروس نقص المناعة البشري لا يعرف أنه مصاب.

خلاصة القول:
منذ أن بدأ وباء فيروس نقص المناعة البشري، شهدنا تقدمًا هائلًا، إذ حدّد الباحثون السّبب وفهموا كيفيّة انتشاره، وأصبحَت الاختبارات عالية الدّقة متوفرة، واتُّخذت إجراءات للصحة العامة للحد من انتشاره، وتم تطوير أدوية فعالة، ولكن استغرق هذا التقدم العديد من السنوات، ولا يزال اللقاح غير متوفر لمنع عدوى فيروس نقص المناعة البشري، ولا تزال الإصابات الجديدة والوفيات المتعلقة بالفيروس شائعةً جدًا، ولايزال تباين مستوى الرعاية الصحية عَقبة في مواجهة فيروس نقص المناعة البشري.

لقد أوضحت لنا تجربة فيروس نقص المناعة البشري مدى خطورة مرض جديد معدٍ، حتى في المناطق ذات الرعاية الطبية المتطورة، وهذه حقيقة برزَت مؤخرًا خلال جائحة كوفيد-19.

هناك -بلا شك- العديد من الدروس المستفادة من الأمراض المعدية السابقة، مثل فيروس نقص المناعة البشري، والسارس، ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والإيبولا في صراعنا مع كوفيد-19، ولكن يمكن الاستفادة من تلك الدروس في الأمرين معًا فنطبّق الطرق المستخدمة في مكافحة كوفيد-19 -بما في ذلك صناعة لقاحات جديدة- في مكافحة فيروس نقص المناعة البشري أيضًا.

يستمرّ التقدم في مواجهة فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز وكلّنا أمل ربّما حتى في القضاء عليه تمامًا، وإنّ ما تعلمناه من عدوى فيروس نقص المناعة البشري على مرّ العقود السابقة، ومن جائحة كوفيد-19 خلال العام الماضي، عليه أن يجعلنا أكثر استعدادًا لمواجهة الوباء القادم.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات